يضاف الى التمايز بين اداء القوات واداء التيار، الشعبوية والواقعية، إذ إن رئيس التيار الوطني الحر ورغم علمه بأن بعض مواقفه ستستثمر ضده في الرأي العام خارج شارعه، لكنه يمضي بها تماهيًا مع الواقعية، فيما يختار رئيس حزب القوات الوقوف في المقلب الاخر، نكدًا بجبران باسيل وتماهيًا مع ما يجذب الرأي العام من خارج شارعه من شعبوية.
لكن الشارع القواتّي تفاجأ مؤخرًا بتأييد كتلة القوات النيابية لتقديم موعد الانتخابات البرلمانية لغاية شهر آذار، بسبب شهر الصوم عند المسلمين الذي يبدأ في الاسبوع الاول من نيسان وينتهي في الاسبوع الاول من شهر ايار، دون الاخذ بالاعتبار الظروف المناخية التي قد ترافق هذا الموعد لا سيما لدى ناخبي القوات في المناطق الشمالية، وتحديدًا في دائرة الشمال المسيحية التي تضم زغرتا، بشري، الكورة والبترون.
في بقاعكفرا، قرية القديس مار شربل، والتي تقع على ارتفاع ١٧٠٠ متر، ثمّة مثلٌ شعبي متداول يقول “خلّي الحطبات الكبار لشهر اذار”. هناك، شكّل قرار تكتل الجمهورية القوية المتعلق بموعد الانتخابات النيابية حالة استياء كبيرة لدى مناصري حزب القوات، وهم الذين يعتبرون شهر نيسان من اشهر الشتاء الاربعة.
ليس هذا فحسب، فإن بلدة بشري، معقل الشعبية القواتية، والتي تقع على ارتفاع يبلغ ١٦٠٠ متر عن سطح البحر، شهدت نقاشًا جديًّا بين مناصري القوات وقياداتٍ حزبية، على خلفية تأييد نواب الجمهورية القوية لتقديم موعد الانتخابات النيابية، فهذه البلدة أيضًا ليست كمناطق الساحل اللبناني التي تنعم بطقسٍ دافئٍ في شهر آذار، انما جرت العادة أن تودّع هذه المنطقة فصل الشتاء بثلوجٍ في هذا الشهر، ما قد يصعّب على سكانها التنقل لمتابعة الاستحقاق الانتخابي.
المعطيات تقول إن النقاش الذي شهدته فعاليات بشري تطرق للظروف المناخية التي سترافق العملية الانتخابية في حال جرت في شهر آذار، ومن الاسئلة التي طُرحت حينها: من سيؤمن التدفئة في مراكز الاقتراع ومراكز الماكينات الانتخابية في ظل هذا الارتفاع في اسعار المحروقات؟ هل ستقوم الدولة بتغطية تكاليف التدفئة خلال العملية الانتخابية؟ واذا كان الجواب لا، وهو على الارجح كذلك، هل سيتمكن حزب القوات من ذلك؟ أليس من الافضل استثمار هذه الاموال التي ستدفع على تدفئة مراكز الاقتراع في امور اخرى مفيدة لاهالي بشري اكثر؟
أيضًا وأيضًا، العاقورة، زغرتا، دير الاحمر، قرطبا، وغيرها.. هذه البلدات شهدت نقاشات جدّية على خلفية قرار نواب الجمهورية القوية بالتصويت لصالح تقديم موعد الانتخابات، خصوصًا لما لهذه المناطق من تواجد قواتي تعتبره ماكينة القوات الانتخابية رافعاتٍ للوائحها.
كل هذه النقاشات والضغوطات دفعت بمعراب لمراجعة جديّة لهذا القرار، فالمصادر تنقل عن قياديٍّ في القوات أن رئيس الحزب سمير جعجع اعتبر اعادة قانون الانتخاب من قبل رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب فرصة، يمكن المناورة حولها، على أن يراجع نواب الجمهورية القوية رئيس المجلس نبيه بري لاتخاذ القرار المناسب بالطريقة المناسبة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.