يبلغ حجم الإنتاج العالمي من القمح حوالي 760 مليون طن سنويًا، تنتج منه روسيا وأوكرانيا حوالي 103 مليون طن، موزعة على الشكل التالي 77 مليون طن تنتجه روسيا، و 26 مليون طن تنتجه أوكرانيا .
تقوم الدولتان بتصدير حوالي 40 مليون طن موزعة ما بين 26 مليون طن تصدره روسيا، و 14 مليون طن تقوم أوكرانيا بتصديره للأسواق الخارجية، وإذا ما استبعدنا روسيا كون الأراضي الروسية بعيدة ولن تطالها الأزمة، كما أن أي عقوبات مفترضة عادة لا تشمل تصدير أو استيراد السلع الغذائية الأساسية، فإنه لن يكون هناك تخوّف كبير من فقدان هذه السلعة الاستراتيجية من الأسواق، حيث ان نسبة تصدير القمح الاوكراني لا تتجاوز 1.85 بالمئة من حجم الإنتاج العالمي، إضافة طبعًا الى أن العديد من الدول عادة ما تقوم بتأمين مخزون استراتيجي تتراوح مدته ما بين ثلاثة أشهر الى ستة أشهر.
وبالتالي، فإن المخزون الاستراتيجي المكون لدى معظم الدول يكفي حاجة السوق حاليًا لفترة تزيد عن ثلاثة أشهر ، يبقى طبعًا هناك بعض الخصوصية لبعض الدول القليلة والتي لا تملك هذا المخزون نتيجة لاسباب متعددة ومنها لبنان الذي خسر هذا المخزون نتيجة لتفجير مرفأ بيروت وتدمير إهراءات القمح التي لم تعد صالحة للتخزين.
لكن طبعًا يمكن تفادي هذه الأزمة من خلال تكوين بعض المخزون لدى مستودعات المطاحن والتي يمكن ان تكفي لشهر تقريباً ريثما يتم إعادة ترتيب وضع الإستيراد وإيجاد البدائل عن الأوكراني، والذي تعتمد السوق اللبنانية على الاستيراد منه بنسبة كبيرة جدًا تتجاوز 60 بالمئة .
من هنا يمكننا القول انه على المستوى العالمي لن يكون لدينا مشكلة فقدان لهذه السلعة، وإن كنا سنلحظ بعض الارتفاع في سعرها نتيجة لتقلص المعروض، ويمكن بالتالي الاستعاضة عن السوق الاوكرانية بأسواق أخرى تنتج نفس السلعة وبنفس المواصفات .
على المستوى العربي، الوضع شبيه بالوضع العالمي مع احتفاظ هذه الدول بمخزون استراتيجي ولفترة تزيد عن ثلاثة أشهر تعتبر كفترة سماح يتيح لها البحث خلالها عن أسواق بديلة .
أما على المستوى اللبناني، فستكون المشكلة أكبر لأن فترة السماح لا تتجاوز الشهر الواحد للبحث والتعاقد مع أسواق بديلة للسوق الاوكرانية.
لكن في النهاية لن نصل الى حد فقدان هذه السلعة من السوق بشكل كامل إذا ما كنا عمليين وجادين في عملية البحث والمفاوضات، أما إذا تمت هذه العملية بنفس عقلية وطريقة التفاوض الروتينية التي عودتنا عليها هذه الدولة فالخطر كبير ان لا نصل الى تأمين هذه السلعة بعد انتهاء المخزون الحالي، خاصة ان الأمر ليس بيد طرف واحد بل أطراف متعددة، تبدأ بوزارة الإقتصاد، الى حاكم مصرف لبنان وانتهاءًا بمجلس الوزراء ووزير المالية .
فهل في خضم موسم الانتخابات سيترك اللبنانيين بلا خبز ؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.