ضجت مركز الأبحاث ووسائل الاعلام الكبرى خلال الشهر الماضي، بتفسير المعلومات المتداولة حول “منتدى الدفاع الجوي الإقليمي” الذي سيجري إطلاقه خلال زيارة الرئيس الامريكي جو بايدن القادمة إلى المنطقة، حيث توقعت التقارير أن يجمع دولًا من غرب آسيا مع الكيان المؤقت تحت القيادة الامريكية، في شبكة متكاملة للدفاع الجوي الاقليمي الشامل.
سنحاول في هذا التحليل الاستشرافي الاجابة على الاسئلة التالية، فيما يخص النظام من الناحيتين السياسية والعسكرية:
- ما هو هذا النظام، وما هي طبيعته وهيكليته ووظيفته، هل هو نظام هجومي أو دفاعي؟
- ما هي المجالات التي سيعمل فيها هذا النظام؟
- ما هو دور ووظيفة الولايات المتحدة والكيان المؤقت فيه؟
- ماذا يعني انضمام دول من غرب آسيا إلى شكل من أشكال التعاون العسكري الاقليمي على المستويين السياسي والعسكري/ الأمني؟
- ما هي حظوظ تشكيله ونجاحه واستمراريته؟
- هل سيشمل دولاً قريبة لإيران؟
- ما هو خطره على إيران ودول محور المقاومة؟
- ما هي نقاط قوة هذا النظام وضعفه، على المستويين التعبوي (العملياتي) والاستراتيجي؟
مسيرة النظام منذ 1990 وحتى 2022
بداية لا بد من التنويه إلى أن هذا الشكل الجديد من أنظمة الدفاع الجوي المتكامل، هو المحاولة العاشرة لتثبيت وإنشاء هكذا نظام في المنطقة، وقد سبقته تسع محاولات لم يكتب لها النجاح، منذ عهد الرئيس الامريكي الأسبق جورج بوش الأب، عام 1991، حيث سعى في محاولتين لبناء نظام يؤمّن حماية للولايات المتحدة الامريكية وقواتها المنتشرة في الخليج، خلال وبعد حرب عاصفة الصحراء التي شنت عام 1991، من الصواريخ البالستية متوسطة وبعيدة المدى، التي أطلقها “نظام صدام حسين” خلال حرب عاصفة الصحراء وتسببت بأذى للأمريكيين و”الاسرائيليين”.
فجرى نشر نظامي الباتريوت بطوره الأول ونظام ستينغر آفنجر في عدد من الدول الخليجية (الكويت – السعودية – الامارات)، لغرض حماية الجنود الامريكيين المنتشرين في معظم دول الخليج. إلاّ أنّ محاولات تطوير المنظومة عام 1992 اصطدمت بمعارضة روسية (كان الاتحاد السوفياتي قد تفكك) بسبب خوف الروس الذين كانوا يخططون لانسحاب ما تبقّى من قواتهم وترك أفغانستان نهائيًا، من أن تكون للأنظمة الرادارية الملحقة، والصواريخ الامريكية البعيدة المدى، تأثير على حرية عمل القوات الصاروخية الروسية، أو أن تكون الرادارات المتطورة والبعيدة المدى التي كانت الولايات المتحدة بصدد نشرها وتشغيلها في الخليج، رادارات غير مصممة للدفاع عن القوات الامريكية، بل يكون غرضها هو الجبهة الغربية والجنوبية الروسية التي تجعلهما هكذا رادارات في حالة من الانكشاف التام، مما يحقّق للأمريكيين سيطرة رادارية أمريكية على جنوبي وغربي روسيا. فتم التراجع عن الخطوة الامريكية والاقتصار على المنظومة المفعّلة منذ حرب الخليج الثانية.
وجرت عدة محاولات في عهود كلينتون وبوش الابن وأوباما وبداية عهد ترامب، لإعادة بناء هذه المنظومة دون فائدة، حيث انضمت إيران والصين وباكستان إلى الدول المعترضة على هكذا نظام.
