عن رسالة الحاج علي شعيب.. عن الإعلام المقاتل

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لأرض الحدود أسلوبها الخاص في رسم المشهد. هي الشّاهد الأصدق على كلّ ما مرّ هنا، على كلّ من مرّ من هنا. وجهها التراب النقيّ المفعم بملامح من عبروا منها شهداء، ذراعاها هيية أهل العسكر، وعيناها الحاج علي شعيب.

الڤيديو الذي تضمّن رسالة الحاج علي اليوم مباشرة من على ما يُسمّى بخطّ الانسحاب الذي لا يعترف به لبنان في مزارع شبعا، والذي يوثّق اقتراب جنود العدوّ منه معزّزين بدبابة وهم مدجّجون بخوفهم، انعكس بهجة في صفوف أهل المقاومة والكرامة، حلّ على قلوبهم حلول الشّتوة الأولى على أرض شقّقها الهمّ المتكدّس أزمة بعد أزمة.

أما صورته مواجهًا الدبابة الاسرائيلية ورافعًا العلم اللبناني فانتشرت بين المحبّين كراية تشير إلى هويّة أهلها، والهويّة هنا كلّ سماتها مقاومة.

هزئ الحاج علي بالاحتلال، كعادته. وثّق ونقل الصورة الأنقى عن طبيعة هؤلاء المارقين الذين مهما جرى تحصينهم بالعتاد المتطوّر، لا يجيدون إخفاء ملامح خوفهم من “مراسل”، كما يعرّف الرجل الذي طعّم هويّة الإعلام بمزايا العسكر عن نفسه.

أكمل رسالته وهم يقتربون وهو يدلّ عليهم، ينقل بدقة حركتهم المتخوّفة من حضوره، من وقفته، من تمثيله للجهة التي تثير الرعب في قلوب الصهاينة وتشكّل التهديد الأبرز لكيانهم.

المشهد بحدّ ذاته رسالة يجيد الصهيوني قراءتها، تمامًا كما الرسالة التي وصلته عبر الغوص ١٨ ساعة وإحياء مراسم الأربعينية المقدّسة تحت الماء. هذه الرسائل التي يحاول المتصهينون التقليل من أهميّتها ووقعها يتلقّفها الصهيوني بطريقة تزيده رعبًا وتجعله في كلّ مرّة يعيد حساباته بعد أن كان “اجتياح لبنان” بالنسبة له نزهة تستطيع الفرقة الموسيقية في جيشه “الذي لا يُقهر” أن تنفّذها بلا خسائر.

منذ أن دخل مصطلح المراسل الحربي إلى يومياتنا، ارتبط بصورة الحاج علي شعيب الذي لا يفارق حقول الحدود. صار العشب هناك يعرفه، وصار رفيق السنابل الملأى بالعزّ والحانية تواضعًا وثقلًا نوعيًا. صار صديق أهل الحدود الذين يمتلكون فراسة من نوع خاص، تتيح لهم التعرّف بدقّة على الوجوه التي تقاوم، الملثّمة منها والعلنية، وعلى الأصوات التي تنطق بالحقّ وبالعزّة، وعلى الإعلاميين الذين لا يهابون في الشرف لومة دخيل على المهنة وقد باع نفسه لأوّل من سعّر واشترى.

هي ليست المرة الأولى التي يدخل فيها الحاج علي إلى بيوتنا كبشارة ودليل نصر، وحكمًا لن تكون الأخيرة، ففي كلّ يوم له محطّة يهزأ فيها بالمحتلّ ويذكّره بضعفه. مِن كشف لعبة “الدمى الجنود” التي وزّعها العدوّ على نقاط مختلفة عند الحدود ليوهم رجال المقاومة بأنّ جنوده لا يقفون على “اجر ونص” وليستدرجهم لاستهداف الدمى كي ينجو جبناؤه الذين من لحم ودم، إلى تصوير هؤلاء الجنود وهم يمارسون شتى أنواع البلاهة وعدم مراعاتهم للحد الأدنى من الانضباط العسكري ولا سيّما نوبات الذعر التي تصيب بعضهم بين الفينة والأخرى إذا عبر طائر أو إذا اكتشفوا فتحة في الجدار.

يجمع أهل المقاومة أن الحاج علي جبهة تتنقل فوق أرض الحدود، وأنّه فيلق اعلاميّ حربيّ يسطّر النّصر تلو النّصر، وأنّه الصديق والأخ والقريب والخلوق والمحارب.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد