تشهد حضرموت وشبوة في شرق اليمن، أحداثًا متسارعة ربطًا بالمتغيّرات الآخذة في التبلور على خطّ العلاقة التي تربط السعودية والإمارات بأتباعهما على الأرض، بعد النكسات المتتالية التي تلقتاها في الجبهات، وخصوصًا في مأرب.
وبعد الإطاحة بمحافظ شبوة الموالي لحزب “الإصلاح” التابع للإخوان المسلمين في اليمن، محمد صالح بن عديو، بقرار من حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، وبمباركة سعودية، تم تعيين الشيخ عوض ابن الوزير العولقي، التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام، محافظًا جديدًا لشبوة. هذا الأمر فتح باب التكهّنات حول نيّة السعودية إعادة ترتيب ملف أدواتها في اليمن، عبر الإطاحة بالإخوان المسلمين وحزب (الإصلاح)، بعد أن وصلت إلى قناعة أنهم غير قادرين بعد الآن على تنفيذ المهام المطلوبة منهم، معتبرة أن الاعتماد على حزب المؤتمر بجناحه التابع لطارق صالح، نجل الرئيس الراحل على عبد الله صالح، قد يأتي بثمار أوفى لها، وهو الذي بات يمتلك حضورًا قويًا على الأرض بدعم إماراتي سخي.
أخيًرا، دخلت حضرموت على خطّ التغييرات الكبرى المرتقبة؛ فقد تدفّق المواطنون في المحافظة إلى النقطة الشعبية بمنطقة الردود للانطلاق إلى منطقة العيون بساحل حضرموت، لبدء اعتصام شعبي لمطالبة حكومة هادي بـ”الكف عن الفساد ونهب موارد حضرموت وثرواتها”. وفيما لوّح المحتجون بالتوجّه إلى ميناء الضبة لإيقاف تصدير نفط حضرموت في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم الشعبية، أفادت مصادر قبلية بأن قوات إماراتية معزّزة بمدرّعات وقوات سودانية انتشرت في وقت مبكر على طول الخط الساحلي القريب من ميناء الضبة على ساحل حضرموت.
وتزامنت هذه الخطوة مع دعوة مشايخ قبائل في حضرموت أبرزهم حسن الجابري، رئيس “لجنة التصعيد الشعبي”، لهبّة جديدة لاقتحام ميناء الضبّة عشية ترتيبات لتصدير شحنة نفط جديدة.
وتؤكد هذه التحرّكات صحة التقارير التي تتحدث عن تقاسم الإمارات والسعودية لعائدات النفط والغاز اليمني كغنائم للحرب التي تقودها الدولتان على اليمن منذ مارس من العام 2015.
وكانت الهبة الشعبية منعت خلال الفترة الماضية مئات الشاحنات المحملة بالنفط والأسماك من مغادرة النقاط التي نصبها مسلحو القبائل في منافذ ومداخل حضرموت؛ فيما يحاول “المجلس الانتقالي الموالي” للإمارات ركوب موجة الغضب واستغلالها لخدمة مصالحه.
في الأثناء، اعتبرت أوساط حضرمية أن ما يجري في حضرموت من تطورات يأتي في صلب ما تحضّر له السعودية والإمارات في المنطقة الشرقية من اليمن، لإجراء ترتيبات تخدم تحركها في المرحلة المقبلة. ورجّحت إقالة محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني، واستبداله بشخصية أخرى، قد تكون من حزب المؤتمر الشعبي العام، أو شخصية قبلية تحظى بقاعدة شعبية واسعة داخل حضرموت، تكون محطّ ثقة الرياض وأبو ظبي، على غرار ما حدث في شبوة.
إذًا، ما يجري في حضرموت كالذي جرى في شبوة، مهمته تهيئة الشروط اللازمة لإيجاد بيئة مناسبة للسعودية في هذه المنطقة، تمكنها من إعادة صياغة ورسم خريطة القوى والتحالفات في الجغرافيا اليمنية، حتى تتمكّن من تحقيق أهدافها المتعلّقة في أحد وجوهها بمعركة مأرب.
هنا يبرز رأي حضرمي يقول إن التحرّك الاستباقي الذي نفّذته قوات “العمالقة” نحو شبوة، يهدف، فضلًا عن محاولة استعادة مديريات بيحان من قبضة حركة “أنصار الله”، إلى محاولة منع سقوط مدينة مأرب بيد الحركة، وإفشال انضمام قوات المنطقة العسكرية الأولى المرابطة في حضرموت إليها، لأن سقوط مدينة مأرب بيد الحركة يجعل من خيار انضمام تلك القوة إليها في حكم المؤكد، أما في حال تمكنت قوات “العمالقة” من حماية مدينة مأرب ومنعت سقوطها ومن ثم تحرير ما يمكن تحريره من محافظة مأرب وتسليمها إلى طارق صالح وقواته، فسيتحول ولاء أفراد وضباط المنطقة العسكرية الأولى إلى طارق بدلًا عن الجنرال الإخواني محسن الأحمر، وستظل مرابطة في مواقعها في محافظة حضرموت.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.