لا شك أن تحذير إيغور كوستيوكوف، رئيس الإدارة الرئيسية لهيئة الأركان العامة الروسية (المخابرات العسكرية)، من احتمال أن تصبح سوريا ساحة مواجهة إسرائيلية إيرانية بدفع من الولايات المتحدة، يلقي الضوء على عدة حقائق ينبغي رصدها وإلقاء الضوء عليها:
1- كوستيوكوف هو مدير المخابرات العسكرية الروسية ومنصبه من المناصب الحساسة والتي تحتم عليه المصداقية التامة.
2- كما أنها معلومات استخباراتية وبالتالي فهي مبنية على رصد وشواهد ودلائل.
3- التصريحات صدرت في مؤتمر موسكو للأمن الدولي، وبالتالي فهي تصريحات مسؤولة ويراد إعلانها على العالم كله ووصولها للجميع.
وفي شأن التدخل الأميركي في سوريا، قال كوستيوكوف إنه بمشاركة شركات أميركية، يتم إنتاج 220 ألف برميل نفط يوميًّا في سوريا، حيث تستمر الولايات المتحدة في نهب ثروات البلاد. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة تدرب مقاتلين للمعارضة السورية وتنظيم “داعش” الإرهابي على تنفيذ هجمات إرهابية داخل مناطق سيطرة الحكومة السورية، مضيفًا أن المخابرات الغربية، من خلال منظمات غير حكومية خاضعة لسيطرتها، تقدم الدعم للجماعات المتطرفة في سوريا.
هنا لنا وقفة مع الشواهد التي تسارعت وتكثفت في الأيام الأخيرة، وعلى رأسها تزامن العدوان الصهيوني والتركي، وهو تزامن لافت، خاصة وأنه يحمل سمات مشتركة، أبرزها:
أولًا: المساس بهيبة الدولة السورية وتشتيت جهودها وتمركزاتها والسماح للتنظيمات الإرهابية بحرية الحركة، وخاصة بعد نجاحات حققها الجيش العربي السوري في استهداف قادة مهمين في هذه التنظيمات.
ثانيًا: التحدي العلني لروسيا وإيران، واللتين أعلنتا رفضهما المساس بوحدة سوريا والرفض التام للانتهاكات والمساس بالسيادة السورية.
هنا يبرز التحدي الصهيوني لروسيا بقصف ميناء طرطوس الذي يحوي سفنًا وغواصات روسية، كما يبرز التحدي التركي لروسيا بقصف علني لتمركزات الجيش العربي السوري لصالح التنظيمات الإرهابية المعادية لروسيا رغم كافة التحذيرات الروسية والطلعات الجوية المشتركة والتي أجلت العملية العدوانية التركية التي أعلن عنها أردوغان أكثر من مرة.
الشاهد هنا أننا أمام تصعيد خطير يحمل تحديًا مباشرًا وصريحًا وليس مجرد مناورات لتحسين شروط التفاوض مع الروس. كما أننا أمام اصطفاف واضح الملامح التي تتشكل كما يلي:
وفقًا لتصريحات رئيس المخابرات العسكرية الروسية والقصف الصهيوني والتركي، فإننا أمام اصطفاف أميركي صهيوني تركي، مواجه لسوريا وروسيا وإيران، وهذا المسار يتخذ شكلًا تصعيديًا متدرجًا وبالتوازي مع تصعيد التدخل الأميركي التركي في الحرب في أوكرانيا، حيث تزداد الإمدادات العسكرية الأميركية والتركية كمًّا ونوعًا، ناهيك عن فتح تركيا لجبهة أذربيجان وأرمينيا، وهو أمر يصعب تخيل عدم وجود تنسيق به مع أميركا والعدو الإسرائيلي.
ربما تكون المناورات السياسية التركية بتصريحات حول حوار مزعوم مع القيادة السورية، هي محض إلهاء وتعمية عن خطط استهداف واسعة تفتح سوريا كجبهة جديدة في الصراع الروسي الأميركي، ناهيك عن كونها جبهة فعلية في الصراع الإقليمي بين المعسكر الصهيو أميركي ومحور المقاومة.
هذا الأمر يستوجب الحذر الشديد والجهوزية التامة، وخاصة، ونحن مقبلون على أسابيع ساخنة قد يترتب عليها مستقبل الإقليم على خلفية الصراع بين المقاومة والعدو الإسرائيلي على حقوق لبنان وثرواته.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.