هناك قدر كبير من المعلومات الخاطئة والمضللة، ولا تزال الصورة المتعلقة بنتائج المعارك في أوكرانيا غير واضحة، لكن الواضح في هذه المرحلة أن التصور السائد في “إسرائيل” وبشكل عام في كثير من دول الناتو بأن الحروب القديمة أصبحت من الماضي، ويمكن تقليص حجم الجيوش، هو تصور خاطئ.
في العقدين الأخيرين وبموافقة القيادة السياسية قام “الجيش الإسرائيلي” بتقليص حجم الجيش البري، مع التركيز على الدبابات وناقلات الجنود المدرعة وألوية المشاة، وخاصة في الاحتياط، من منطلق التصور أنه في الحرب القادمة يمكن القتال بجيش صغير، وذكي سيكون قادراً على التعامل مع التهديدات وكنوع من مضاعف القوة.
وافق مجلس الوزراء السياسي الأمني المصغر “الكابينت” على الخطط القتالية للجيش مراراً وتكراراً، وجعل منها ملائمة للقتال في ساحة رئيسية واحدة مهمة: لبنان، فعملية “حارس الأسوار” كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ لإمكان نشوب حرب متعددة الجبهات منخفضة الكثافة دون استخدام القوات البرية.
تخيل الآن حرباً في لبنان تتطلب عددا من الفرق النظامية والاحتياط، وجبهة أخرى في غزة، و”إرهاب” يرفع رأسه في الضفة الغربية، وجبهة صغيرة من سوريا يكون فيها حزب الله، وأخيراً انتفاضة لدى فلسطينيي الداخل في المدن المختلطة، وإغلاق طرق يمنع مرور الشاحنات والدبابات والذخيرة إلى جبهات القتال، هذا التحدي يتطلب جيشاً ماهراً ومدرباً وخاصة جيشاً كبيراً.
وجه نائب رئيس الأركان السابق اللواء “إيال زمير” تحذيراً استراتيجياً في حفل وداعه وقال “قد نواجه معركة شديدة وطويلة ومتعددة الجبهات مصحوبة بتحديات داخلية في العمق، ولهذا نحتاج إلى القدرة على الحسم، وطول النفس والاحتياط القوي”.
مضيفاً أن: “الجيش الإسرائيلي على حافة الحد الأدنى لحجم القوات في مواجهة التهديدات المعقدة من النوع الذي واجهناه في السنوات الأخيرة”.
ويجب على “دولة إسرائيل” في ظروفها الفريدة، أن تحافظ على هامش واسع من الأمن والقوة، إلى جانب الحاجة الحيوية لتحويل وملاءمة فعالية “الجيش الإسرائيلي” وتأثيره مع عصر الحروب المستقبلية، فـ”إسرائيل” بحاجة إلى قدرات تكنولوجية متقدمة، ولكن في الوقت نفسه تحتاج إلى كتلة حرجة من حجم القوات نوعاً وكماً.
والقضية هي كتلة فعندما يقف أمامك عدد من الجبهات المعقدة التي تقف وراءها إيران، من الواضح تماماً أن “الجيش الإسرائيلي” حينها سيتعين عليه المناورة في الميدان لسلب العدو من قدرات إطلاق الصواريخ الهائلة، وكذلك منع قوات حزب الله من غزو المستوطنات الواقعة على طول خط التماس، وحجم القوات أيضاً يؤثر على مدة الحرب.
نحتاج قوات نظامية وقوات احتياط ذات مهارات جيدة تعرف كيف تعمل في آن واحد، لأنه بسبب حجم الجيش سيتعين عليه نقل قوات -على سبيل المثال- من الجنوب إلى الشمال، ومثل هذه الخطوة فقط يمكن أن تستغرق نحو أسبوع في ظل قيود الطرق وإطلاق النار، وهذا وقت ثمين “للجبهة الداخلية الإسرائيلية” التي ستتلقى أعدادا غير مسبوقة من الصواريخ.
والفجوة ليست فقط في الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، ولكن أيضاً في نظام الدعم اللوجستي، وهناك أيضاً مسألة الاستخبارات – ووسائل جمع المعلومات وقدرات الهجوم التي يجب توزيعها بين الجبهات كافة.
لقد اتخذ رئيس الوزراء “نفتالي بينيت” قراراً استراتيجياً يقضي بتعزيز “الجيش الإسرائيلي” بالذخيرة والصواريخ الدقيقة وأنظمة الدفاع، وهذا مهم لكنه ليس كافياً، فالحجم الحالي للجيش صغير في مواجهة الحرب على عدة جبهات.
هذه الأشياء قالها نائب رئيس الأركان المنتهية ولايته وكتبت هنا وفي أماكن أخرى، “ليس لدينا هذا المتسع من الوقت، فنحن دولة غنية، إذا كانت تريد الحياة والازدهار، يجب أن تكون مستعدة لسيناريو هو إجمالاً مُرجح.
يديعوت أحرونوت/ يوسي يهشوع
ترجمة الهدهد
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.