السعودية ودورها الوظيفي وخطيئة الرهان على توبتها

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

احيانًا تأخذنا التقارير والتحليلات والتحقيقات الصحفية والتسريبات والسجالات إلى عوالم من اللغط والتيه والتشويش، بما يجعل الاستخلاصات مبهمة والدروس مبتورة، وهو ما يلقي بظلاله على المواقف الواجب اتخاذها والقناعات اللازم توفرها.

وهنا نحن بحاجة للعودة إلى بساطة غير ساذجة واختصار غير مبتور، وهو ما يقودنا إلى إعادة الاعتبار للمنطق وقواعده العقلية ومسلماته.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن تناول الحدث المتعلق بالتصعيد السعودي المفتعل في لبنان من عدة زوايا معقدة، تتناول الوضع الإقليمي والمأزق السعودي المتعلق بالفشل الكارثي في اليمن والرغبة في التقارب مع العدو الاسرائيلي وتقديم القرابين للأميريكي للرضا عن ولي العهد ورغبته في القفز على العرش وتنسيق خليجي مع السعودية لتشكيل تحالف يشبه تحالف العدوان على اليمن، وكذلك الرغبة في إفشال الوضع السياسي في لبنان لأن محصلته لا تصب في خانة النفوذ والهيمنة ولا في صالح اذناب السعودية في لبنان، وغيرها من الزوايا.

وإن كانت كل هذه الزوايا صحيحة، فإن اجتماعها دون رابط وسياق واضح قد يؤدي إلى التشتت ويصرف النظر عن المشروع السعودي الحقيقي الكامن وراء ممارسات السعودية التقليدية والتاريخية.

وهنا يمكننا الاجتهاد في رصد هذا الرابط وهذا السياق الحاكم للسياسة السعودية بل وربما فلسفة انشاء نظام آل سعود ودعمه وتمكينه وحمايته.

ونرى أن هذا السياق وهذه الفلسفة يشكلان معادلًا موضوعيًّا لمشروع التحرر الوطني في الأمة، وذلك بخلق نموذج مناقض تمامًا في كافة تفاصيله لمشروع التحرر والمقاومة والثورة، والترويج لهذا النموذج واستخدامه كمنبر مضاد دعائيًا للمقاومة ورأس حربة عسكري وسياسي على الأرض.

ولعل احتضان الفكر الوهابي وجعله بديلًا عن الإسلام كان تفريغًا للجوهر المقاوم والعادل والثائر في الاسلام لتحويله الى دين طيع للامراء والملوك والسلاطين وارهاب وتكفير للمخالفين والمهمشين والمستضعفين.

ولعل تحالفات المملكة الدائمة ضد كل حركات التحرر الوطني وعدائها لها باختلاف دياناتها ومذاهبها هو دليل على هذه الفلسفة التي تجعل المملكة في اصطفاف دائم ضد الثورات الحقيقية وفي تحالف دائم مع الاستعمار والاستبداد.

هنا تمارس المملكة دورها ككيان وظيفي لا كدولة تتغير تحالفاتها وتتطور سياساتها ورؤاها. وهنا يمكن رصد ممارساتها اين تدعم ومن تدعم واين تعادي ومن تعادي.

ولعل الفوضى هي الخيار الاميركي الصهيوني في المنطقة بعد نفاد خيار الحرب بفضل صمود المقاومة ومحورها ونجاحهما في تثبيت معادلات الردع وقواعد الاشتباك.

وهنا تنبري المملكة للدفع تجاه الفوضى سواء في سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن، والهدف باختصار هو خدمة اجندة اميركا والعدو الصهيوني في قطع تواصل محور المقاومة.

هنا يمكن رصد مواقف وتصريحات وتحالفات السعودية كتفاصيل متناثرة لا يجمعها رابط الا خدمة اجندة الاستعمار؛ فلو كانت الاجندة هي الحرب تجدها حاضرة بالتمويل والتجنيد، وإن كانت التهدئة تجدها حاضرة بالمهادنة والتظاهر بالتفاوض، وإن كانت الفوضى، تجدها حاضرة لخدمة كل ما يُحدث الفتن والنزاعات، ناهيك عن الحصار ودورها به.

ولعل الهدف من هذا الطرح وهذا المقال، هو الدعوة الى عدم التعاطي مع المملكة وسياساتها بالقطعة، بل بنظرة شاملة لفلسفة انشائها ودورها التاريخي، لأن هذا التعاطي الشامل، هو القائد لرد الفعل وللتعاطي السليم مع المملكة دون الوقوع في رهانات خاطئة أو أوهام تتعلق بتوبة او نكوص او استماع لصوت الاخوّة والوحدة.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد