ارتكب فارس سعيد السبعة وذمتها. وإن كانت الستة الأولى كذبًا وافتراءً وهلوسةً وتحريضًا وعنصريةً وتضليلًا، فالرجل أبى إلّا أن تكون السابعة حفلة “ضيقة” استقدم إليها فرقة زفّة “شوارعية” غير محترفة تطبّل له، أو عليه، ودعا إلى الحفل أسماء كأحمد فتفت ومروان حمادة الغنيين عن التعريف في المعجم الوطني والسياسي والأخلاقي.
مكان الحفل أمام قصر العدل، القصر الذي يطالب سعيد -رغم خفّة وزنه تمثيليًا- وأمثاله بتحويله إلى منبر أحكام سياسية عرفية تأتي ضمن فرمانات صادرة عن وكرهم العوكري. يريد هؤلاء القضاءَ الذي يعمل كمؤسسة تأتمر بأمر سادتهم، وتأتي إجراءاتها على “طبطابهم”، ويتداعون إلى حفل تهريجي بذيء يتعرّضون فيه للمحامين إذا ما استُخدم هذا القضاء بالشكل المنصوص عليه والذي لأجله تمّ تأسيسه.
الأمر ليس غريبًا على هذه الحفنة التي تحاضر، بفصاحة، بعفة الدولة ومؤسساتها، وتمارس، بوقاحة، انتهاك كلّ مسار يحترم الدولة -رغم غيبوبتها- ومؤسساتها -رغم السوس الذي ينخر عظامها-.
بلغت بهم الهلوسة المدفوعة سلفًا حدّ أنّهم باتوا يرضون لأنفسهم بأدوار المهرجين الفاشلين، وهي وإن كانت تليق بهم وبشكل بديع، إلا أنّها تبقى مهينة لشارعهم الذي بات متحيرًا في كيفية ترقيع فِعالهم، إلا مَن أصابته عدوى هلوساتهم، فمضى يردّدها خلفهم وصار مضحكة الناس.
عكسَ المشهد اليوم من أمام قصر العدل صورة واضحة عن طبيعة الصراع في لبنان، وشكّل اختصارًا وافيًا لشكل النزاع القضائي والسياسي: حفنة من قليلي الأخلاق، عديمي الوزن والفائدة من جهة، وفئة وازنة متماسكة ذات أخلاق رفيعة وحكمة متعالية من جهة ثانية. المفارقة أن شتات الجهة الأولى يستقوي، رغم هزاله، فيما الجمع المنظّم القوي في الجهة الثانية يحترف “تكبير العقل” وعدم الانزلاق إلى وحول الشتات السياسي الذي جمعته، في زمن رديء، المصلحة الأميركية.
أحمد فتفت، أحد ضيوف الحفل، تبنى كل كلمة يقولها المدعو سعيد، فيما تساءل الحاضرون عن سبب غياب ضيافة الشاي عن حفلهم ولو على سبيل مجاملة فتفت المشهور بضيافة الشاي.
والأعجب كان الضيف الآخر، المدعو مروان حمادة، الذي جاء معترضًا على مقاضاة سعيد ضمن الأطر القانونية المرعية الإجراء ليطالب بقضاء مستقل! بدا الرجل في حالة ضياع تام، فمن أبسط قواعد استقلالية القضاء هو تركه يعمل بالشكل الذي وُجد كي يعمل به.
المهم، زينة الحفل كانت فرقة الهتافات ذات العدد الضئيل والنوعية التي تحترف البذاءة وتتمثّل بسعيد، تتبنى أقواله وهلوساته إلى حدّ التهجم علانية على المحامين بأسلوب استعراضي يشبه إلى حدّ بعيد مشهد التعارك اللفظي في زقاق مخصّص للبذيئين في كلّ حيّ، زقاق لا يعبر منه أولاد البيوت وبناتها، كي لا يتلوّث سمعهم وبصرهم ببشاعة المشهد.
معذور من لا يعرف من يكون المدعى عليه فارس سعيد، ولكن بما أن الدهر الرديء أنزلنا وأنزلنا فتداولنا اسمه، هذه سطور تعرّف به: هو كائن ناطق اشتهر على منصة تويتر بكونه يغرّد 7/24 ضدّ حزب الله، حتى ولو كان مضمون تغريداته متعلقًا بحركة الكواكب، وللأمانة يشكّل حسابه “التويتري” وجهة لكلّ من يجد في يومه، ليلًا أو نهارًا، متّسعًا من ملل أو فراغ، فيجد ما يتسلى به قليلًا عبر قراءة الترهات المكتوبة بشكل يجعلها تبدو مواقف سياسية، مواقف لا وزن لها في أي سوق، وإن استخدمها الأميركي اليوم أو دفع فيها فلسًا فلسبب بسيط وهو “القَطعة” التي جعلته يستخدم أي أجير مهما تدنّت مؤهلاته، على سبيل “كمالة العدد”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.