نشرت هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”) نسخة الشاباك لمحاضر التحقيق مع قائد عملية الهروب من سجن الجلبوع، الأسير محمود عارضة (46 عامًا)، الذي ألقي القبض عليه برفقة الأسير يعقوب قادري (49 عامًا)، بعد نحو أربعة أيام على تنفيذ عملية الهروب الناجحة من السجن الإسرائيلي شديد الحراسة.
وخلال التحقيقات، قال العارضة إنه حرص على عدم حفر النفق بالملاعق، لأنه كان يخشى أن تمنع مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي، سائر الأسرى الفلسطينيين من استخدامها (الملاعق)، كعقاب جماعي بعد تنفيذ عملية الهروب بنجاح.
ومن مقتطفات محاضر التحقيق مع العارضة التي نشرتها “كان 11″، جاء أن عملية حفر النفق بدأت في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2020، واصفا اليوم الذي بدأ فيه بحفر النفق في الزنزانة رقم 5 في القسم رقم 2 في سجن الجلبوع بأنه “يوم ولدت من جديد”.
وذكر الأسير العارضة أنه بدأ بحفر النفق بالتزامن مع تنفيذ قوات القمع التابعة لمصلحة سجون الاحتلال لعملية “علاج من الجذر”، وهي التسمية التي تطلقها وحدات القمع على أكثر عمليات التفتيش صرامة في زنازين وأقسام الأسرى الفلسطينيين.
وأوضح عارضة، بحسب محاضر التحقيقات التي أوردتها القناة الرسمية الإسرائيلية، أنه “انتقلت إلى الزنزانة رقم 5، التي كانت أقرب إلى جدار السجن (الخارجي) من الزنزانة السابقة. وعندها بدأت في الحفر”.
المحقق: كيف حركت الطبقة الحديدية في حمام الزنزانة؟
العارضة: “قمت بهذه الخطوة بمفردي. أخبرت الرفاق في الزنزانة أنني كنت أجهز مخبأ للهواتف – وكنت أخرج الرفاق من الزنزانة أثناء الحفر. لم أترك سوى واحد منهم كحارس”.
المحقق: ما الأدوات التي استخدمتها في الحفر؟
العارضة: “منذ مدة، تم استبدال الخزائن في الزنازين بخزائن حديدية. في وقت تبديل الخزائن القديمة، سقطت قطعة حديد على شكل مثلث من زاوية إحدى الخزائن. لم يلحظ الحراس ذلك”؛
“كان لدي أيضًا برغي معدني وجدته في ساحة السجن، كان يشبه السكين. لقد استخدمت حجرًا كبيرًا كمطرقة وبرغيًا كإزميل. استغرقت المرحلة الأولى حوالي 60 يومًا. كنت أعرف ما كان تحت الزنازين لأنني حاولت من قبل حفر نفق للفرار من سجن شطة”.
المحقق: هل لديك خبرة في حفر الأنفاق؟
العارضة: “حفرت في سجن شطة عام 2014، وهناك تم القبض علي. وهناك كذلك قمت بحفر نفق في أرضية حمام الزنزانة؛ لقد عرفت منذ 15 عامًا أن الأرضية ضعيفة في حمامات جميع الزنازين ومن الممكن حفر نفق، لكنني امتنعت عن فعل شيء كهذا.
المحقق: ألم تخشى أن يكتشف أمر حفر النفق؟
العارضة: “لا، ماذا كانوا سيفعلون بي؟ هل كانوا سيعاقبونني بالحبس لبضع سنوات إضافية؟ أنا محكوم بالسجن لمدى الحياة. ليس لدي ما أخسره”.
المحقق: كم كان طول النفق؟
العارضة: “لا أعرف بالضبط، زحفنا على بطوننا. ربما 25 مترا. حفرنا تحت زنازين غرف حتى تمكنا من الخروج”.
المحقق: متى انتهيت من الحفر؟
العارضة: “في اليوم السابق لتنفيذ عملية الفرار”.
المحقق: كيف عرفت أنك وصلت إلى نهاية النفق؟
العارضة: “رأيت الشمس وهكذا أدركت أنها كانت النهاية”.
وأوضح العارضة كذلك أنه كان يعتزم ترك رسالة في السجن قبل تنفيذ عملية الهروب، لكن الوقت لم يسعفه، كان ستتضمن رسالة تحذير من اضطرارهم لتنفيذ عملية في حال قامت إسرائيل بمعاقبة الأسرى في السجون بعد عملية الخروج من النفق.
ووفقا لـ”كان 11″ عثر مع أسرى عملية الجلبوع على رسم تخطيطي لمبنى السجن ورسم لخارطة فلسطين.
وذكر العارضة أنه كان يعلم بوجود برج حراسة عند مخرج النفق، ومع ذلك، قرر المخاطرة وتنفيذ عملية الهروب.
المحقق: ألم تخشى وجود حارس في البرج؟
العارضة: “لاحظنا تواجد سجان أحيانًا وأحيانًا لا يكون هناك أحد. كانت لدينا خطة ولم يؤثر علينا هذا الأمر أو يؤرقنا”.
ونجح العارضة، برفقة 5 معتقلين آخرين، جميعهم من سكان محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، بانتزاع حريتهم من السجن، في السادس من أيلول/ سبتمبر الماضي.
ومحمود العارضة المخطط لعملية جلبوع، هو ابن بلدة عرّابة إلى الشمال من مدينة جنين (شمالي الضفة الغربية)، وأحد قيادات حركة “الجهاد الإسلامي”، وتصنفه مصلحة سجون ومخابرات الاحتلال، كأحد أكثر الأسرى “خطورة”.
وقضى العارضة، في السجون الإسرائيلية نحو 28 عاما، منها 25 عاما بشكل متواصل، منذ العام 1996 وحتى الآن.
وفي العام 2014، حاول العارضة، مرتين الفرار من السجن، وفي إحداها حفر نفقا أسفل سجن “شطّة” (المجاور لسجن جلبوع)، غير أن أمره كُشف، وعاقبته السلطات الإسرائيلية بالسجن الانفرادي لأكثر من عام.
واُعتقل محمود العارضة في العام 1991، وكان عمره 14 عاما، بتهمة إلقاء عبوات حارقة “المولوتوف” على قوات الاحتلال الإسرائيلية. وأُفرج عنه بعد ثلاث سنوات ونصف، ليعود من جديد لمقاومة الاحتلال.
واستطاع العارضة بعد تحرره، تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل، إحداها أسفرت عن مقتل مستوطن إسرائيلي. وفي عام 1996، اعتقل العارضة، وأصدرت محكمة إسرائيلية بحقه حكما بالسجن المؤبد مدى الحياة.
وفي سجنه، بات العارضة أحد أبرز قيادات أسرى حركة “الجهاد الإسلامي”، وانتخب عضوًا في الهيئة القيادية العليا لأسرى الحركة، ونائبا للأمين العام للهيئة. وأطلقت حركة الجهاد الإسلامي على العارضة لقب “قائد عملية التحرر وانتزاع الحرية”.
فلسطين اليوم
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.