دينيس كوركودينوف* – خاص الناشر |
يعتبر منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي حدثًا فريدًا من نوعه في عالم الاقتصاد والأعمال منذ عام 1997. ومنذ عام 2006 بات يعقد برعاية ومشاركة الرئيس الروسي.
يعد المنتدى أحد أكبر وأهم الأحداث الاقتصادية التجارية في العالم، حيث إن النظرة المستقبلية للتنمية المستدامة للاقتصاد العالمي وثيقة الصلة كما كانت دائمًا، لا سيما في ظل الاضطرابات الحالية الناجمة عن تحول التحالفات الاقتصادية الدولية، والتذبذب الحاصل في العدل الاجتماعي، والعلاقات التجارية والسياسية غير المستقرة، ولذلك يعتبر هذا المنتدى مساحة ثقة واحدة توفر ظروفًا وفرصًا متساوية لجميع اللاعبين الاقتصاديين من حول العالم.
يشارك في المؤتمر اكثر من 14 ألف شخص من 131 دولة بما فيهم مناطق روسية. وأكثر من 1700 مؤسسة اقتصادية، 130 شخصية أجنبية، 3500 صحافي ووسيلة إعلامية من 33 بلد.
وفي هذا الصدد، ستعزز روسيا دور المنتدى في تحفيز قادة الدول وجميع الأطراف المعنية على زيادة مدى قدراتها على حل المشاكل العاجلة للواقع الدولي. سيسمح ذلك لجميع المشاركين والضيوف في خلق ميزة إستراتيجية وزيادة المصداقية وتسريع وتيرة التطوير التدريجي في السنوات القادمة.
تحول المنتدى إلى منصة اتصالات عالمية، يمكن للمشاركين فيها طرح أفكار وبرامج للتوصّل الى حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية العاجلة التي تهم روسيا ودول “العالم الثالث” والمجتمع الدولي بأسره بشكل مباشر نتيجة ما تقوم به الدول الغربية وواشنطن.
تجدر الإشارة إلى أنه بفضل أنشطة المنتدى، ارتفع إجمالي حجم التجارة الخارجية الروسية في عام 2022 بنسبة 8.1%، وبلغ 850.5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، ارتفع الحجم الإجمالي للصادرات الروسية بنسبة 19.9%، لتصل إلى 591.5 مليار دولار، حيث زاد الفائض التجاري 1.7 مرة مقارنة بعام 2022 وبلغ 332.4 مليار دولار.
فتحت أعمال ونقاشات المنتدى صفحة جديدة في علاقات روسيا مع دول القارة الأفريقية والشرق الأوسط. لقد أدت سياسة العقوبات التي تقوم بها الولايات المتحدة والدول الغربية إلى إيلاء موسكو أهمية خاصة في الاتجاه نحوالسوق الإفريقي والعربي، ونتيجة لذلك بلغ حجم التجارة الخارجية لروسيا مع الدول الأفريقية في عام 2022 ما يقرب من 18 مليار دولار، على الرغم من حقيقة ذلك.
لقد حدد الكرملين مهمة طموحة لمضاعفة دورالسياسة الخارجية المشار إليه بحلول عام 2030 بينما زادت التجارة مع دول الشرق الأوسط الكبير بنسبة 83% خلال السنوات الخمس الماضية وحدها وبلغت 94.9 مليار دولار.
في علاقاتها الاقتصادية مع دول إفريقيا والشرق الأوسط، لا تعمل روسيا فقط كعميل أو مورد للمنتجات، بل تعد مشاركتها في برامج التنمية الاقتصادية أحد المؤشرات الرئيسية لاهتمام الأطراف بمواصلة التعاون، والتي تم تحديد معالمها وشروطها.
من هنا، فإن المشاركة المباشرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تدفع إلى تعزيز مكانة روسيا لحفظ السلام، والموقف الإنساني والبناء فيما يتعلق بالفوضى الدولية التي حصلت جرّاء ممارسات الولايات المتحدة والدول الغربية.
لم تجد روسيا نفسها في حالة عزلة اقتصادية وسياسية كاملة نتيجة العقوبات. وعلى الرغم من أن معظم الدول الغربية تحاول التشكيك في فعالية السياسة الروسية، إلا أن منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي السادس والعشرين، وقبل كل شيء، سيحاول إثبات قدرته على قيادة تطوير برنامج مشترك للإجراءات المضادة للأزمة، وتحديد الخطوط العريضة للتعاون الوثيق مع الدول ولعدة عقود قادمة، ما يزيد بشكل كبير من النفوذ السياسي للكرملين في الكثير من الدول.
من خلال المنتدى المقبل، ستتمكن روسيا من توضيح سياساتها للعالم وعزمها على تنسيق السياسات بشكل مستقل مع دول الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق ووسط آسيا بشأن معظم القضايا المتعلقة بالتكنولوجيا والموارد الاستراتيجية بعيدًا عن سياسات الغرب وإيجاد الاسواق البديلة القائمة على التعاون والندية.
كاتب ومحلّل سياسي روسي *
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.