داعش البغدادي والإمام المهدي: إطلالة على خلفية الصراع في المنطقة وأبعاده (1/3)

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لا يخفى على أحد، من المتابعين للأحداث السياسية في الشرق الأوسط، الكم الهائل من المتغيرات السياسية والعسكرية والثقافية التي اجتاحت المنطقة في العقدين الماضيين، على وقع المواجهة القائمة بين قوى الاستعمار والاحتلال التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميركية ومن خلفها الصهيونية العالمية من جهة وقوى التحرر والمقاومة من جهة أخرى.
ومما لا شك فيه أن عددًا كبيرًا من هذه الأحداث والمتغيرات قد شمل إلى جانب العناوين العريضة تفاصيل تتعلق بدخول لاعبين جدد وباستخدام أدوات وتكتيكات مواجهة غير تقليدية.
لقد انتقلت المواجهة، بعد أن كانت بين معسكر غربي استعماري يحمي أنظمة مستبدة تخدم أجندته الخارجية على حساب مقدرات وشعوب المنطقة المقهورة بقوة الاستبداد، والتي حاولت وعلى مدى عقود تغيير الواقع رافعة شعار التحرر الداخلي مستفيدةً من الزخم الذي أحدثته الثورة الإسلامية في إيران، إلى مواجهة أكبر وأشمل في وجه المستعمر، الذي شعر بتصدع في دور من أوكل اليهم حفظ مصالحه؛ فبعد أن تبين له أن أدواته التقليدية باتت في مهب الريح وعلى طريق السقوط المدوي، اتخذ القرار بالتدخل المباشر، ليتحول بذلك الصراع شيئاً فشيئاً إلى مواجهة شاملة وراديكالية يقودها، من جهة، فكر أيديولوجي إسلامي تحمل لواءه الثورة الإسلامية الإيرانية مستندة إلى فكر سياسي تغيري يستمد رؤيته من مخزون متجذر في عمق التاريخ، حيث كانت بدايات الإسلام مع رسول البشرية (ص) مروراً بالثورة الحسينية الخالدة، فكرًا قائمًا على مشروع بناء القوة والمقاومة ويعمل على خط التجهيز والاستعداد لتحضير الأرضية المناسبة لظهور الإمام المهدي مخلص البشرية المقيم لدولة العدل الإلهي. وفي
الجهة الأخرى على خط المواجهة، يقف المعسكر الغربي الاستكباري، المهتم بالحفاظ على مصالحه وعلوه، مستخدمًا آلته العسكرية التقليدية بالإضافة إلى كل الأدوات الأخرى الممكنة ومستندًا، هو ايضًا، وفي جزء كبير من رؤيته الاستراتيجية، على نظريات عقائدية دينية، ترتبط بوعود وتنبؤات توراتية، تتقاطع هي أيضاً من حيث الشكل لا المضمون مع النظرية الإسلامية المهدوية، فكلاهما يسعى الى إقامة دولة عالمية ولكن تحت عناوين مختلفة إن لم نقل مضادة، ويظهر ذلك بوضوح مما نقرأه في الدراسات الاستراتيجية حول مشروع هذا الفريق القائم على نظرية نظام عالمي جديد، تستمد “شرعيتها” من الكتاب “المقدس” الذي يدعو جماعة المؤمنين الى العمل وتهيئة الارضية لظهور المسيح والمخلص.
وفي سبيل خدمة أهدافه ولتحقيق سياساته واستراتيجياته في مواجهة الشعوب الثورية المقاومة ومشروعها المرحلي والمستقبلي، يلجأ الغرب إلى شتى الوسائل والتكتيكات، العلنية منها والخفية، ومن تلك الوسائل الظاهرة الخفية ومن اخبثها وأبرزها وأعقدها، التنظيم الإجرامي الذي يعرف بتنظيم داعش ورموزه المشبوهة وزعيمها المدعو في حينها “أبو بكر البغدادي”.
و لأجل تبيان الدور الذي رسمه المخطط للتنظيم المذكور سوف نحاول قدر المستطاع الإضاءة على هذه الوسيلة وهذه الأداة، مكتفين بالحديث عن الجانب الأيديولوجي المتعلق بالقضية المهدوية وتبيان الرابط السببي والهدف الذي أريد تحقيقه من خلال إنشاء وإخراج هذا التنظيم.

يتبع…

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد