من الضرورة بمكان الحديث عن المشاريع الصهيونية في العراق لأسباب كثيرة في مقدمتها:
١. الصهيونية هي العدو اللدود الأول للعراقيين ولكافة شعوب المنطقة.
٢. وهي التي تخطط لكل المشاريع التخريبية في العراق والمنطقة.
٣. وهي التي ترسم مساحة نفوذها إلى ما هو أبعد بكثير من خارطة دولة فلسطين.
٤. وكل الأعداء من تكفيريين إرهابيين وأنظمة صحراوية عميلة من منشأ صهيوني خالص.
٥. منذ مدة طويلة وهي تتغلغل بأشكال مختلفة داخل العراق، منذ ما قبل نشوء كيانها اللقيط ودويلتها المزعومة “إسرائيل”
٦. غفلة الكثير من نخبنا الدينية والسياسية عن المشاريع الصهيونية التخريبية في العراق.
هذه الأسباب تدعونا للحديث بقوة عن المشاريع الصهيونية التخريبية في العراق، وتشخيصها، ووجوب مواجهتها بقوة لردعها، وإن استقرار العراق وتقدمه وازدهاره منوطة بقدراتنا على مواجهة هذه المشاريع.
أعتقد أن الصهاينة في العراق يتحركون على مسارين إستراتيجيين: الأول هو المسار الإبراهيمي الذي يحاولون من خلاله محو الهوية الدينية والثقافية في العراق وإبدالها بهوية صهيونية غير معلنة تجعل من العراق بلدًا تابعًا للصهيونية ومنقادًا لها. الإبراهيمية مسار متوازٍ مع المسار الثاني الذي لا يقل خطورة عن الإبراهيمية.
المسار الثاني هو الطائفية، بأن يتقسم العراق إلى أقاليم طائفية، وإن كانت لا تخضع لنظم إدارية مستقلة أو خرائط جغرافية مستقلة، لكنها من الناحية الفعلية تقسيمة تشتت العراق وتحدث الفرقة والنزاع في داخله وتعطل الكثير من مشاريعه التي يتطلع لها العراقي بفارغ الصبر.
ولو سأل سائل أليس في هذا تناقض؟ أليست الإبراهيمية ديانة جديدة “صهيونية” توحد خلفها من يختلف؟ فكيف تدعو للطائفية التقسيمية وتروج للإبراهيمية الوحدوية “وليست التوحيدية”؟
وأجيب قائلًا: لا تناقض ولا تعارض بين الدعوتين والمشروعين؛ فهي تقسم العراقيين طوائف تتناحر بعضها مع البعض الآخر، هذا سني (سلفي، صوفي، حنبلي، شافعي، مالكي، حنفي) وهذا شيعي لتترك كل طائفة بمعزل عن الأخرى، لا تلتقي معها إلا في سوح المنازلة المستعرة ثم تأتي لتصطاد كل طائفة وحدها بطريقة معينة. وقد ابتدع الصهاينة لنا بدعة الإبراهيمية ليتلقفها صبي أهوج يحلم بالزعامة التي لا يزال يمسك بأطرافها بطريقة “ما”، وهو يتخذ من عاصمة طائفة “ما” قلعة لتحركاته المشبوهة التي بدأت من الناصرية والحج إليها وبيوتها العتيقة التي تفوح منها رائحة وصلت إلى البصرة ومطارها وفنادقها وموانئها وستصل إلى العمارة ولن تتوقف عند السماوة والديوانية وغيرهما من القرى الإبراهيمية الجديدة بوكلاء “عمائم” لا تجيد القراءة والكتابة!
من هذا نستنتج أن المواجهة الأولى للصهيونية في العراق تبدأ من:
١. الوقوف أمام أي توجه طائفي يسعى لتمزيق وحدة الصف العراقي. علينا أن نعمل على إذكاء المشاعر الوطنية والتأكيد على الهوية الوطنية، وأن تنوعنا عامل من عوامل قوتنا وليس سبيلًا إلى تشتتنا وتفرقنا وتراجعنا.
٢. التصدي للمشروع الإبراهيمي ولجم صبيه الأهوج.
هذا المشروع الهدام الذي يشكل خطورة بالغة على مدن العراق الجنوبية على وجه الخصوص، علينا أن نكون بمستوى عالٍ من الوعي ونحن نتابعه، هذا المشروع التخريبي الذي يريد أن يلغي هويتنا ويبدلها بهوية أخرى أبعد ما تكون عن الهوية الإسلامية الأصيلة.
الأمر ليس سهلًا، ولا يمكن تغطيته بهذه الكلمات المختصرة، ويحتاج إلى جهود مكثفة تبدأ من:
١. القراءة ثم القراءة بوعي وحرص وتمييز بين الأشياء.
إن أخطر سلاح تواجهنا به الصهيونية لتنفيذ برنامجي الطائفية والإبراهيمية وما حولهما وما بعدهما هو التجهيل.
٢. علينا أن نسعى بجدية لتأسيس حلقات لقاء بين مختلف الشرائح الاجتماعية للمذاكرة والمباحثة والمداولة بالشأن العام على أسس:
- النوايا الطيبة.
- السعي الجاد للتغيير.
- عدم المماحكة والابتعاد عن التماري الفج غير المنتج.
- الانفتاح على الجميع وعدم الانطواء على الانتماء الضيق مؤكدين على هوية الوطن والجماعة.
- ضرورة التأكيد على النتائج (المخرجات) التي يجب أن تكون واقعية وقابلة للتطبيق.
وتأسيسًا على ذلك أنا أدعو لأن يلتقي بعضنا مع البعض الآخر بعيدًا عن المجال الأثيري (مواقع التواصل الاجتماعي) ولو بمستوى أن نلتقي مع شخص آخر على أن نسعى لتوسيع دائرة اللقاء لتشمل أكبر عدد من المجتمعين على الواقع بعيدًا عن الواقع الافتراضي الذي سنستثمره لنقل تجارب هذه الملتقيات ونتائجها وأخبارها فقط لا أن يبقى ذلك مستوى لقائنا وانشغالنا، لنلتقي ونتحدث بموضوعية وعلمية وعملية عن:
مشاكلنا وهمومنا وآمالنا وتطلعاتنا.
عن الأخطار التي تهددنا.
عن المشاريع الصهيونية التخريبية: الطائفية والإبراهيمية.
عن النتائج والحلول وكيفية تطبيق ذلك.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.