بالرغم من التخبط الواضح في تحديد مسار تشكيل الحكومة، وبوجود بورصة للاجواء التي تتحرك صعوداً ونزولاً بحسب المصدر وناقله وما للناقل من موقف في السياسة، تجمع كل هؤلاء أكيداتٌ ستة:
الاكيد الاولى أن الحكومة إن تشكلت هي حكومة استثنائية في تاريخ لبنان الحديث، ولربما ستكون حكومة فراغ السلطة التشريعية والموقع الرئاسي الاول في لبنان.
الاكيد الثانية، ان حسابات الاطراف المعنية بالتشكيل ليست متعلقة فقط بعدد الوزراء، والدور التشغيلي للحقائب لا سيما المالية والاقتصاد والطاقة والداخلية والعدل، انما لما يرتبط بهذه الحقائب من اوراق ستحتاجها الملل الحزبية والطائفية على اي طاولة مفاوضات مقبلة، لعلّ المؤتمر التأسيسي الجديد يكون احداها.
الاكيد الثالثة، أن ثلاثة اطراف في لبنان هي فقط من تريد حكومة فعلاً، اولها حزب الله الذي يخشى الفوضى، فيما يعتبر الحزب ان اولويته في المقاومة، وحالة عدم الاستقرار ستشوش على اهتمام وتركيز الحزب على جبهته العسكرية. الطرف الثاني هو رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو يحتاج الى حكومة تنقذ سنة عهده الاخيرة، دون ان يتنازل عما يعتبر أن في تنازله عنه انكسارًا له، والطرف الثالث هو الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي كان انتحاريًا في موافقته على تكليفه في هذه الظروف السياسية والاقتصادية والامنية الاستثنائية.
الاكيد الرابعة ان اعتذار الرئيس المكلف مستبعد لا سيما في ظل “قبة الباط” الاميركية التي ترجمتها بوضوح زيارة الوفد الوزاري الى سوريا، وعليه يتريث الرئيس ميقاتي في تقديم اعتذاره.
الاكيد الخامسة، ان لا عقد جوهرية في التشكيلة التي باتت جاهزة، لا سيما بعد تنازل الرئيس عون عن حقيبة الاقتصاد لصالح ميقاتي، الذي بادله البراغماتية بإعطائه حصته من الوزراء الـ٢٤.
الاكيد السادسة والاخيرة ان الزيارة المقبلة للرئيس المكلف الى قصر بعبدا، ستكون الاخيرة، وهي ان تمت في الساعات المقبلة، فهذا يعني ان الرئيسين اتفقا على المضي نحو توقيع المراسيم الثلاثة (الاستقالة – التكليف – التأليف)، اما في حال لم تحصل هذه الزيارة في وقتٍ قريب، ومع تريث ميقاتي عن الاعتذار في الوقت الحالي، وفي حال لم يتغيّر شيء في الحسابات الداخلية، وفي حال لم يترجم اللاعبون الخارجيون رغبتهم بتشكيل الحكومة عبر تدخل مباشر وحازم، فإن الاكيد ايضًا ان الزيارة المقبلة ستكون زيارة الاعتذار، ما يعني أن الثابت الوحيد هو ان الزيارة المقبلة متى حصلت، ستكون الزيارة الاخيرة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.