د. أكرم شمص | خاص الناشر
المقدمة
تتصاعد التوترات بين “إسرائيل” وحزب الله بعد حادثة مجدل شمس التي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا. على الرغم من تهويل الإعلام “الإسرائيلي” والاتهامات المباشرة لحزب الله، فإن هناك تحليلات وتقارير تشير إلى أن حزب الله قد لا يكون وراء الهجوم، وأنه قد يكون خطأ في نظام القبة الصاروخية “الإسرائيلية”. في هذا المقال، نستعرض الوضع الحالي بناءً على تقارير أجنبية وتحليلات متعددة، ونناقش السيناريوهات المحتملة.
التصعيد الإعلامي والتهديدات “الإسرائيلية”
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الجيش “الإسرائيلي” أكمل استعداداته لعملية برية كبيرة في لبنان. ونقلت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” عن مسؤولين “إسرائيليين” كبار قولهم إن الأهداف العسكرية قد تم تحديدها بانتظار موافقة مجلس الوزراء. أما وزير الطاقة والبنية التحتية “الإسرائيلي” إيلي كوهين فصرح بأن “لبنان يجب أن يحترق”، مما يعكس حجم التصعيد الإعلامي والتهديدات.
إنكار حزب الله وتحليلات بديلة
نفى حزب الله بسرعة مسؤوليته عن الهجوم على مجدل شمس. وتشير تقارير “CNN” إلى أن الصاروخ قد يكون نتيجة خطأ تقني في نظام القبة الصاروخية “الإسرائيلية”. وأشار تحليل من “واشنطن بوست” إلى أن الجيش “الإسرائيلي” يعاني من نقص في المعدات بعد حرب طويلة في غزّة، مما يزيد من احتمالات حدوث أخطاء تقنية.
المواقف الدولية والتحذيرات
تقرير من “أكسيوس” أفاد بأن مسؤولًا أميركيًا كبيرًا حذر وزير الدفاع “الإسرائيلي” من أن أي هجوم على بيروت قد يخرج الوضع عن السيطرة. ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” تصريحات وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي حذر من عواقب تصعيد “إسرائيلي” واسع ضدّ لبنان.
التحذيرات الدولية تركز على ضرورة ضبط النفس والعمل على تهدئة الوضع لتجنب تصعيد الصراع إلى حرب شاملة.
تحليلات استراتيجية واستعدادات
تقرير من صحيفة “وول ستريت جورنال” أشار إلى أن مراكز الرعاية الصحية في شمال “إسرائيل” تستعد لحرب قد تفوق أضرارها الحرب الجارية مع حماس، حيث يمتلك حزب الله ترسانة كبيرة من الأسلحة المتطورة، مما يجعله خصمًا صعبًا في أي مواجهة محتملة. كما أن الجيش “الإسرائيلي” يعاني من نقص في الدبابات والمعدات بسبب الاستهدافات الكثيرة في الحرب على غزّة، وفقًا لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
الشكوك حول الهدف الحقيقي للهجوم
تنتشر في لبنان نظريات تعزو مأساة مجدل شمس إلى صاروخ اعتراضي من الجيش “الإسرائيلي” أو أنها فخ “إسرائيلي” لإثارة حرب واسعة النطاق في لبنان. وكذلك نفى حزب الله الادّعاءات بأنه يحاول زرع الفتنة بين الشيعة والدروز. وفي موقف حساس، تبنى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط هذا الرأي بذكره أن “إسرائيل” “سعت منذ فترة طويلة لإثارة الفتنة الطائفية وتفتيت المنطقة”.
ويبدو أن هدف نتنياهو من هذه التحركات هو جرّ الولايات المتحدة نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع حزب الله. هذه الخطوة من شأنها أن:
- تعزز موقف “إسرائيل” في المنطقة من خلال إضعاف حزب الله، الذي يعتبر أحد أبرز القوى المعارضة لـ”إسرائيل”، والذي يشكّل خطرًا حقيقيًّا بالغًا.
- تحقق مكاسب سياسية داخلية لنتنياهو الموجود في واشنطن والذي يواجه تحديات سياسية داخلية عديدة.
- تحسين العلاقات الأميركية – “الإسرائيلية”، حيث يمكن أن تظهر “إسرائيل” كشريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة في مواجهة التهديدات المشتركة.
الأساليب والتكتيكات
يعتمد نتنياهو على تكتيكات مشابهة لتلك التي استخدمتها “إسرائيل” في حوادث كثيرة تم العمل على فبركتها لاتهام العرب عبر محطات العداء لهذا الكيان مثال: سفينة يو إس إس ليبرتي: في يونيو 1967، هاجمت “إسرائيل” السفينة الأميركية (يو إس إس ليبرتي) خلال حرب الأيام الستة، من دون وجود شعار “إسرائيل” على الطائرات المهاجمة من أجل اتهام مصر مما أسفر عن مقتل 34 أميركيًا. بعد اكتشاف الأمر زعمت “إسرائيل” أن الهجوم كان خطأ، إلا أن العديد من الباحثين يشيرون إلى أن الهجوم كان متعمدًا بهدف دفع الولايات المتحدة للدخول في الحرب ضدّ الدول العربية. هذا الحادث يظهر تشابهًا مع الأحداث الراهنة التي يستغلها نتنياهو لتعزيز موقفه من خلال:
- التضليل الإعلامي: حيث سارعت “إسرائيل” إلى اتهام حزب الله بإطلاق الصاروخ رغم نفي الحزب.
