في ظل فشل إسرائيل تحقيق الأهداف التي أعلنتها مع انطلاق عمليتها العسكرية وعدوانها المستمر في قطاع غزة، يتعرض المواطنون والشركات على حد سواء لموجات إفلاس عنيفة من شأنها أن تترك آثاراً غائرة في اقتصاد البلاد الذي يعاني من نقص الطلب والعمالة.
في تقرير نشرته الخميس، أفادت صحيفة Calcalist الإسرائيلية بأن خمسة بنوك إسرائيلية كبرى خصصت 3.1 مليار شيكل (قرابة 830 مليون دولار أمريكي) لخسائر الائتمان في الربع الثالث، بسبب الحرب الأخيرة على غزة، وهي الخطوة التي قرأها الخبراء على أنها ساتر لمواجهة موجة إفلاس ستعصف بالشركات الصغيرة.
وبينما هزت الصدمة الأولى لعملية طوفان الأقصى الأسواق الإسرائيلية، وتسببت في هبط المؤشر الرئيسي لبورصة تل أبيب وتراجع سعر الشيكل أمام الدولار، توقع المستثمرون أن يحمل استمرار العدوان لأمد طويل تكاليف اقتصادية كبيرة على الشركات الصغيرة والعائلات الفقيرة.
الشركات الصغرى في مهب الريح
تحرك البنوك الإسرائيلية يأتي ضمن خطوات تشكيل وسادة أمنية لسيناريو أزمة اقتصادية وشيكة ستتسبب فيه الحرب، والتي من شأنها أن تؤدي إلى موجة من القروض لأولئك الذين سيواجهون صعوبات. ويمثل تخصيص 3.1 مليار شيكل لخسائر الائتمان في الربع الثالث قفزة بمقدار 6.9 مرة مقارنة بالربع الماضي، عندما كان الرقم 448 مليون شيكل فقط.
وتعتبر البنوك قطاع الأعمال الصغيرة الأكثر عرضة للأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب. من وجهة نظر البنوك، لا يشكل هذا خطراً كبيراً، إذ إن الائتمان المقدم للشركات الصغيرة يشكل حوالي 10% من محفظتها الائتمانية في المتوسط، ولكن لا شك في أنه إذا حدثت موجة من حالات الإفلاس وإغلاق المؤسسات الصغيرة والشركات، ستكون ضربة قوية للاقتصاد.
ولم تكن الحرب وحدها هي من ألحقت الضرر بالشركات الإسرائيلية الصغيرة. حيث دخلت الشركات الصغيرة الحرب من نقطة ضعف، إذ كان لتباطؤ الاقتصاد تأثير سلبي في دخلها، كما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة حادة في نفقات التمويل، كما أدى التضخم إلى زيادة نفقاتها.
وجاءت الحرب لتشكل ضربة قوية أخرى لمعظم الشركات من الحجم الصغير. وذكرت البنوك أيضاً أنها تدرك الضائقة في قطاعات مثل السياحة والتجارة والترفيه والمطاعم وكذلك القطاعات الصناعية والتجارية في المناطق التي أُخليت.
موجة فقر تضرب آلاف العائلات
حسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية الخميس، ستعاني آلاف العائلات ذات الخلفية الاقتصادية الضعيفة من خطر تدهور وضعها الاقتصادي، مع استمرار الحرب على قطاع غزة. الأمر الذي من شأنه أن يترك أثراً كبيراً في الاقتصاد الإسرائيلي.
وتشير البيانات الأولية التي جمعتها وزارة الرفاه والضمان الاجتماعي الإسرائيلية إلى خطر تدهور وضع الأسر ذات الخلفيات الاقتصادية الصعبة وزيادة في عدد طلبات المساعدة . إذ قال ممثلو الوزارة “نحن حالياً في المرحلة الأولى من تحديد نطاق التدهور بهدف منعه”.
وفي مناقشات في مكتب رئيس الوزراء، حذر ممثلو الرعاية الاجتماعية من “إغراق السوق بالقروض غير المصرفية وانتشار السوق الموازية، والتي ستميل العائلات إلى استخدامها بسبب الصعوبات الاقتصادية التي وقعت فيها”.
ومن بين أمور أخرى، زاد معدل المساعدات بمقدار أربعة أضعاف للأسر الفقيرة المضطرة لدفع الإيجار أو الرهن العقاري، فضلاً عن “طلبات غير عادية” من الأسر التي تسعى لاستخدام المساعدات لشراء المنتجات الغذائية.
خسائر اقتصادية فادحة
خلال حديثه لصحيفة فايننشال تايمز أشار جاي بيت أور كبير الاقتصاديين في شركة بساجوت للاستثمار، إلى أن التداعيات الاقتصادية للحرب قد تكون أسوأ من المواجهة التي استمرت شهراً بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، وهي واحدة من أكبر حروبها الأخيرة، وأن الناتج الاقتصادي قد ينكمش بنسبة تصل إلى 2 أو 3% بين الربعين الثالث والرابع.
وقال أور: “نحن أمام عملية طويلة وستؤدي إلى خسائر فادحة في الاقتصاد الإسرائيلي. يلغي الناس العطلات والحفلات والمناسبات. الناس يقيمون في المنازل والأطفال كذلك، لذلك لا يستطيع كثير من الناس العمل”.
ومع تزايد وضوح حجم التأثير المحتمل، تزايدت الطلبات على المساعدة الحكومية. وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريش خطة لمساعدة الشركات التي تضررت إيراداتها لتغطية تكاليفها الثابتة، بالإضافة إلى المساعدة المالية للعمال غير القادرين على الوصول إلى العمل. وتدخل البنك المركزي أيضاً، وأعلن حينها أنه سيبيع ما يصل إلى 30 مليار دولار من احتياطيات الدولار لدعم الشيكل.
وعلى صعيد متصل، قال سموتريش إنه نتيجة لخطط المساعدة، قد يرتفع العجز الحكومي إلى 3.5% هذا العام، أي أكثر من نسبة 1.1% التي كانت مستهدفة في السابق. فيما توقع الاقتصاديون عجزاً أكبر بكثير في العام المقبل.
TRT عربي
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.