ناصر علي – خاص الناشر |
تميّزت المرأة بالحسّ الجماليّ حتّى في أدقّ التّفاصيل والذي يُكمّل الحسّ المنطقيّ لدى الرّجل. وبهذا التّكامل تسري الحياة في كلّ مساحةٍ تتطلّب تواجدهما معً. وإحدى أهمّ تلك السّاحات هي الأسرة والمنزل.
في عصر التّخلّف والجهل ظنّ بعض المتحجّرين أنّ المنزل هو سجن المرأة وأنّها لم تُخلَق إلّا للخدمة والاستعباد، في حين يذهب كثيرٌ من المتحرّرين في زمن ما يُسمّى التّحضّر إلى اعتبار أنّ هذه الوظائف المنزليّة هي تخلّف واستحقار للمرأة. حقيقةً لقد أخطأ الفريقان بحقّ المرأة ودورها الذي لن تستطيع أيّة نظريّة التّقليل من أهميّته.
إنّ قانون التّكامل الّذي يفرض نفسه في كلّ ميدان، يمنح المرأة كما الرّجل حقّ المشاركة الفاعلة في كلّ الأعمال الّتي تتناسب مع شأنيّة المرأة، وهي إمّا مباشَرة أو غير مباشَرة. وحتّى لا نتوسّع في الحديث عن الحقوق، نقتصر على ما يهمّ مقالنا وهي حدود الأسرة والمنزل.
بالمنظور الإسلاميّ، المرأة إنسان له قدسيّته وله دوره المهمّ والّذي قد يفوق دور الرّجل وخاصّةً في إطار العائلة. وقبل أن يمنحها هذا الدّور بيّن أهميّة احترام المرأة في هذا الإطار؛ فهو لا يعتبرها خادمة محقّرة، بل إنّ هذه الأعمال اكتسبت أهمّيتها من خلال دمجها في نطاق عمل المرأة، والّتي لا يمكن لغير المرأة إنجازها، فصار لزاماً معرفة أهميّة الدور الّذي تضطلع به المرأة داخل بيتها.
فالنظافة المنزليّة والاهتمام بتربية الأولاد، والرّعاية الصّحيّة والغذاء السّليم والجوّ الأسريّ المفعم باللّطافة والمحبّة، فضلًا عن الإدارة الماليّة وحُسن تدبير أمور المعاش وتنظيم باقي أمور الأسرة الّتي لا تنتهي، كلّ ذلك عملٌ جبّارٌ لا يُمكن أن توكله المرأة إلى خادمةٍ مستأجَرةٍ لِتُسلّمها زمام الأمور بحجّة أن لها الحقّ في العمل خارجًا أو الحقّ في الرّاحة والتّمتّع بوقتها.
لا نُنكر أنّ للمرأة حقّ الاستفادة من وقتها بالأمور الّتي تساعدها على التّكامل واكتساب العلم والمعرفة، إلّا أنّها يجب أن تعلم أنّ الأسرة هي الأولويّة وأنّها تستطيع إذا ما تمكّنت من إدارة وقتها بشكلٍ سليمٍ، أن تنجز أعمالها اتجاه أسرتها وفي الوقت نفسه تُحقّق نجاحاتها وطموحاتها المشروعة المرتبطة بشخصها أو المجتمع، فهي تتمتّع بحسٍّ إبداعيٍّ في الإدارة وهذا امتيازٌ للمرأة قلّما تجده عند الرّجل.
فالإسلام لم يحجّم المرأة ويحدّ من دورها بل ذهب إلى حدّ أن يصفها بأنّها صانعة الإنسان، بالصّبر والعاطفة وتحمّل الأعباء والقدرة على إنجاز التّفاصيل المهمّة في بناء شخصيّة الطّفل، فتكون المرأة في بيتها المربّية والمديرة والمدبّرة والمعاملة المثابرة، وإذا ما اضطرّت للعمل خارج المنزل فإنّها لا تُهمل المراقبة والمتابعة لمن أوكَلَت إليها مهمّة المساعدة في إنجاز أعمال المنزل ويبقى أمر تربية الأطفال بعُهدتها.
حقٌّ للمرأة أن يُعرَف قدرها، فـ”ربّة منزل” تكاد تكون أعظم وظيفةٍ لا بديل عن المرأة في تأديتها، ومن دونها لا يمكن بناء الأسرة السّليمة نواة المجتمع السّليم الّذي يرنو إلى التّحضّر والرّقيّ.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.