قبيل نهاية عهد ترامب بسنة، وفي 14 أيلول 2019، وبعد الضربة الصاروخية اليمنية الناجحة لمنشأتي “بقيق وخريص النفطيتين السعوديتين”، وتأثر تجارة النفط العالمية بشكل كبير، قرّر الأمريكيون سحب الباتريوت وإعادة النظر في مجمل بنية نظام الدفاع الجوي الامريكي المنتشر في 4 بلاد خليجية في 18 موقعًا. وتمت دراسة أسباب الفشل الذريع في النظام، فتبيّن أنّ نوعين من الوسائط الطائرة اليمنية، لا يمكن للنظام القديم التعامل معها أو كشفها، وهي المسيّرات والصواريخ المجنحة منخفضة المسار من نوع كروز. وتبين للأمريكيين أنّ هناك قصورًا كبيرًا في أنظمة الكشف والتعقّب وأنظمة الانذار المبكر الامريكية، فضلاً عن تشتت وفوضى في نظام القيادة والسيطرة الحيوي في مجال الدفاع الجوي، الذي تتباين مستوياته بين دولة وأخرى وداخل بعض الدول كالعراق والسعودية والامارات، حيث إن الامريكيين في صياغتهم لمبادئ دفاعهم الجوي في الخليج، قدّموا أولوية حماية قواتهم على أي شيء آخر. وتبين لديهم أن اعتماد دفاع النقطة أو المنطقة نتج عنه ثغرات فادحة في نظام الحماية الجوية ومناطق عمياء، استطاعت القوة الجوية اليمنية النفاذ منها لتنفيذ ضرباتها الدقيقة والناجحة، وتبيّن للأمريكيين أن دولتين كالسعودية التي نشرت فيها الولايات المتحدة 18 بطارية باتريوت، والامارات التي نشرت فيها 4 منظومات منها منظومة ثاد، لا تتمتعان إلا بـ 5 إلى 10% فقط من الحماية. نظراً لمساحتهما الكبيرة وطغيان المناطق الصحراوية على 80-90 % من جغرافيتهما، وهي الميزة التي استفادت منها القوات الجوية اليمنية في عمليات المناورة الجوية التي كانت تسبق أو تتلازم مع الضربات، التي كانت تستعمل فيها في بعض الأحيان 100 من الوسائط الجوية (مسيرات وصواريخ باليستية) لغرض خداعي بهدف مشاغلة وإعماء نظام الدفاع الجوي المعادي، بعد التشويش عليه أو إغراقه بالأهداف.
تزامن ذلك مع توقيع “اتفاقيات التطبيع” بين كل من الامارات والبحرين والكيان المؤقت الذي استغلّ الحالة المزرية للدفاع الجوي للإمارات والسعودية للدخول على الخط، مستفيداً من الأشهر الثلاثة الأخيرة من عهد الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بهدف تحقيق عدة أهداف دفعة واحدة:
أولًا: الاندماج بالنظام الاقليمي العسكري في منطقة مسؤولية القيادة الوسطى، من خلال الدخول كعضو فاعل في التجمع الإقليمي، الذي تتعاون معه القيادة الأمريكية الوسطى، والذي يبلغ عدد الدول المنضوية تحته 22 دولة معظمها في غرب آسيا.
ثانيًا: بيع نظام دفاع متكامل للسعودية، يتضمن منظومات الدفاع الجوي المتعدد الطبقات، الذي بدأ الكيان ببنائه عام 2011، وتدريب الطواقم السعودية على تشغيل المنظومة وإرسال خبراء من جيش العدو.
ثالثًا: فتح باب التعاون العسكري والدفاعي بين الكيان المؤقت والامارات العربية المتحدة، ممّا يسهّل على الكيان المؤقت الاقتراب من إيران، وقد ألحق قادة العدو ذلك الطرح بطرح يتعلق بإعداد منظومة مبتكرة لحماية آبار النفط والمراكز الحساسة في الامارات، عمادها الطائرات المسيرة بدون طيار.
