ابنا عمّ في عائلة مترفة تحترف أبًا عن جد الأدواتية، بل وُجدت ووُجد ترفها لتكون أداة وظيفية في سياق السيطرة على الأرض والنفوس. ابنا عمّ اعتادا التنافس في كلّ شيء، من العلامات المدرسية التي تمكّن “السلفتين” من التباهي إحداهما أمام الأخرى، إلى الخطاب السياسي المتحدّر من أدنى الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية، وما بينهما التنافس في لعبة إلكترونية أو أصوات انتخابية داخل نادي الكتائب أو خارجه، أو في حمام سباحة فاخر أو في ثياب أو في موقف سياسيّ يبالغ في عرض الخدمات الخيانية، ويفشل، بل يفشلان.
ابنا أمين وبشير تصدّرا المشهد الافتراضي في اليومين الأخيرين. يتنافسان بشكل واضح وإن داخل خانة واحدة موحّدة على اثبات كتائبيتهما وانتمائهما إلى صرح ساء صيته منذ ولد، وارتبط لفظ اسمه بالدم وبالارتكابات التي ما يزيد من بشاعتها أنّها كانت دائمًا بفعل أوامر مشغّل صهيوني.
ولكن الابنين لم يفهما حتّى الساعة أن المشروع الذي سقط على يد حبيبٍ شرتونيّ حرّ، وبفعل حتمية سقوط الأدوات الخيانية، مهما بدت في لحظة وهم تاريخيّ قويّة ومقتدرة ليس له فرصة نجاح أو وجود الآن.
لقد سقط المشروع في عزّ قوّة المشغّل. أيّ بلاهة وانعدام منطق يدفعان المتحدّرَين من نسله إلى محاولة تمريره مجدّدًا فيما يتخبّط المشغّل على غير هدى ويشهد مرحلة الدخول في زمن زواله؟ لا شيء يدفعهما لذلك سوى الوهم، الوهم الذي تخلقه حاجتهما للوجود، قلْ غريزة البقاء. فهل يبقى الإرث “الجميليّ” إن لم يقدّم في كلّ موقف أوراق اعتماد ترجو الغرب أن يخرج أوراق استثمارها من قمامة المشاريع أو من درج ما سقط منها وأثبت عدم جدواه؟
منذ أيام قليلة انتشر خبر مقابلة أجراها المدعو سامي ابن أمين مع صحافية “إسرائيلية ” وتلتها مجموعة من المواقف الصادرة عنه والتي كالعادة تتمحور حول العداء الكتائبي العتيق للمقاومة وأهلها، وتغرق في كلّ مرّة أكثر في مستنقع التصهين الآسن. عزّ على المدعو نديم ابن بشير أن يتصدّر اسم سامي المشهد، ولو في عبارات تدلّ على الاشمئزاز والتحقير، فدخله عبر منصّة X (تويتر سابقًا) بمنشور يجمع إلى الغباء المبين سيلًا من الأكاذيب الممجوجة، بل وبلغ حدّ المزايدة، هذا الصغير، في مقاربة العمالة لـ”إسرائيل”، لابسًا صوب ضحية التخوين. ولم ينتبه، لقصور فيه لا أدري، أن الخائن لا يُخوّن، وأن الخائن يبقى كذلك وإن رماه مشغّله في قمامة المستخدمين وكفّ عن تشغيله تسليمًا منه بعجزه وبلا جدوى الاستثمار فيه. لقد فشل الجيل الثالث من الجميليين حتّى في إقناع الصهاينة بمنحهم دورًا كالذي مُنح إلى آبائهم! أثمّة درك خيانيّ أقبح من هذا؟
يعاني كلّ من سامي ونديم الآن من الخواء. يواجهان بكلّ ما فيهما من بطالة على المستوى الأدواتي أعين الكتائبيين التي انتظرت منهما طويلًا أن يكونا على قدر وقوّة تجعل الصهاينة يرون فيهما مشاريع جيّدة تُستثمر في بلد يصحو في كلّ صبح أقوى بفعل الدم المقاوم، وأجمل. وأن يستعيد الكتائبيون اليوم صور بشير وكلمات أمين، رغم سقوطهما المشهود، فلكي يعوّض الخواء الحاصل والناتج عن تراكم الفشل الذي لم يتمكّن من صنع سواه الجمَيليان سامي ونديم على مرّ وجودهما في المشهد العام. وللأمانة، الإصرار على تكرار المحاولة هو أمر يُشهد به للصغيرين المدلّلين، وإن لم يكن دافعه سمات شخصية محترمة وإنّما حاجة وجودية: إن لم يواظبا على تكرار المحاولة بمختلف المسميّات، سيكونان أمام ضرورة الإقرار بحقيقة سقوط الكتائب بغير رجعة، وخروجهما من المشهد السياسيّ بذلّ مشهود. والصغيران، لم يتعلّما في حياتهما أي شيء آخر، وبالتالي مجبران وإن كانت ثروة العائلة المتراكمة في كلّ سنين الخيانة المدفوعة أضف إليها رواتبهم التقاعدية والسارية، تغنيهما إذا شاءا عن خوض غمار الفشل المشهود، فهي لن تكفي لسدّ جوعهما العتيق إلى السلطة وإلى الشعور بالوجود الفعّال، والذي يحسبانه حقًّا مكتسبًا لهما، بل يحسبانه حقًّا لهما دون سواهما، بفعل نموّهما في بيئة عائلية تكرّر على مسامعهما أنّهما أحقّ من غيرهما بالحياة وبالوجود! يواجه صغيرا الجميّل الآن كلّ ما تراكم من الخواء الكتائبي، ولا يقرّان به بل يهربان إلى الأمام، ويتنافسان على تقديم عروض الخيانة، ولا من مشتري!
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.