تُطرح العديد من الإشكاليات حول موقف المقاومة من الفساد في لبنان. ويرسم كثيرون علامات استفهام حول أدائها في العديد من الملفات الداخلية. يبدو الأمر ملتبسًا وغير واضح، ما فتح الباب واسعاً أمام التكهّنات والتساؤلات. وبديهيًا، صار الأمر برمّته مطروحاً أمام نوعين من التداول. الأول من باب الاستفهام والاستيضاح، إذ غالبًا ما يكون الناس على غير علم أو متابعة للمسار الذي تتحرّك ضمنه هذه المقاومة منذ انطلاقتها حتى اليوم،
والثاني من باب التشكيك والطعن، وغالبًا ما يكون مطلقو هذه الإشكاليات منخرطين في الحملة السياسية – الإعلامية التي تواجه المقاومة، أو متأثرين بها بشكل كبير.
كثيرة هي الإشكاليات – الشكوك التي تُطرح في الإعلام وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، للتداول العام ومِن قِبل الجميع بمَن فيهم المثقفون وغيرالمثقفين، المغرضون والحريصون على السواء. ويمكن عرض أهم هذه الإشكاليات كالتالي:
الإشكالية الأولى: وجود المقاومة قوي لا يحتاج إلى المواربة للدفاع عنه.
التعليق: عندما تكون المقاومة مشغولة في مواجهة عدو يفوقها بأضعاف، ويحرك لها في الداخل أعداء كثرًا، بوسائل إعلامهم وأجهزتهم الأمنية ومنصاتهم الاجتماعية إلى جانب آلاف منظمات المجتمع المدني، حينها الحكمة البسيطة تقول إنه عليك أن لا تفتح النار على عدة جبهات. في الأساس انتصار المقاومة على عدو متفوق بهذه الأضعاف هو معجزة غير متوقعة. ما جرى ليس مواربة، ولكنه توزيع للجهد والموارد القليلة، إلى جانب الحفاظ على احتياط استراتيجي لمنع أي تدخل عسكري أو أمني إضافي، وهو ما كان سيحصل عدة مرات خلال الحرب السورية.
الإشكالية الثانية: قوة المقاومة كافية لحمايتها.
التعليق: قوة المقاومة كافية لحمايتها لكنها لو بادرت إلى المواجهة في الداخل لاستنزفت وتم إضعافها، ذلك أن المبادرة ستؤخذ على محامل طائفية ودينية وحزبية، وستحرك القوى الكامنة، وستفتح المجال للتدخل المالي عبر التمويل والإعلام والتسليح، فالعدو ليس متفرجًا أمام فرصة تاريخية من هذا النوع.
الإشكالية الثالثة: الدليل أنه لولا قوتك لانفضّوا من حولك.
التعليق: انفضّوا وتآمرو منذ العام 1992 وحتى الآن بكل الأشكال والطرق، وما الفساد إلا جزء من مشروع السلام، وشاركوا في حروب اسرائيل والتكفيريين، وحاولت المقاومة الحفاظ على ما يمكن من العلاقات والتحالفات القليلة في الداخل حتى لا يتم عزلها والاستفراد بها فيما هي مشغولة بالتحديات الكبرى.
الإشكالية الرابعة: مجاملة الفاسدين بحجة حماية النفس.
التعليق: ما جرى ليس مجاملة، بل توزيع للقدرات والجهد والإمكانيات، وحماية للبيئة الداخلية، التي لو فتحت النار فيها على المقاومة، ستصبح غير قادرة على الحركة، وخلال الحرب السورية كانت المقاومة صريحة: قاتلونا في سوريا، واتركوا لبنان، هذا مقتل بلا خلاف.
الإشكالية الخامسة: الفاسدون بحاجة للمقاومة للتغطي بها وليس العكس.
التعليق: بالتأكيد، الفاسدون بحاجة لسكوت المقاومة، ولكنهم لن يسكتوا على تدخلها في الشؤون الاقتصادية، وما فعلوه منذ الانتخابات الماضية، حينما أعلنت المقاومة دخولها ساحة المواجهة مع الفساد، إلا رد فعل داخلي وأميركي وإسرائيلي على تقدمها من هذه الساحة، ومحاولتها تحقيق إنجاز داخلي إلا جانب الإنجاز الخارجي.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.