رابعًا: التفاهم العسكري مع البحرين لعقد اتفاق يسمح بتسهيلات لبحرية الكيان المؤقت في قاعدة السلمان التي تضم مركز قيادة الاسطول الخامس الامريكي ومركز القيادة البحرية للمنطقة الوسطى الامريكية NAVCENT.
خامسًا: تنفيذ دوريات لغواصات العدو في بحر العرب والخليج، وتحريك سفن حرب إلكترونية للعمل في الخليج (تم إجهاض هذه الخطوة من قبل الامريكيين أنفسهم بعد استهدافٍ مجهول لسفينتي “حرب إلكترونية” تابعتين للعدو، قرب شواطئ سلطنة عمان وشواطئ الامارات).
بعد ترك ترامب الرئاسة، حاول العدو مد المعركة بين الحروب بينه وبين إيران إلى خارج سوريا وعلى طول المياه الممتدة من شرق المتوسط إلى البحر الاحمر وشمال المحيط الهندي والخليج. ولكن ذلك لم ينجح بعدما تحول الصراع الصهيوني – الايراني في البحار إلى صراع طال قلب الكيان المؤقت وسفنه في المنطقة.
أدت العودة إلى المفاوضات النووية غير المباشرة بين واشنطن وإيران في جنيف، إلى لجم العدو وتقييد حركته، بل ومنعه من أي محاولات احتكاك بحرية بالقوات البحرية الايرانية أينما كان.
أدى الضغط الامريكي السعودي الاماراتي لإنهاء حرب اليمن بصيغة غالب ومغلوب، إلى استعار الضربات اليمنية في البر والبحر، وتلقّت السعودية والامارات مرة أخرى ضربات موجعة، وخاصة الامارات التي عاودت التدخل في اليمن بعد انكفاء، وظهر مرة أخرى أن التعديلات التي أجرتها المؤسسة العسكرية الامريكية على منظومة الدفاع الجوي في الخليج ما زالت قاصرة.
جاءت حرب سيف القدس لتضع نظام الدفاع الجوي (الذي يفتخر به جيش العدو والذي يسعى إلى بيعه لدول الخليج) أمام اختبار صعب، برز من خلاله قصور وثغرات فاضحة في النظام، وأجبر العدو على إنهاء الحرب مرغماً بعد احدى عشر يومًا من اندلاعها. وخلال هذه الحرب برزت أسوأ كوابيس الولايات المتحدة، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية من إدارة المناورة النارية ببراعة وبعدة وسائل ووسائط جوية، تراوحت بين الصواريخ البالستية والصواريخ المجنحة (الكروز) والمسيرات، فيما أدّى محور المقاومة دوراً حيوياً في تسيّد عالم السايبر فيما يشبه سيطرة وإطباق سايبري شبه كامل، عطّل منظومات دفاعية عديدة لجيش العدو وأهمها بعض المنظومات الفرعية لنظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات.
ورغم أن الولايات المتحدة دخلت متأخرة على خط تأمين الدفاع الجوي لكيان العدو، إلا أنها لم تتمكن هي الاخرى من تأمين دفاع كامل، خاصة ضد المسيرات، التي ظهر أن دفاعات الولايات المتحدة هي الاخرى تعاني قصوراً كبيراً فيها.
في مرحلة متقدمة، نقل العدو الحرب السايبرية وحرب المسيّرات الهجومية إلى العراق وسدد ضربتين لمنشآت تابعة للحرس الثوري في كرمنشاه، فكان الرد بالمثل وبشكل أكثر إيلاماً في قلب أربيل، عاصمة اقليم كردستان العراق.
