ساعات قليلة تفصلنا عن جلسة مجلس النواب حيث ستُخاض معركة طاحنة على هوية لبنان. وفي الجولة الرئاسية الثانية عشرة، لا يُتوقّع أن تكون نتيجتها فَوز أحد المرشَّحَين، مع تسليم مسبق باستمرار الفراغ، إثر الجلسة التي سيكون من نتائجها أيضًا وحصْد مزيد من المناكفات السياسية وشدّ الحبال بين فريقين، معارضات تتكوّن من خصوم وأعداء تقاطعت مصالحهم الشخصية على مواجهة مرشّح له هوية وانتماء وتاريخ وجذور لا غبار عليها.
إذًا، فالجلسة المرتقبة، رغم نتيجتها المحسومة لصالح الفراغ، تتميز عن سابقاتها بتحالف الخصوم على محاولة إسقاط سليمان فرنجية، ولكل أسبابه. وحساب النتيجة يؤكد بحسب كل المعطيات، أن الأصوات المؤيدة لجهاد أزعور لن تتجاوز الستين صوتًا، بعد انقلاب كتلة جنبلاط على وعودها بأنها لن تكون جزءً من التحدي، فمارس كبيرهم المستقيل شكلًا، نوعّا من الخداع حين أوفد عضوين من كتلته إلى عين التينة ليؤكد التزامه بخيار الورقة البيضاء.
إلا أن زعيم المختارة رأى أن الفرصة مناسبة للانقضاض على المقاومة وضرب خيار الثنائي حزب الله وحركة أمل، معبدنا بالذاكرة إلى ساحة الشهداء وخطاب المشانق الشهير والثأر الذي أراده خلال تلك المعركة متقاطعًا مع مَن كان قد وصفه بـ”الجنس العاطل”.
فماذا سيجني فريق أزعور المالي بتقاطع مصالح تقفز فوق الوقائع ولا ترى أبعد من أحقاد شخصية يستثمرها الأميركي في هذه اللحظة من خلال إمساكه بالورقة اللبنانية عبر تعطيل الحلول وتأجيلها؟
أما صاحب الغبطة، رأس الكنيسة المارونية، الذي أخفق في كل مساعيه حتى اللحظة، لم يعد طرفًا حيادية بل رأس حربة مشروع قطع الطريق على ترشيح سليمان فرنجية. في حين أن طبيعة الاتفاق بين جعجع والجميّل والتجدّد اليميني مع جبران باسيل، يحكمه الحذر، إذ لا يجمع هؤلاء مشروع واحد وواضح. فجبران باسيل صُدّع تياره، وهو غير قادر على ضمان أكثر من 11 صوتًا لأزعور، رغم كل محاولات ترهيب المعترضبن وترغيبهم.
وانضمام كتلة “الجيش الشعبي والإدارة المدنية” في الجبل إلى تحالف أزعور، محكوم بالحذر، والسوابق تحكي عن تقلبات جنبلاط السياسية. والأهم أن سجل أزعور الملطّخ بماضٍ فيه وصمة فساد وشبهات عديدة جعلته مرفوضّا من جزء كبير من النواب المستقلين و”التغييرين”، ما أسقط كرّس حقيقة أن تقاطع المصالح على ترشيحه ليس سوى وسيلة لفرض مرشح ثالث لا حظوظ له حتى الساعة. فحسابات الحقل لن تطابق حسابات البيدر، ولن يجني تجمّع جعجع جبران جنبلاط والجميل، إلا خيبة يدفع ثمنها الوطن مزيدًا من الفراغ الطويل.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.