تتسارع التطورات الميدانية في اليمن بشكل غير مسبوق منذ سنوات، وسط مساعِ دولية وأممية لعرقلة التقدّم السريع الذي تحققه قوات صنعاء نحو حسم معركة مدينة مأرب، وحفظ قوات حكومة هادي المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي من المأزق الاستراتيجي، خصوصًا مع خسارتهم محافظات عديدة، أبرزها مأرب والحديدة الاستراتيجيتان وسط وغربي البلاد.
وفي ظل تقدم قوات صنعاء في مديريات بمحافظة مأرب، وقد أصبحت على بعد كيلومترات قليلة من قلب مدينة مأرب، سيطرت خلال الأيام الماضية أيضًا على مناطق بعضها حيوي، في الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، بعد انسحاب مفاجئ لقوات هادي والميليشيات المتعاونة معها والمدعومة من السعودية والإمارات.
ومساء الإثنين، أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن قلقه من تطورات الوضع في مأرب والحديدة، مشددًا على ضرورة خفض التصعيد العسكري. وفي اليوم نفسه، أكدت البعثة الأممية في الحديدة انسحاب القوات المشتركة الموالية لحكومة هادي من مدينة الحديدة (مركز المحافظة) ومن مديريتي الدريهمي وبيت الفقيه وأجزاء من مديرية التحيتا، وسيطرة قوات صنعاء عليها.
وذكرت البعثة، في بيان، أن “هذا الانسحاب ترتبت عليه تغيرات كبيرة بخطوط التماس في المحافظة”، وقالت إن انسحاب القوات المشتركة جاء دون تنسيق معها، كما أعلنت حكومة هادي أن هذا التطور جاء دون أي توجيه منها.
وبعد أيام من انتقادات وتكهنات وتفسيرات حول أسباب انسحاب القوات المشتركة، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية، الإثنين، أن ما حصل هو “إعادة انتشار” للقوات في الحديدة وهو يتماشى مع خططه المستقبلية.
ومنذ أشهر، استطاعت قوات صنعاء السيطرة على مديريات في محافظة مأرب النفطية، ومديريات أخرى في محافظة شبوة المجاورة، وأعلنت أنها باتت مسيطرة على كامل مديريات مأرب، باستثناء كل من مديرية مأرب التي تحوي مركز المحافظة ومديرية الوادي التي تحوي حقول النفط والغاز.
وفي محافظة شبوة النفطية، سيطرت قوات صنعاء أيضًا على ثلاث مديريات قبل نحو شهرين، بما في ذلك مدينة عتق مركز المحافظة.
التطورات الأخيرة في الحديدة خلّفت ردود فعل سلبية حول نوايا السعودية والإمارات، وكذلك أثارت استياءً من عمق تبعية قوات هادي إلى مستوى أن تُقرّ هكذا خطوات كبيرة ومؤثرة في مسار المعارك من دون التشاور معها أو من دون وضعها في صورة هذه القرارات، كحدّ أدنى.
وفي هذا السياق، قال الكاتب اليمني عادل دشيلة، في تصريحات نقلتها وكالة “الأناضول” للأنباء، إن “انسحاب القوات المشتركة من الحديدة جاء بطريقة غامضة، والغريب في الأمر أن حكومة هادي لم تكشف السر وراء هذا الانسحاب المفاجئ”. ورأى أن “هذا الانسحاب دليل على أن من يتحكم بالمشهد السياسي والعسكري والأمني، خصوصًا في مناطق الاشتباك، ليس الحكومة، وإنما التحالف العربي”.
وبالنسبة لتراجع قوات هادي المدعومة سعوديًا وإماراتيًا في مأرب، قال دشيلة إنه من “الطبيعي أن يحصل هذا التراجع؛ فقوات هادي بلا إسناد حقيقي وبلا مرتبات منذ قرابة عامين، ولكنها تواجه بالإمكانات المتاحة”. وأضاف “إنْ حصل تراجع مؤخرًا جنوبي مأرب، فمن الطبيعي جدًا أن نرى مثل هذه الاختلالات، لأنه لا توجد قيادة مركزية موحّدة، ونتيجة أيضًا لتدخل التحالف العربي في كل صغيرة وكبيرة”.
بدوره، اعتبر الكاتب السياسي اليمني حسن الفقيه، أن “انسحاب قوات هادي في الساحل الغربي تم بطريقة مفاجئة وغامضة، وتفسيرات قيادة التحالف جاءت متأخرة وغير متسقة”. وأضاف: “في النهاية للحليف والممول أولوياته وترتيباته ومقايضاته على حساب مكاسب وأولويات حلفائه المحليين، ودون وجود أطراف لديها القدرة على المناورة وانتزاع مكاسبها والمحافظة عليها، تبدو في موقع المنفذ ليس إلا”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.