وظهر أنّ الثّغرة التي يعاني منها التحالف الغربي، لا يمكن سدّها إلاّ بإحياء نظام دفاع جوي متكامل ومتعدد الطبقات، يعتمد أسلوب حائط صدٍّ على خط الحافة الامامية مع إيران، شبيه بحائط الصواريخ الذي اعتمده الجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973 مع إضافات فنية لم تكن موجودة في ذلك الوقت.
ساهم الانسحاب الامريكي السريع من أفغانستان في سريان موجة من القلق في العواصم الخليجية وفي الكيان المؤقت، بسبب تفكيك كل ما كانت الولايات المتحدة قد بنته من منظومات حرب إلكترونية ودفاعية ضد الصواريخ، والتي كانت تغطّي معظم مساحة غرب آسيا، فعاد الكلام الصهيوني الجديد عن نظام الحماية، خاصة مع انتقال معظم هذه المنظومات إلى الاردن ومصر وتلازم ذلك مع الاقتراب السريع لتوقيع اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة مما زاد من حجم القلق والخوف من أن يتبع ذلك ترتيبات إقليمية تجريها الولايات المتحدة مع إيران بما يعطّل على الكيان المؤقت فرصة الاقتراب المعلوماتي من إيران ويلجم هذا الكيان بحدود وخطوط حمر تضعهما واشنطن هذه المرة.
وقدمت الحرب الروسية الأوكرانية فرصة ذهبية ثمينة للأمريكيين والاسرائيليين للشروع ببناء النظام الدفاعي الجوي الذي كان معطلاً أو مجمداً بسبب معارضة روسيا له منذ العام 1990.
إلا أن الهدنة اليمنية جعلت التحرك السريع في بناء هذا النظام للدفاع الجوي الاقليمي أكثر صعوبة، بسبب توجس الجمهورية الاسلامية منه، وبسبب تراجع التهديدات للسعودية والامارات نتيجة للهدنة.
استطاعت الماكينة الدعائية الصهيونية والسعودية إقناع جماعات الضغط والمشرعين الامريكيين وبعض الصقور في مركز القرار الأمريكي، بتبني الفكرة التي قدمها العدو عام 2019 والتي تتلخص بقيام الامريكيين والصهاينة سوياً ببناء شبكة متكاملة للدفاع الجوي الاقليمي تحت مظلة قيادة المنطقة الوسطى وادخال شركاء القيادة الوسطى في المنطقة بالعملية، وهو ما قبلته إدارة بايدن لأسباب عديدة أهمها:
- التفرغ للانتخابات النصفية الأمريكية براحة وبدون أي ضغوط أو مشاكل يخلقها حلفاء الكيان المؤقت والسعودية للأمريكيين في واشنطن.
- إعطاء دفعة إيجابية للمفاوضات النووية المجمّدة منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا في 20 شباط 2022 دون تشويش على صانع القرار الامريكي في هذا الوقت الحساس في واشنطن.
- نزع أي ذرائع أو محرّضات قد تتذرع بها روسيا وإيران لتوريط الولايات المتحدة في معركتين، واحدة في اوكرانيا وأخرى في غرب آسيا، وهو ما تسعى الادارة الامريكية منذ بداية الحرب في اوكرانيا لتلافيه من خلال بذل جهود مضاعفة لحصر النزاع فقط في أوروبا وعدم المغامرة بتفكيك الائتلاف الذي بنته ضد روسيا على خلفية أحداث أوكرانيا.
- السماح لواشنطن من خلال فرض ستاتيكو في منطقة غرب آسيا، بالتفرغ للصين مستقبلاً بهدوء وعدم استعجال معالجة أي مشكلة كبيرة شبيهة بالمشكلة الاوكرانية قد تفتعلها الصين مع تايوان.
- محاولة إقناع السعودية والامارات بعدم التشدد في موضوع تزويد اوروبا بالغاز والنفط، مما يزيح عن كاهل واشنطن ضغطاً كبيراً وداهماً ويومياً.
