عندما نتكلم عن الانتخابات في الجنوب تَصلُح كلمة استفتاء أكثر لانعدام المنافسة هناك، وتحديدًا في دائرة صور – الزهراني التي لم يتغيّر واقعها رغم تغيّر الظروف في البلد بعد حراك السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ الذي هزّ غالبية القوى السياسية، إلا أن القوى ذات الشعبية في المنطقة، وتحديدًا حزب الله، الأقل تأثرًا من باقي القوى، بعد الإجراءات التي اتخذها الحزب لتخفيف معاناة الناس من بطاقة السجاد إلى المازوت والدواء الإيرانييَّن عدا عن مفاجآت يخبئها حزب الله للمرحلة المقبلة. لكن يبقى التحدي الأكبر هو رفع نسبة الاقتراع في هذه الدائرة.
من الواضح في هذه الانتخابات أن حزب الله سيعتمد أسلوبًا مختلفًا يتناسب مع تطورات المرحلة داخليًا وخارجيًا. لكن الثابت هو تحالفه مع حركة أمل. أما عن تغيير بعض نوابه فهو أمر لم تتضح معالمه بعد. كذلك الأمر عند حركة أمل حيث إنه بدأ التداول بأسماء مرشحين جُدد على لوائحها بشكل يشير الى أن نسبة التغيير ستكون كبيرة هذه المرة، مع الاتجاه الى أن يكون المرشحون من المنظمين داخل الحركة، التي تأخذ بعين الاعتبار تغيّر المزاج الشعبي العام نظرًا للواقع المعيشي والاقتصادي وتعلم جيدًا أن هذا التطور يتطلب منها جهدًا أكبر في هذه الانتخابات خاصة وأن في هذه الدائرة يترشح رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حصل على نسبة عالية من الأصوات (٤٢١٣٧) في انتخابات عام ٢٠١٨ بعد أن جُيّرت له الأصوات التفضيلية لأمل وحزب الله معًا، حيث لا يوجد في قضاء الزهراني مرشح لحزب الله. وهنا يكمن التحدي الأكبر لحركة أمل، تحدي الحفاظ على هذه النسبة.
أما على المقلب الآخر، فلم يُغيّر الحراك واقع المعارضة في الجنوب وفي هذه الدائرة تحديدًا، حيث لم يستطع حتى اللحظة تشكيل جبهة معارضة موحدة ترقى الى مستوى المنافسة أو إحداث معركة في هذه الدائرة. وضعف المعارضة ناتج عن عدم إيجاد رؤية موحدة لدى جميع الأطراف، وحتى اللحظة تجد أن مشهد المعارضة غير مكتمل، فاللقاء الوطني الديمقراطي يسعى لتوحيد المعارضة تحت شعار مواجهة المنظومة السياسية الفاسدة، باعتبار أن هذا شعار الحراك الحقيقي، بينما نجد أن هناك من يرفع شعارات مناقضة تمامًا ويعتبرهم أهل الحراك الحقيقي متسلّقين عليه وبعيدين كل البُعد عن أهدافه، كمجموعة “نبض الجنوب” التي ترفع شعارات معادية للمقاومة ولديها شعارات ضد الدويلة وضد السلاح وتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه الأمور في البلد الى المقاومة، وتلتقي بذلك مع القوات اللبنانية بالشعارات والتمويل على ما يبدو. إلا أن هذه المجموعة حضورها ضعيف في صور ومعدوم في الزهراني، ومن غير الوارد أن تلقى صدى لدى الجنوبيين الذين يعتبرون المقاومة من المسلمات ولا يرضون المساس بها مُرددين عبارة “لا خوف على المقاومة في الانتخابات”. أما المهندس رياض الأسعد المرشح الدائم في الزهراني فيقوم بحركة ناشطة على مستوى الجنوب على عكس الحزب الشيوعي الذي لم نشهد له حراكًا جديًّا على الساحة الجنوبية حتى اللحظة. وبالنسبة للمحامية بشرى الخليل المرشحة الدائمة في صور فهي لم تحسم أمرها بعد حتى الآن.
إذًا نستطيع القول إن دائرة صور – الزهراني هي الدائرة الوحيدة التي لا تتأثر بالتغيرات ولا تتغير توازناتها، وهي الدائرة الوحيدة التي تُعرف نتيجتها ليس فقط قبل إصدار النتائج إنما قبل خوض الانتخابات حتى.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.