أكتبُ لكَ اليوم وأنا الخائبُ يا فخامة الرئيس، وأقول لك بصدقٍ: ارحل، فقد آنَ الأوانُ أن ترحلَ بعدَ ٦ سنواتٍ من الجنون!
ارحل فقد آنَ الأوان أن تستريح وتعود الى ثكنتك في الرابية، هناك حيث ستنامُ مرتاحاً على وسادتك الخاصة التي اشتاقتك! حتّى رأسك اشتاق أن يغفو عليها مرتاحاً من “القرف” الذي تشعر به كما عبَّرت لأحد زوّار القصر منذ مدّة.
ارحل، فقد آنَ الأوانُ أن تُنزلَ عن كتفيك حملاً لعلَّك اعتقدت أنه يستحق، وأنّه لن يكونَ بصعوبة حرب الالغاء التي خيضت ضدَّك في العام ٩٠، والتي واجهتها مع ما حملَتْهُ من أخطارٍ وأخطاء.
ارحل يا فخامة الرئيس واترك خلفكَ قصر البروتوكولاتِ التي لا تشبهك، وكل ما يوجِبُه ذاك الكرسيُّ من تحمل لمواقف ما كان ليسكت عنها جنرال الرابية.
ارحل، وَضِّب أمتعتك وقناعتك وعد بها الى منزلك، ولو انها ستصبغُ الكرسيَّ الخشبيّ الى عقودٍ وعهودٍ مقبلة، فأيُّ رئيسٍ سيأتي بعدك بخفةٍ في القرارات والمبادئ؟ لا، وإن جلسَ على الكرسيِّ رئيسٌ خفيفٌ فلن يراه أحدٌ بعدك.
ارحل فخامتك، فالتاريخ سيكتبُ ذاتَ يومٍ أنَّ لبنانَ النفطيِّ لم يجرؤ على التنقيب والاستخراج إلّا في عهدك.
غادر أيها الرئيس برجَ مراقبةِ الفساد والهدر والنهب والسرقة، وانت الرافضُ أن تشاهد ذلك فتسكت عنه.
عُد الى منزلك، وأنت الجريءُ على تخطي فيتو أميركا والعرب في منع الجيش اللبناني من محاربة الارهاب الذي تكدَّس لسنواتٍ في جرود بلادنا الشرقية.
ارحل يا صاحب الخطاب الشهير في الأمم المتحدة، يوم الواحد والعشرين من ايلول من العام ٢٠١٧، والذي طالبت فيه المجتمع الدوليّ بتحمل مسؤولياته في اعادة النازحين السوريين الذين هربوا من نزاع الاخرين على ارضهم بحماية ذاك المجتمع الدوليِّ نفسه الذي هجّر الفلسطينيين الى لبنان كما سائر العالم دون أن يضع حدًّا للممارسات الصهيونية.
ارحل فخامة الرئيس، وأنتَ الذي واجه بما فيه الكفاية مؤامرة الجامعة العربية المحرِضةِ على لبنان ومقاومته، وزجّه بالصراعات وتحميله فشل السعودية في انغماسها في الوحل اليمني، واستعادة الرئيس سعد الحريري الذي اعتقلته الرياض، كما منعتَ جرَّ البلاد لحربِّ داخلية تستهوي مصاصي الدماء في لبنان والخارج.
ارحل ميشال عون وأنت الذي أصررتَ على انطلاقِ عهدك بعد عامين لضمان حسن تمثيل اللبنانيين، وتأليف حكومةٍ تتكاتف فيها الأيادي علّها تنتشل لبنان من أزمةٍ سيقع فيها لا محالة.
ارحل فخامتك، ارحل فأنت الوحيد الذي قرر تعرية نظام التشبيك بين السياسة والمال والاقتصاد، وبدل أن يقعوا هم، أوقعوا البلد في حفرة الانهيار، بتوقيتهم هم وعلى وتيرتهم هم.
ارحل يا فخامة الرئيس، فهم سينهون هذه المأساة فور رحيلك، سينقذون لبنان عقب رحيلك كي لا يتركوا لك إنجازاً واحداً يسجل لك.
ارحل، فهم لم يفعلوا ما فعلوه داخلياً وخارجياً سوى لأنَّ رئيساً مثلك ليس بدمية، جاء على كرسيٍّ من خشب لا حولَ له ولا قُوَّة.
ارحل ميشال عون بعد مضيِّ ما تبقى من عهدك، وعد الى بيتك مرتاح البال والضمير، ففي لبنان ليس هناك من يستأهلُكَ رئيساً له لا عليه.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.