- جمع حلفائها تحت مظلة القيادة الوسطى لتأمين البيئة والمجال الاستراتيجي الآمن لتخفيض الوجود العسكري الامريكي في منطقة غرب آسيا والاعتماد على الوكلاء.
- تأمين تسويق بديل (خليجي) لشراء منظومة القبة الحديدية بعدما رفضت واشنطن شراءها نتيجة للقصور الكبير والإخفاقات التي أصابت النظام خلال حرب سيف القدس، مما دفع واشنطن إلى إلغاء عقد لشراء منظومتين من منظومات القبة الحديدية الصيف الماضي.
- التحكم بتشكيل الهيكلية الكاملة لنظام الدفاع الجوي الاقليمي وعدم تكرار مشاكل سابقة في النظم المتكاملة التي جمعت الولايات المتحدة بالناتو وبجنوب شرق آسيا، حيث كانت المؤسسة العسكرية الامريكية تبذل جهداً لتنظيم التوافق والانتظام (Interoperability) بين أجزاء المنظومة وبين الشبكة المركزية التي تقودها وتديرها، حيث تعتبر عدم التوافقية أهم عيوب نظم الـ JADC2 التي تعتبر القلب أو العصب المركزي لنظام الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل (IAMD.
ما هو النظام الذي ستعتمده القيادة المركزية بعد إدخال الكيان المؤقت تحت مظلتها؟
منذ سنة تقريباً، وبعد دخول الكيان المؤقت تحت مظلة القيادة الوسطى الامريكية، ارتفعت الزيارات الفنية العسكرية المتبادلة بين الولايات المتحدة والكيان المؤقت إلى أكثر من 16 زيارة، معظمها معلن والآخر سري (لم يعلن عن أعضاء الوفود)، والهدف هو تصميم نظام للدفاع الجوي المتكامل، يدمج بين عقيدتي التشغيل في الجيش الامريكي وجيش الكيان المؤقت الخاصة بمجال الدفاع الجوي والصاروخي.
يتكون النظام الامريكي للدفاع الجوي والصاروخي من منظومتين متكاملتين، واحدة لإدارة المعلومات JADC2 والثانية لإدارة العمليات الجوية والدفاع الجوي المتكامل IAMD.
أ: نظام القيادة والتحكم المشترك لجميع المجالات (JADC2)
1- هو مفهوم حرب إستراتيجي يربط بين مستشعرات البيانات وأجهزة إطلاق النار وأجهزة الاتصالات ذات الصلة لجميع الخدمات العسكرية الأمريكية – الجيش، البحرية، القوات الجوية، مشاة البحرية، القوات الفضائية – وفي النهاية الشركاء المتحالفون في “شبكة/ شبكات” واحدة متكاملة. والغرض من ذلك هو تحسين قدرة القيادة والتحكم (C2) على التحسس والفهم واتخاذ الإجراءات على جميع مستويات ومراحل الحرب، عبر جميع المجالات من خلال ميزة معلوماتية تزيد من الوعي بالموقف وتسرّع عملية اتخاذ القرار، والتشدّد بالمطالبة بعمليات عالية السرعة.
2- هذه القدرة مهمة بشكل خاص نظرًا لحالات التهديد سريعة الخطى والحساسة للوقت في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بين الأعداء القريبين المحتملين. كمكون C2 لإطار عمل جميع المجالات المشتركة، فإن قدرة JADC2 على تحقيق قيادة وتحكم مشتركين منتجين في كل مجال (البحر والأرض والجو والفضاء والفضاء السيبراني) تعتمد على التعاون المنسّق من كل فرع الخدمة.
3- من شأن بنية JADC2 الفعالة أن تساعد أفراد القيادة على:
• فهم ساحة المعركة بسرعة وبشكل شامل ومباشر.
• توجيه القوات الأمريكية والقوات المتحالفة بسرعة تفوق سرعة الأعداء.
• احتواء التهديدات الإلكترونية / الرقمية قبل أن تثير معركة حركية.
• تنسيق الجهود القتالية بسرعة عبر جميع المجالات.
4- تبدأ أهمية السرعة لنجاح JADC2 في جمع المزيد من البيانات من المصادر في وقت وجيز، ولكنها تتطلب أيضًا التفسير الصحيح لتلك البيانات في الوقت الفعلي. هذه الحاجة إلى السرعة مع الدقة المعلوماتية هي سبب تطبيق JADC2 للذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي (ML) على سيل من بيانات الذكاء والمراقبة والاستطلاع. (ISR) يمكن أن يوفّر الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي معالجة البيانات والتحقق من الصحة والتوزيع والتحليل والمشاركة بسرعة وبشكل عميق لتسريع الاستعداد التشغيلي – بما في ذلك إصدار الأوامر وتنفيذها – لكل مرحلة من التعارضات المحتملة أو النشطة.
التغلب على التحديات التي تواجه JADC2
على الرغم من وجود مجموعة من العقبات التكنولوجية والمالية والسياسية، مع ضرورة للتغلب عليها، فإن مؤيدي JADC2 يعتبرونها ضرورة أساسية لمنح المقاتلين الخيارات التي سيحتاجون إليها في الوقت المناسب لمحاربة “حرب المجال بالكامل” التي تجري بالفعل بين النظراء القريبين والخصوم المحتملين. الهدف الرئيسي لـ JADC2في الواقع هو الاستمرار في تطوير هياكل الاستجابة السريعة للقيادة والتحكم لتلبية متطلبات استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية الحالية (NDS) بشكل أكثر قوة، لتجهيز الجيش للمواجهة. في الماضي طوّرت كل خدمة عسكرية شبكاتها التكتيكية الخاصة وشغّلت وقادت تقليديًا، لكن هذا أدى إلى تقنيات خاصة بمجال معين، والتي غالبًا لا تستطيع التحدث مع بعضها البعض JADC2 وتم تصميم إطار عمل JADO) عمليات جميع المجالات المشتركة) لاختراق تلك الصوامع – والتفكير المنعزل) – لتسريع وتحسين الاستجابة للعدوان غير المتصل بميدان المعركة في جميع المجالات قبل أن تصبح صراعات ساحة المعركة.
السيطرة على شبكة الشبكات كمكوّن للقيادة والتحكم في إطار عمل متكامل يسميه الامريكيين اصطلاحاً بـ JADO، يستخدم JADC2 العديد من تقنيات C4ISR الموصولة بالشبكة عبر البنية التحتية الرقمية لنظام إدارة المعركة المتقدّم(ABMS) . فهو يجمع بيانات المستشعرات ويعالجها ويحللها لتسريع عملية اتخاذ القرار، مع تسهيل الأمر على القوى عبر جميع المجالات للتواصل وتبادل البيانات بأمان. تتضمن بعض تقنياتC4ISR (نظام قيادة وسيطرة مدمج) هذه ما يلي:
• مستشعرات تكيفية متقدمة لمنصات استخبارات الإشارات المتعددة (SIGINT)
• جمع بيانات مستشعر ISR بالإضافة إلى المعالجة والتحليلات والتشتت عالية السرعة.
• أنظمة وبروتوكولات المرونة الإلكترونية.
• اتصالات مؤسسية آمنة.
• أنظمة الفضاء، بما في ذلك مكونات راد-هارد، وتحديات بناء القدرات، وأجهزة استشعار الترددات اللاسلكية / الأشعة تحت الحمراء، وأكثر من ذلك.
• أنظمة اتصالات وملاحة وتعريف آمنة في الوقت الفعلي.
يتطلب اعتماد وتنفيذ JADC2التغلب على التحديات الهيكلية والمتعلقة بالميزانية والتدريب والتحديات السياسية، لذلك تختار معظم الإدارات العسكرية ووكالات الاستخبارات الأمريكية الشركات الشريكة للمجتمع الدفاعي لتطوير التكنولوجيا المتقدمة. يتمتّع الشركاء من ذوي الخبرة والهياكل والموظفين الذين يتكيّفون مع الابتكار التكنولوجي السريع، بميزة كبيرة في تلبية المتطلبات المطلوبة لمثل هذا المشروع.
