تتصاعد المخاوف الإسرائيلية من خطر اختراق أمن أنظمتها المعلوماتية السيبرانية، وقدرة الجهات المعادية في الحصول على قاعدة بياناتها السرية في الوقت الذي يستعد فيه جيش الاحتلال لمواجهة عسكرية مفترضة في أي من الجبهات المحيطة بينما تحذر قيادات سياسية من زيادة المخاطر الأمنية على المستوطنين في الضفة الغربية.
وكشفت تقارير رسمية عبرية عن وجود جملة من الثغرات الأمنية الخطيرة، ما دفع جيش الاحتلال للبدء بتحسين أمن قاعدة بياناته.
وأثبت تقرير مراقب الدولة ماتنياهو إنغلمان عن الحماية السيبرانية، وجود ثغرات كبيرة في الأمن السيبراني في أنظمة المعلومات البيومترية في جيش الاحتلال، حيث لم يتم تحديث إجراءات هيئة الأركان العامة بشأن حماية الخصوصية منذ 1996.
وهنا تبرز المخاوف من أن يستخدم تلك الثغرات مخترقون لانتحال هويات جنوده، وسرقة بياناتهم، بما فيها معلومات طبية وشخصية وحساسة لمئات الآلاف من الجنود.
ونقل المراسل العسكري لـ “القناة 13″، أور هيلر، بعضا مما ورد في التقرير الذي أكد أن “مستوى أمان قواعد البيانات لجيش الاحتلال ليس مرتفعًا بما فيه الكفاية، مما يجعل المخاطر التي تتعرض لها قاعدة بيانات المقاييس الحيوية كبيرة، بما فيها كلمات المرور والوسائل المادية”.
وتابع: “يعكس التقرير ثغرات كبيرة في أمن المعلومات الموجودة في هذه الأنظمة الحساسة، وعدم الامتثال لبعض اللوائح الأمنية، وعدم تنفيذ المتطلبات الواردة في وثائق سياسة الحماية الإلكترونية”.
وأضاف في تقرير ترجمته “عربي21” أن “هذا الوضع يوجد خطرا للإضرار بمصداقية المعلومات، وتوفرها، وسريتها، لأن إدارة هذه المشاريع الحساسة لم تعدّ خطط عمل لأنظمة وسائل التعريف، ولم تتأكد أنها تلبي الأهداف المقبولة للمحتوى والجداول والتكاليف، مما يتطلب إصدار التوجيهات لتصحيح أوجه القصور، مع العلم أن هناك ثلاث قواعد بيانات لوسائل تحديد هوية الجنود: بصمات الأصابع والكف، وصور الأسنان، وبقع الدم، وتؤخذ هذه من كل جندي في الجيش، بموافقته، وتُستخدم لإنتاج عينة من الحمض النووي عند الضرورة”.
وأشار إلى أن “مثل هذه المعلومات يجب أن تحفظ في تصنيف سري للغاية مع حصانة متوسطة، لأن الضرر الكبير الذي قد ينجم عن تسربها غير محتمل، خاصة وأن أنظمة تحديد الهوية في الجيش لا تحتوي على رد دفاعي مفصل، كما تبين أن الشعبة المسؤولة عن ذلك تفتقر لخطة للرقابة المنتظمة على درجة امتثال قواعد البيانات الخاصة بوسائل التعريف لمتطلبات لوائح أمن المعلومات، ولم يتم إجراء أي عمليات تدقيق بشأنها، مما يعكس هذه الثغرات، كما تبين أن أوامر هيئة الأركان العامة بشأن حماية الخصوصية لم يتم تحديثها منذ 26 عامًا”.
وأكد المراسل أن “قسم الخصوصية في الجيش لم يقم بإجراء عمليات تدقيق وإجراءات إشراف أفقي على قواعد بياناته، للتأكد من أنها تتوافق مع لوائح أمن المعلومات، رغم أن فيها معلومات حساسة وشخصية عن مئات آلاف الجنود والضباط، فيما لم يقم الجيش ذاته بصياغة وثيقة تعريف لقواعد بيانات وسائل التعريف كما هو مطلوب بموجب لوائح أمن المعلومات، فضلا عن وجود معلومات زائدة عن الحاجة، ولم يصوغ إجراءً مخصصًا للأمن المادي لأنظمة وسائل تحديد الهوية على النحو المطلوب، رغم أنه يخزن معلومات بيومترية وشخصية وحساسة تتطلب مستوى عاليا من الأمن”.
ويكشف التقرير الإسرائيلي الرسمي أن “مساحة” السايبر ضد الاحتلال تحولت إلى جبهة قتالية جديدة تتقنها الجهات المعادية لدولة الاحتلال، سواء كانت دولا بعينها أو منظمات مسلحة، وبات لديها إمكانيات تقنية هائلة تتجاوز الإجراءات الدفاعية الإسرائيلية.
ومن شأن هذا الأمر أن يتسبب في أضرار أمنية وعسكرية واقتصادية، خاصة بعد أن استخدمت قوى المقاومة الفلسطينية هذه المساحة الخطرة في محاولة لتعقب جنود الاحتلال، واستدراجهم، والتعرف على خططهم العسكرية.
ودفعت النجاحات الفلسطينية تلك، قيادة جيش الاحتلال لفرض قيود صارمة على جنودها منها عدم استخدام التقنيات على هواتفهم المحمولة بصورة مفتوحة، خشية من محاولة الحصول على معلومات عسكرية واستخبارية خطيرة منها.
