لا يزال وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، يصطدم بعقبات عدّة، لكن تجربة حزب الله في تبني مرشحٍ رئاسي، أعطته دفعًا من الصبر، حتى رغم ما سمعه في باريس من المستشار الرئاسي باتريك دوريل.
لكن تبقى العقدة الأساس للوزير فرنجية، كيفية العبور الى 85 صوتًا، انطلاقًا من 53 صوتًا كشف عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري. هذا الرقم حسابيًا ليس سهلًا، في ظل معارضة أكبر كتلتين مسيحيتين، التيار والقوات اللبنانية.
في معراب، لقاءات ومحادثات واتصالات، لمحاولة فهم مشهدِ المرحلة المقبلة، وموقف المملكة العربية السعودية من جديّة ربط أي تسوية داخلية باسم سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وبالرغم من عدم وضوح الموقف السعودي من اسم ابن زغرتا، لكن الرسالة السعودية بوجوب وصول رئيسٍ لا يشكل تحديًا لحزب الله كانت واضحة جدًا، والحكيم من الاشارة يفهم.
فريق سمير جعجع، ومن حوله، يدرس السيناريو الأنجع، والذي لا يكلف القوات خسارات إضافية في السياسة بعد التسويات التي هزّت معراب، وأبرزها التسوية السعودية تجاه سوريا، واللقاء المنتظر بين وزير الخارجية السعودي والرئيس السوري بشار الأسد، والمتوقع خلالها أن تتخلل دعوة للأسد لحضور القمة العربية في الرياض، في أيار المقبل.
ماذا لو عبرت السعودية بتسوية على حساب القوات اللبنانية، أفضت لوصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية؟ الأمر سيبدو مكلفًا بالنسبة لسمير جعجع، وهو الذي يفضل الشراكة في أي تسوية مقبلة على حساب خروجه من السلطة لنحو ستة أعوامٍ مقبلة، قد لا تكون كافيةً لينضج وصوله الى قصر بعبدا. ناهيك عن اعتبار حزبه والتيار الوطني الحر، مفتاح وصول فرنجية الى القصر الرئاسي، ما يعني أنه في حال رفض التسوية، وسار التيار بها، انقضاض التيار وجبران باسيل على الحصة المسيحية كاملةً في تلك التسوية. كل هذه المعطيات تجعل حسابات القوات هادئةً لا تعكسها التصريحات.
في الجهة المقابلة، حسم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل موقفه من انتخاب فرنجية: لا نصوت، لا نغطي، لا نسير بأي تسوية.
كل هذه الرسائل تلقفها القريب والبعيد، فحلفاء باسيل، باتوا يتصرفون على هذا الأساس، السعي نحو تسويةٍ، باسيل ليس طرفًا فيها، وبالتالي فإن أغلبية الـ85 صوتًا تفرض الحديث مع كل من ليس متمسكًا برفضه لفرنجية. ورغم الاشارات السلبية بين فريق الثنائي الشيعي ومعراب، لكن الطرفين يعلمان حساسية الوقت بالنسبة لاستحقاق كهذا، والطرفان يدركان أن الخاسر من لن يلحق بقطار التسويات، وبالتالي فإن عودة جعجع عن معارضته لانتخاب فرنجية أمرٌ ليس محالًا! هذا الأمر يعرفه الثنائي جيدًا، وجعجع أيضًا يعرفه جيدًا، لكن من يخشاه هو جبران باسيل، وهو الذي يحضّر أرضيته لخطاب تعرّضه وتياره للإلغاء، من دون أن يصل الأمر الى حربٍ في الداخل، وبالتالي، بالنسبة لباسيل، فإن أي شكلٍ من أشكال التسويات التي قد تفضي إلى كون سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، ستكون بمثابة حلفٍ رباعيٍّ، يرقى لمثابة حربِ إلغاء.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.