مع تصاعد المواجهات بين حزب الله و”إسرائيل”، تبرز تساؤلات حول طبيعة الدور السوري في هذا الصراع. ورغم تعرضها لقصف “إسرائيلي” شبه يومي، تقدم دمشق دعمًا لحليفها، رغم ظروفها الداخلية المعقّدة. هذا الدعم، الذي يتسم بالحذر، يعكس مقاربة سورية تسعى لتجنب الانجرار إلى مواجهة شاملة، مع الحفاظ على حضورها في معادلة المقاومة والتوازن الإقليمي.
أين هي جبهة الإسناد السورية؟
تتصاعد التساؤلات في الشارع والإعلام حول غياب الدور السوري العلني في الصراع الحالي: أين سورية من هذه المواجهة؟ وأين جبهة الإسناد؟ ورغم شعور البعض بأن حزب الله يخوض المعركة منفردًا، إلا أن دمشق، المثقلة بضغوط داخلية وخارجية، تواصل دعمها بطرق غير مباشرة، متجنبة خطوات قد تؤدي إلى تصعيد واسع لا تتحمله الظروف الراهنة.
بكل وضوح، لا تستطيع سورية الانخراط المباشر في الحرب الحالية. كما أوضح السيد الشهيد نصر الله بعد 7 أكتوبر، فإن الساحة السورية مكشوفة بالكامل أمام الإسرائيليين، بما في ذلك القواعد العسكرية وغير العسكرية للجيش السوري. هذا الوضع ناتج بشكل أساسي عن وجود القواعد الأميركية داخل الأراضي السورية، ما يجعل أي تدخل مباشر بمثابة خطوة انتحارية.
السيناريو الوحيد الذي قد يدفع سورية للدخول في الحرب هو نشوب مواجهة شاملة تضم “إسرائيل” وأميركا ضدّ سورية وإيران ومحور المقاومة بأكمله. غير ذلك، سيكون التدخل مغامرة خطيرة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار سنوات الحرب الإرهابية التي أنهكت الدولة السورية واستنزفت مواردها على مدى طويل.
استهداف المعابر السورية.. ضرب خطوط الإمداد
كيف يمكن للإسرائيليين منع حزب الله من العودة إلى قوته؟ كان أمامهم هدفان: الأول هو إرجاع الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، والثاني هو منع ترميم قدراته، أي منع مرور الأسلحة عبر الأراضي السورية. إذا تمكّن من إعادة الحزب إلى ما وراء الليطاني دون أن ينجح في منع إعادة تسليحه، فهذا يعني أنه لم يحقق شيئًا.
أقر الجيش الإسرائيلي بقصف المعابر الحدودية بين سورية ولبنان بهدف منع وصول الأسلحة إلى حزب الله. وذكر في بيانه أن الهجوم استهدف بنى تحتية تستخدم لنقل الأسلحة من سورية إلى لبنان، مشيرًا إلى أن الطائرات الحربية استهدفت مواقع على الحدود السورية اللبنانية تُستخدم لنقل الأسلحة التي قد تُستخدم ضدّ “إسرائيل”.
ولكن وجد العدوّ ذريعة لقتل المدنيين عبر استهداف معابر مدنية بالكامل، خصوصًا في النقاط التي تربط لبنان بسورية عبر ريف دمشق وحمص. نقطة “المصنع”، أكبر معبر حدودي بين لبنان وسورية، تشهد يوميًا عبور آلاف المدنيين الفارين من الحرب الإسرائيلية، فهي النقطة المكشوفة التي يستحيل تمرير أي سلاح أو ذخيرة عبرها دون أن يلاحظها الجميع.
بعد بدء “معركة الإسناد”، بدأ الكيان الإسرائيلي يشير إلى “الجبهة السورية” كأكبر تهديد له. وقد شهدت الأراضي السورية تصاعدًا في الاعتداءات، بما في ذلك استهداف الأحياء السكنية في دمشق، وهو أمر جديد، بالإضافة إلى تدمير الجسور والبنية التحتية قرب الحدود اللبنانية. ربط الكيان هذه الهجمات بوجود شخصيات لها صلات بالمقاومة. ومع ذلك، أثبتت التحقيقات أن هذه الادّعاءات كانت زائفة تمامًا.
سورية لم ولن تنأى بالنفس فهي تتعرض يوميًا لقصف مكثف، مما أسفر عن استشهاد العديد من المدنيين، مثل مجزرة تدمر التي راح ضحيتها أكثر من 40 شهيدًا.
ورغم الوضع الاقتصادي الصعب، لم تتوانَ سورية عن احتضان المهجرين وتأمين ممر آمن لهم نحو العراق. الأوضاع في سورية قاسية، حيث لا كهرباء، ولا غاز، ولا مازوت، ولا بنزين، مما يجعل الانتقال المؤقت إلى العراق أمرًا ضروريًا.
سورية في قلب الحدث ووجودها ليس خجولًا ولطالما كانت صمام المقاومة. ولا نستطيع أن ننسى خطاب الرئيس بشار الأسد الاستشهادي في القمة العربية حيث لم يجرؤ غيره على ذكر المقاومة وحقها في الدفاع إن كان في فلسطين أو لبنان.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.