أنطوان زهرا: فتى البربارة كبر وصار المخبر الكذاب!

38

يقترن اسم القوّتجي انطوان زهرا بحاجز البربارة، ذائع الصّيت، سيّئ السمعة. وهي تهمة يحسبها زهرا شرفًا، ولا بأس فمعايير هؤلاء للشرف هي بالضبط ما ينافيه ويناقضه. النائب السابق، والقوّتجي دائمًا وإن لم تترك له الوجوه المستجدّة متسّعًا للحضور، وجد يوم أمس فرصة ذهبية للعودة إلى ساحة التداول، ولم يُعلم حتّى الساعة إن كانت الكذبة نتاج اجتهاده الشخصيّ، أو أنّها تعليمة تلقّاها وخرج على الشاشة متظاهرًا بدورِ المخبِر المحرّض، فيما هو واقعًا لا يرقى حتى لهذا الدّور الرخيص، ولا يمتلك من المؤهلات ما يزيد عن قدرته على النّطق بما يُؤمَر. وإن كان المرء ابن بيئته السياسية والأخلاقية وابن ماضيه مهما كان مُخزيًا، فلا عجب أن يكون زهرا على ما هو عليه، فابن القوّات ليس له أن يكون إلّا كذلك!

إذًا، وجد زهرا بعد شوق وغياب شاشة يتحدّث من خلالها، فما كان منه إلّا الادعاء بأن المقاومة تخزّن أسلحة في قلعة بعلبك. في ظاهر الأمر، هو يحرّض الصهاينة على استهداف القلعة، في حقيقته هو تلقّى ما وجب عليه قوله في إطار تحريض النّاس ضدّ المقاومة. المسكين، أغلب الظنّ أنّه لم ينل رتبة التحريض بناء على أكاذيب، فالأداة لا تمتلك أن تحرّض المشغّل؛ على العكس، يستخدمها المشغّل عند الحاجة ثمّ يضعها في سلّة إعادة التدوير، حيث تنتظر بصمت ورجاء أن يمنحها المشغّل فرصة قريبة للظهور. لتقريب الصورة، انظروا زهرا وهو يتكلّم، فهو خير ترجمة صورية لكلّ المفردات التي قد تمرّ بأذهانكم حين يتعلّق الأمر بالأدواتيّة الرّخيصة.

سبق زهرا إلى مهنة الترويج للذرائع كثر، فقبل قلعة بعلبك ثمّة من حرّض على أفراد الهيئة الصحيّة، وعلى مؤسّسة القرض الحسن، وعلى مدارس المهديّ، وعلى كلّ بيوت الجنوب والبقاع والضاحية، الإضافة الوحيدة التي ارتكبها زهرا تكمن في كونه استهدف بكلامه موقعًا تاريخيًا ذا رمزية عالية يقع تحت رعاية وزارة الثقافة وتقوم بحراسته القوى الأمنية. وبعد التصريح-الجريمة، نفت وزارة الثقافة مزاعم زهرا، إذ أعلنت في بيان أنه “يتم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بمقابلة لنائب سابق يتناول فيها قلعة بعلبك بأمر غير واقعي لا سيما حول وجود مواد تعود للأحزاب”. ولفتت إلى أن “موقع بعلبك يحمل إشارة الدّرع الأزرق، وقد تمّ وضعها على لائحة المواقع المعزّزة، وفقًا لاتفاقية لاهاي البروتوكول الثاني”.

بعيدًا عن عبثية مطالبة “الدّولة” باتخاذ اجراءات قانونية ضدّ زهرا وأمثاله بناءً على ارتكاباتهم المشهودة في تحريض العدوّ على استهداف أرض لبنانية، يظلّ السؤال: أيّ درْك من الوقاحة والحقد والتبعية قد بلغه كائن ناطق كي يقوم بدور المخبر الكذّاب علنًا؟ والجواب: إنّه “قوّتجي”! وكلّ هذه الأفعال، بل والأسوأ منها بكثير، بالنسبة لمن هو مثله سهلة كشربة ماء.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.