وأما بالنسبة للدول المعادية للاحتلال، فقد استهدفت مرافق البنية التحتية كالماء والكهرباء والغاز ومصافي النفط بهجمات سيبرانية، ما يترك آثارا خطيرة على تسيير شؤون الدولة اليومية، ويجعل منها جبهة خطيرة لا تقل عن الجبهات العسكرية في البر والبحر والجو.
وعلى صعيد آخر، حذر قادة الاحتلال على المستويين السياسي والعسكري من تدهور متوقع للوضع الميداني في الضفة الغربية، حيث أصدرت الأجهزة الأمنية معطيات جديدة تزعم أنها تشكل خطرا حقيقيا على حياة المستوطنين الذين يتجولون في شوارع وطرقات الفلسطينيين.
وأشارت المعطيات الأمنية إلى أن عددا كبيرا من مركبات المستوطنين باتت مهددة، بسبب إجراءات حمايتها السيئة، خاصة بالتزامن مع ما تواجهه من عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، فضلا عن هجمات إطلاق النار.
ونقل مراسل صحيفة إسرائيل اليوم، حانان غرينوود، عن قادة المستوطنين أن “الوضع سيئ للغاية، وسنقترب من يوم لا يوجد فيه ما يكفي من الحافلات المحمية لنقلهم بين مدن الضفة الغربية، لأنه لسنوات عديدة لم تكن هناك ميزانية لتمويل المركبات المضادة للرصاص، بينما في بعض المناطق الفلسطينية يكون السفر إلزاميًا كجزء من المواصلات العامة”.
وتابع: “تلقت وزارة النقل عشرات الملايين من عملة الشيكل فقط، وشهدت السنوات الثلاث الماضية منح ميزانيات هزيلة ومضحكة، نشأ عنها وضع أمني سخيف”.
وأضاف في تقرير ترجمته “عربي21” أن “المسلحين الفلسطينيين باتوا يستهدفون الحافلات وسيارات الطوارئ لأنهم يعلمون بأنها غير محمية، في حين وصلت موازنات لتأمين هذه الحافلات عامي 2018 و2019 لقيمة 60 و55 مليون شيكل على التوالي، لكن في 2020 و2021 لم يتم تلقي أي أموال على الإطلاق، وتحت الضغوط تم توفير 15 مليون شيكل كتمويل طارئ لإصلاح المركبات”.
وأشار المراسل العبري إلى أن “هذا الوضع الميداني أنشأ خطرا غير اعتيادي على المستوطنين في الضفة الغربية، لأنه من 158 حافلة واقية من الرصاص مستخدمة في وسائل النقل العام، توجد 109 حافلات متوسطة الجودة، ومن بين 272 حافلة تستخدم لنقل الطلاب، فإن 229 منها، بنسبة 84 بالمئة ذات جودة متوسطة، وما لا يقل عن 118 من 267 مركبة مكوكية صغيرة منخفضة الجودة، بنسبة 44 بالمئة، وقد تعرضت لأضرار بالغة جراء إلقاء الحجارة وإطلاق النار، ومن بين 50 سيارة إسعاف مقاومة للرصاص في جميع أنحاء الضفة الغربية، هناك 20 سيارة فقط محمية”.
ودفع مسؤولون بوزارة الحرب للتحذير من النقص الحاد في الميزانيات مما يعني أنه في حالة تعرض العربات للرشق بالحجارة، فإنها تظل في المرآب، أو في ساحة الانتظار، ولا يمكن إصلاحها.
ويطالب المستوطنون وقادتهم حكومة الاحتلال بمراعاة ما يصفونه “النمو الديموغرافي” لأعدادهم في الضفة الغربية، بما في ذلك زيادة العائلات التي تستدعي زيادة في إجراءات الحماية والأمن، وهذا يستدعي، بنظرهم، توفير ميزانية طارئة تجعل من الممكن إصلاح الحافلات والعربات المحمية.
في الوقت ذاته، دعا مسؤولون كبار في التحالف الحكومي اليميني الناشئ للعمل على ميزانية حماية الحافلات وسيارات المستوطنين في الضفة الغربية، خاصة حزب “القوة اليهودية” بزعامة المتطرف ايتمار بن غفير الذي تعهد بتصحيح ما أسماه “الوضع الافتراضي” الناجم عن النقص المقلق في الميزانيات.
ونقلت صحيفة إسرائيل اليوم عن عضو الكنيست ألموغ كوهين، في تقرير آخر ترجمته “عربي21″، أن “عجز الدولة عن مواجهة التحديات الأمنية سيكلف المزيد من الأرواح في صفوف المستوطنين بسبب الهجمات الفلسطينية، لأن ما يحصل هو فشل خطير يجب معالجته على الفور”.
وأضافت أنه “قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المركبات المحمية تنقذ المستوطنين من موت محقق، لأنها غالبًا ما تكون هدفًا مفضلاً لهجمات المنظمات الفلسطينية، من أجل التسبب في أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية، ومن المناسب للدولة أن تضع ميزانية شاملة لهذا الأمر حتى لا يؤدي لإلحاق الأذى بالمستوطنين، وإلا فإن الأمر سيكلف أرواحا بشرية”.
عدنان أبو عامر –
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.