خاص الناشر – إلهام كمال عمار |
“طوفان الأقصى” يعتبر العملية العسكرية البطولية، والإنجاز العظيم والحدث الكبير في السابع من أكتوبر 2023.
بطبيعة الحال، نحن أمام حرب “طوفان الأقصى” من أجل الدفاع المشروع عن الأرض والمقدّسات الدينية ومسجد الأقصى والأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.
وعليه، فإن قراءتي الواقعية المبنية على واقع الحال المتجسّد في عنصر المفاجأة، جعل “إسرائيل” مع بداية الساعات الأولى لعملية القسام تعيش الزلزال المدمّر على مقياس الهزيمة التي تلقاها العدو، مقابل العزيمة للمقاومين المجاهدين الفلسطينيين.
على أي حال، ومما لا شك فيه، فإن هذا الحدث المفاجىء ترك كيان العدو في موقع الصدمة، القلق، الإرباك والذهول إلخ… نتيجة الفشل الاستخباراتي الأمني والعسكري أمام التفوق العسكري والمخطط الاستراتيجي والتكتيك البديهي والعقل الذكي لحركة حماس بجناحها العسكري “كتائب عز الدين القسام”، على غرار تكتيك حزب الله بقوة سواعد أبطاله في المقاومة الإسلامية التي استطاعت أن تضرب العدو ضربات قاسية مقابل تحقيق النصر والتحرير عام 2000 في لبنان، بالإضافة إلى النصر في تموز 2006.
بذلك، خرجت المقاومة الإسلامية منتصرة وتملك قوة إضافية. وفي هذا السياق المترافق مع شنّ الحروب التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق شعبنا في فلسطين ولبنان، وذلك بامتلاكه كل أنواع الأسلحة الحديثة والفتّاكة وأفضل التقنيات العالمية ولديه إمكانيات هائلة.
فيما خصّ المقاومة الفلسطينية لا تملك إلا الأسلحة المتواضعة جداً، في مؤشر إلى الأسلحة البدائية، فيما بعد أصبح لديها أسلحة متطورة من منطلق بأن المقاوم لا يعدم أي وسيلة قتالية مشروعة قائمة على الجهد الذاتي، لأن هناك نفَس معنوي تلفحه النفحات الوجدانية التي تنبعث من بسالة الرجال الشجعان والفرسان الجريئة.
لدى قيادات المقاومة إرادة صلبة للتحرير والدفاع عن كل شبر أرض مهما علا شأن العدو المحتل الغاصب أراضينا. إزاء ذلك وللمفارقة هنا نستنتج بأن العدو الصهيوني لديه قوة يستخدمها بنذالة، فيما المقاومة لديها قوة تستخدمها ببسالة منسجمة مع انتصار المقاومين المناضلين مقابل انكسار العدو الغاشم الذي يمارس أبشع الأعمال الوحشية الإجرامية والتدميرية. على أثر ما تقدم، بإمكاننا القول إن ما أُخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة.
بالتالي، سقطت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر وكُسرت هيبته الاستعلائية والاستكبارية. بعد ذلك، يمكننا أن نستخلص بأن “إسرائيل” نالت تجربة مريرة وصفعة قوية موسومة في وصمة عار، الأمر الذي انسحب على خيبة الأمل الكبيرة السارية على عدم تمكنها من إحباط خطّة “طوفان الأقصى”. حِيال ذلك، يمكن لهذا الإخفاق على مستوى الأمني والاستخباراتي أن يدرس في الكليات الحربية نظراً إلى أهميته الاستراتيجية. تجدر الإشارة، بعد التقييم لعملية
“طوفان الأقصى”، إلى أن “إسرائيل” باتت تعيش حالة من الإرباك السياسي العسكري ، الأمني الاقتصادي والاجتماعي، في ظلّ الانهيار الكبير الذي أصاب منظومتها الأمنية والاستخبارتية المترهلة حالياً.
في هذا الإطار، يجب أن لا يغيب عن بالنا بأن “إسرائيل” تعتبر القاعدة المتقدمة للغرب الأوروبي وأميركا في الشرق الأوسط وهي جزء لا يتجزأ من المنظومة الغربية والأميركية التي زرعتها الغدة السرطانية في منطقتنا للتحكم بمواردنا وثرواتنا وخيراتنا.
لذلك، فإن إنهيار المنظومة الإسرائيلية أصاب المشروع الغربي والأميركي بالانهيار والانهزام وهلمّ جرّا. فالأجدى بنا أن نشير إلى أن الغرب الأوروبي والأميركي اللّذان يتشدقان بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان الزائفة والمرتبط بـ”إسرائيل”، لا ينظر أبدًا إلى مظلومية الشعب الفلسطيني المقهور، بل يذهب هذا الغرب إلى التجاهل، الاستخفاف والإهانة بالقضية الفلسطينية المحقة. ضمن نطاق ذلك، فإن بعد عملية “طوفان الأقصى”ليس كما قبل، إذ أصبحت القضية الفلسطينية حيّة في أبعادها الاستراتيجية ولا يمكن تجاهلها على الإطلاق. أيضاً في هذا النطاق، يجدر بنا أن نقول إن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تنفذ “طوفان الأقصى” بالرغم من تضييق الخناق عليها بسبب الحصار المطبق الذي يفرضه العدو الإسرائيلي على غزة منذ عدة سنوات، كأنه لا يكفي الشعب الفلسطيني تلقيه منذ 75 عامًا التعذيب، المعاناة، المآساة والحرمان من حقوقه ومقومات الحياة، أن دخلت “إسرائيل” بتاريخها الإجرامي عام 1948 الأراضي الفلسطينية المحتلة وقامت ببناء مستعمرات وبؤر استيطانية.
خلاصة القول إن “طوفان الأقصى” يطغى عليه إعطاء العزّة والكرامة للشعب الفلسطيني وللشرفاء الأحرار في العالم العربي والإسلامي، وفقاً للمشهدية التاريخية العظيمة المستوحاة من اليوم الاستثنائي، هذا اليوم الذي سيحدث تغيير في الصراع العربي والإسرائيلي فضلاً عن المعادلات الجديدة وزعزعة قوة الردع الإسرائيلي، لطالما كانت تُعرف بأنها القوة التي لا تُقهر.
كل هذه المجريات التاريخية الشريفة التي تركت أثرًا عميقًا في وجدان العربي والإسلامي تستحضر حافظتنا للعمليات البطولية في السادس من اكتوبر 1973 بعد عبور الجيش المصري العظيم قناة السويس.
أخيرًا، نتأمل مع هذا الاقتحام البطولي تحقيق النصر والتحرير الكامل المنبعث من حلم العودة الذي أصبح أكثر قابلية لبقية الأيام. وبما أني أؤمن بالقضية الفلسطينية أستشعر بأن التحرير قادم بإذن الله.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.