هل أخذت السعودية بنصائح السيد؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تتوالى في الآونة الأخيرة التحولات السعودية في الشؤون المختلفة، والتي تشبه إلى حدٍ ما المراجعة الشاملة. في الشأن السياسي برزت عدة تحولات بقضايا مختلفة، وليس آخرها القمم الثلاثة التي عقدتها السعودية مع الجانب الصيني، ما يجعل المراقب يتساءل عن مضامينها وفحواها. فما علاقة هذه التحولات بنصائح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله؟

أجرت السعودية تحولات عدة برزت للعلن في سياستها الخارجية تجاه ملفات عدة تخص علاقات السعودية بجوارها الجغرافي وعلاقاتها العربية، ومن هنا سننطلق بالإجابة عن التساؤل الذي طرحناه أعلاه.

الكل يعلم بأن سماحة السيد نصر الله في خطابات عدة ألقاها وفي مقابلاتٍ تلفزيونية أجراها، قدم نصائحه للمملكة العربية السعودية بخصوص ملفات أهمها العدوان على اليمن وعلاقة السعودية بجيرانها والحرب على سوريا.

العدوان على اليمن
خلال الحفل التأبيني الذي أقامه تجمع العلماء المسلمين في لبنان للراحل القاضي الشيخ أحمد الزين بتاريخ (31-3-2021) توجه السيد نصر الله بنصيحة للسعودية قائلاً: “أريد أن أقول وأوجه نداء للسعودية ‏وحكامها، لا تضيعوا الوقت، هذه اللعبة لن تنطلي على الجماعة، إذا كنتم ‏جادين وصادقين بمعزل عن خلفية القرار في وقف الحرب، اذهبوا إلى وقف ‏الحرب وإلى رفع الحصار وفتح الباب أمام الأطراف اليمنية ليتفاوضوا ويتحاوروا فيما بينهم وهم الذين يختارون الوسطاء الذين يعينونهم في هذا الحوار، ‏واستفيدوا من الوقت ولا تضيعوا الوقت أكثر من هذا”.

وفي خطاب آخر بتاريخ (11-04-2022) قال السيد نصر الله: “لا تراهنوا على التفاوض مع آخرين غير المجلس السياسي اليمني الأعلى وحركة أنصار الله وقائدهم وكبيرهم القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي نصره الله وحفظه”، وتابع قائلاً “إن اليمنيين هم طرف التفاوض. احكوا معهم، ولا تتوقعوا من الجمهورية الإسلامية في إيران أو أصدقاء آخرين أن يضغطوا على اليمنيين المظلومين”.

والآن السعودية منذ الإعلان عن الهدنة الأولى مع اليمن إلى تمديدها مرات عدة وإلى يومنا هذا، تسعى على ما يبدو إلى إنهاء هذه الحرب، ومن المؤشرات على جلوس السعودية مع اليمنيين ما أعلن عنه ما يسمى بـ”التحالف العربي”، أن “وفدين من التحالف العربي وأنصار الله تبادلا زيارة للأسرى، في إطار مبادرة حسن نوايا وجهود لبناء الثقة بهدف تمديد الهدنة في اليمن”، ويؤكده ما قاله المدعو تركي المالكي (المتحدث باسم قوات التحالف) أن “هذه الزيارة ذات الطابع الإنساني تعنى بملف الأسرى كحالة إنسانية بحتة، كما أنها تأتي كأحد مكاسب الهدنة والسعي لتمديدها”.

الحرب على سوريا
أما في الحرب الكونية على سوريا والتي كانت دول خليجية جزءًا أساسيًّا منها وخاصة السعودية، ففي مقابلة لسماحة الأمين العام مع قناة الميادين بتاريخ “15-1-2015″، نصح السيد حسن نصر الله: “لو السعودية ذهبت بشكل جاد إلى حل سياسي في سوريا فالأكيد أن هذا يعطي دفعًا قويًّا للحل السياسي”.

وقد برزت مؤخرًا مؤشرات على عودة العلاقات السعودية ـ السورية، ومنها تسلم الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ (20-6-2022) أوراق اعتماد السفير البحريني وحيد مبارك سيار سفيرًا فوق العادة ومفوضًا لمملكة البحرين في دمشق”. ومن المعروف بأن السياسة الخارجية البحرينية تتطابق مع سياسة المملكة العربية السعودية وتوجهاتها، إلى درجة أن ما تريد فعله السعودية ولا تريد أن تكون هي في الواجهة تدفع بالبحرين تجاهه.

ومن المؤشرات أيضًا، ما قامت به السعودية مؤخرًا خلال قممها الثلاثة مع الصين، من رفع العلم السوري الرسمي في أحد شوارعها. وعلى ما يبدو فإن السعودية تحاول وصل ما انقطع مع سوريا وخاصةً بعد ما أعلن عنه الرئيس التركي عن قمة تركية روسية سورية مرتقبة.

علاقة السعودية بإيران
أما عن العلاقات السعودية الإيرانية، فقد نصح السيد نصر الله في خلال خطابه بمناسبة الذكرى الـ17 لعيد المقاومة والتحرير في (25-5-2017) متوجهًا للسعودية، بالقول إن “الحوار مع إيران هو الحل الوحيد لمصلحة المنطقة ولمصلحتكم أنتم وغير ذلك لن يؤدي إلى نتيجة”.

ومن الصدفة أن كلام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عقب انعقاد القمة (العربية – الصينية) بتاريخ (9-12-2022) من أن “أمن المنطقة مرهون بإقامة علاقات خليجية إيرانية جيدة، معربًا عن رغبة المملكة ودول الخليج في تحسين العلاقات مع طهران”، وأن إيران “جزء من المنطقة وجارة، والمملكة ستواصل مد اليد لها؛ سعيًا إلى علاقة إيجابية تخدم استقرار المنطقة”، جاء على نحو كبير مطابقاً لنصيحة السيد نصر الله، ومن المعروف بأن السعودية وإيران أجرتا عدة جولات حوارية بغية التوصل إلى علاقات أفضل بين البلدين.

هذا وقد نصح السيد نصر الله بخطابات عدة اللبنانيين بالتوجه شرقًا إلى دول مثل الصين وروسيا، وهذا ما لوحت به السعودية خلال قممها الثلاثة مع الصين والتي عقدت اتفاقيات بمليارات الدولارات بين الجانبين، فعلى ما يبدو أن المملكة العربية السعودية أخذت بنصائح السيد حسن نصر الله، ومنها التوجه شرقًا، فيما لا يزال المسؤولون اللبنانيون يتهيبون القيام بهذه الخطوة الكبيرة، فالسعودية عملت بما تقتضيه مصالحها، فمتى يعمل اللبنانيون بما تقتضيه مصلحتهم؟

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد