أميركا ترفض إرسال قوات للدفاع عن أوكرانيا، إنما تدعمها عسكريًا (تعلن استعدادها لبيعها أسلحة لاستنزاف مواردها)، وتهدد بمعاقبة روسيا بشدة، أي بالفرض على كل الدول التي تتعامل مع روسيا بأن تتحول قسرًا نحو أميركا البديل، فالغاز الأميركي المسال، مثلًا، جاهز ليحل محل الغاز عبر نورد ستريم ٢.
أميركا تطعن فرنسا من خلال “تشليحها” صفقة الغواصات مع أستراليا، ومن ثم تفتح لها نافذة نحو دول الخليج، وذلك لتعويضها ببعض الفتات.
أميركا توقف الدعم الهجومي للتحالف في عدوانه على اليمن، لكنها مستعدة لبيع السعودية والإمارات أسلحة دفاعية بمليارات الدولارات.
أميركا تنهي وجود قواتها القتالية في العراق وتقرر بقاء الدعم اللوجستي والتدريبي، أي السطو على مقدرات العراقيين عبر بيع الاسلحة أيضًا.
أميركا تسحب قواتها من أفغانستان، بعد تحويلها لبرميل بارود مشتعل، ومن ثم تعرض على طالبان وبعض دول الجوار اتفاقيات أمنية ودفاعية، أي جعلهم تحت سيف الابتزاز المصلت على الدوام.
أميركا تعاقب سوريا الدولة باحتلال مصادر ثروتها وتحاصرها بقانون قيصر بحجة معاقبة النظام، وترك شعبها بأكمله وبكافة تلاوينه ليعاني ما يعاني جراء ذلك، وعندما تُحشر تفتح الباب للبعض مواربة كي ينفتح قليلًا جدًا عليها -ولكن من الباب الانساني فقط- تارة لأجل تلميع النموذج الذي يحرص عليه بايدن، وتارة أخرى لأجل الابتزاز، عسى وعل أن يدفعها ذلك قسريًا نحو المفاضلة بين بقاء الشعب مثخنًا بالجراح متمسكًا بأصالته، أو الذهاب به نحو وهم حلاوة التخلي عنها.
أميركا تحاصر لبنان، وبشكل غير مباشر، فهي تارة تمنع الانتعاش عبر عدم السماح له بتنويع الخيارات لانتشال شعبه من القعر الذي وصل إليه، وذلك عبر ودائعها السياسية في مفاصل القرار اللبناني، وتارة أخرى تسعى جاهدة للحفاظ على هيكل الدولة حفاظًا على مصالحها الكبرى ومصالح الأمن الصهيوني أيضًا، ولكن مع تجويف هذا الهيكل، وتجويع شعبه في الداخل مع مده بين الفينة والأخرى ببعض أنابيب الأوكسجين عبر القروض وغيرها من “المكرمات-الاستثناءات”، والحجة دائمًا حاضرة وجاهزة وغب الطلب لديها، والجميع يعلمها.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.