- استغلال الحوادث لتعزيز الدعم: من خلال تصوير “إسرائيل” كضحية تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة.
- الضغط السياسي: باستخدام الخطاب التحريضي أمام الكونغرس الأميركي لاستجرار تعاطفهم ودعمهم.
- التحريض الطائفي: خاصة أهالي مجدل عين الشمس الدروز.
قدرة حزب الله وخوف “إسرائيل”: استعراض الاستعدادات والمخاوف المتبادلة
في ظل التوتر المتصاعد بين “إسرائيل” وحزب الله، تتزايد المخاوف من نشوب حرب شاملة قد تشمل اجتياحًا بريًا “إسرائيليا”ً لجنوب لبنان وهجمات صاروخية مكثفة من حزب الله على شمال “إسرائيل”. يمتلك حزب الله ترسانة كبيرة من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة، ما يجعله خصمًا صعبًا، كذلك الروح القتالية العالية. ومن جهة أخرى، يعاني الجيش “الإسرائيلي” من نقص في المعدات والدبابات بعد حرب طويلة في غزّة، مما يزيد من قلق القيادة “الإسرائيلية” حول قدرتها على مواجهة حزب الله في حال اندلاع نزاع شامل. تحذيرات المسؤولين “الإسرائيليين” من اجتياح بري تعكس هذا الخوف، حيث يستعدون لاحتمال وقوع خسائر جسيمة في صفوفهم وفي البنية التحتية. بينما يحاول الطرفان تجنب تصعيد كبير، تبقى احتمالية حدوث خطأ أو سوء تقدير قائمة، مما قد يشعل حربًا واسعة النطاق تجر معها قوى إقليمية أخرى، وفقًا لتحليلات وتقارير متعددة من مصادر دولية.
الرأي والخلاصة
يبدو أن نتنياهو يستخدم استراتيجية مدروسة لإقحام الولايات المتحدة في صراعاته الإقليمية باستخدام الأحداث الأمنية والتضليل الإعلامي، ويحاول تصوير حزب الله كتهديد مباشر ويجب على الولايات المتحدة مواجهته. هذه الاستراتيجية، رغم تشابهها مع تكتيكات الماضي، قد تضع المنطقة على حافة مواجهة جديدة قد تكون عواقبها وخيمة على الجميع.
إن تحليل الأحداث الراهنة يظهر أن نتنياهو يسعى لاستغلال الظروف الأمنية والسياسية لتحقيق أهدافه الإقليمية والشخصية. ولعلّ التسريبات التي ترافقت مع الزيارة توحي بتغليب نتنياهو لمنطق “الحرب” بهذا المعنى، وهو ما يسري على ما ذكرته هيئة البث “الإسرائيلية” عن مسعى رئيس الوزراء “الإسرائيلي” للحصول على ضوء أخضر من إدارة الرئيس جو بايدن لشنّ هجوم واسع ضدّ لبنان، بدعم ومشاركة أميركية، وما يسري أيضًا على الحديث المتصاعد عن مناورة برية يستعدّ الجيش “الإسرائيلي” للقيام بها على حدود لبنان، بما يحاكي حربًا شاملة، أبعد من الاشتباكات التي تحصل حاليًّا، وتكفي الإشارة إلى تصويره المعركة ضدّ “حزب الله”، كجزء من الحرب الكبرى ضدّ إيران، لحماية الولايات المتحدة قبل غيرها، “نصرنا هو نصركم”، والذي فُهِم منه “توسّل” المزيد من الدعم الأميركي، وربما “الغطاء” للمزيد من مجازر الإبادة الجماعية، لم يخلُ بدوره من التهديدات، التي لم تقتصر على غزّة، بل شملت لبنان، مع تأكيده أنّ “إسرائيل” ستقوم “بكل ما يجب أن تفعله” لإعادة الأمن عند حدودها الشمالية، فما الذي قصده بمثل هذا الكلام من واشنطن تحديدًا، وفي أيّ سياق يوضَع، وقد جاء بالمناسبة، بعد ساعات على إفراج الحزب عن فيديو “الهدهد – 3″؟!.
في ضوء التهديدات “الإسرائيلية” المتزايدة والتهويل الإعلامي حول الضربة المحتملة على لبنان، وأمام جنون نتنياهو وخوفه من سقوط حكومته، تبرز شكوك حول الأهداف الحقيقية لهذه التهديدات. التحليلات المستندة إلى تقارير متعددة تشير إلى أن حادثة مجدل شمس قد تكون ناتجة عن خطأ تقني في القبة الصاروخية “الإسرائيلية”، مما يطرح تساؤلات حول دوافع التصعيد “الإسرائيلي”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.