ما يجري في لبنان هدفه البعيد تحقيق الأحلام الإسرائيلية: تفكيك سلاح الحماية الوجودية، طرد سكان الجنوب وتسفيرهم الى خارج البلاد، إحلال مستوطنات يهودية مكانهم. هذه مطامع وآمال حقيقية، وهم يعتبرون أن إنهاء الوجود الشيعي ضرورة لكيانهم التوسعي.
الحصار الحالي بطبيعة الحال يولد صراعات داخلية، ويؤدي الى انفلات الفاسدين نتيجة الندرة، لكن المسار الذي تديره عوكر، لا يحقق هدفه الا بحل المشكلة الأمنية/التوسعية لكيان الاحتلال، ولذلك كل الأدوات معروضة على الطاولة.
بالنسبة للمرحلة الحالية هم بعيدون عن تحقيق هذا الهدف، ولا يرونه ممكناً، لكنهم بسياسة القضم يأملون بتحقيقه تدريجياً، والعنصر الحاسم الذي سيقرر مستقبل الجنوب وأجياله هو موقف الجنوبيين وأهل المقاومة أنفسهم.
يريدون أن يغرقونا في النزاعات الفردية والحزبية والطائفية والمناطقية كخطوة تسهل لهم الوصول الى الهدف، وفي حال دخلنا في هذه النزاعات سيكون من المستحيل الخروج منها، لأنهم سيفعلون كل شيء لمنع توقف الاقتتال.
يمكن إفشال هذا المشروع وتيئيس الأمريكي قبل بدء تورطه المتنامي في الشرق الأقصى، وذلك عبر القيادة الحكيمة للمقاومة والموقف الثابت لأهل المقاومة. كل التحديات والصعوبات والتضحيات ستكون لا شيء يذكر مقابل نجاح المشروع.
المقاومة رادع حقيقي ومنجز خلال ١٥ عاماً متواصلة، لكن التعويل الإسرائيلي هو على النزاعات الداخلية، خصوصاً داخل البيئة الحاضنة. هذه النقطة تشكل لهم أملاً كبيراً بتحقيق الهدف وبالتالي الذهاب نحو مخاطرة لتحقيقه.
كل فاسد صغير او كبير يساهم تلقائياً في هذا المشروع، وسيدفع الثمن مثل الآخرين بحال نجح المشروع، حتى أولئك الذين يقدمون أنفسهم على أنهم يريدون محاربة الفساد من خلال استهداف المقاومة يساهمون فيه، وسيدفعون الثمن مثل الآخرين.
إنه زمن الحسابات الكبرى، وينبغي التعامل على هذا الأساس.
بالنسبة لكيان الاحتلال هو محتاج للقيام بتحول استراتيجي في لبنان، قبل الانشغال الأمريكي الكبير في الشرق، وقبل انتهاء حرب اليمن وتعافي سوريا مع الدخول الصيني الاقتصادي إليها، لذلك هي مرحلة مصيرية وتاريخية.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.