تقليديًا، طورت كل خدمة عسكرية شبكتها التكتيكية الخاصة التي كانت غير متوافقة مع تلك الخاصة بالخدمات الأخرى (على سبيل المثال، كانت شبكات الجيش غير قادرة على التفاعل مع شبكات البحرية أو القوات الجوية).
جاء مفهوم النظام JADC2 لتوفير بيئة شبيهة بالسحابة للأسلحة المشتركة لمشاركة بيانات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، ونقلها عبر العديد من شبكات الاتصالات، لتمكين اتخاذ القرار بشكل أسرع.
يمكّن JADC2 القادة من اتخاذ قرارات أفضل من خلال جمع البيانات من العديد من أجهزة الاستشعار، ومعالجة البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف، ثم التوصية بالسلاح الأمثل – الحركي وغير الحركي (على سبيل المثال الأسلحة الإلكترونية أو وسائط المسح الإلكترونية) – لإشراك الهدف.
يمكن أن يساعد إنشاء هذا النظام باستخدام التكنولوجيا الرقمية المزدوجة لشبكة هيئة الأركان المشتركة وكل مهمة في تحقيق أهداف البرنامج والمشاريع الفردية والأهداف المشتركة بثلاث طرق أساسية على النحو التالي:
• ألعاب الحرب والتحليل التشغيلي – يدمج قدرات محاكاة الإنترنت والاتصالات والشبكات عالية الدقة في ألعاب الحرب وأنشطة تطوير المفاهيم لتحديد حلول JADC2 الواعدة للاستثمار والمزيد من التطوير.
• تحليل واختبار الشبكة – يحدد خصائص الأداء التفصيلية للقدرات قيد الدراسة لتحسين التكوينات وعمليات النشر بناءً على ظروف العالم الحقيقي.
• المرونة الإلكترونية وقابلية البقاء على قيد الحياة – يضمن تقييمًا شاملاً لقدرة شبكة JADC2 على توفير الاتصال في البيئات المتنازع عليها أثناء تعرضها لهجوم مستمر من قبل خصوم مصممين. مما يوفر حلول محاكاة وعمليات محاكاة متقدمة لدعم تحليل القدرات الحالية وتطوير القدرات المتقدمة.
• العمل في بيئة منخفضة التكلفة وعديمة المخاطر حيث يمكن لـ JADC2 تعزيز التخطيط والرؤى المكتسبة من المناورات والتحليلات التشغيلية وأحداث الاختبار والتقييم في بيئة منخفضة التكلفة وعديمة المخاطر.
يتكون JADC2 من المكونات الأساسية الثلاثة التالية:
• شبكة JADC2 – يستفيد من مجموعة غنية من نماذج الشبكات العسكرية والتجارية والاتصالات.
• واجهات الوقت الفعلي – يربط JADC2 بالمكونات الحية أو المحاكاة الأخرى ذات الصلة (على سبيل المثال، أجهزة الراديو التكتيكية وأجهزة الاستشعار والتطبيقات مثل محاكيات المهام.
• منصات الحرب الإلكترونية (EW) – التي توفر مكتبة شاملة من النماذج الحية أو المحاكية للهجمات والدفاعات الإلكترونية والحرب الإلكترونية ذات الصلة (على سبيل المثال البرامج الضارة، التشويش، قفز التردد، وما إلى ذلك).
نقاط ضعف نظام JADC2
1- يعتمد JADC2 بشكل أساسي على الاتصالات والشبكات لاحتواء واستخراج ونشر المعلومات الحساسة زمنياً وذات الصلة بالمهمة.
2- ستشمل النزاعات المستقبلية محاولات لتعطيل أنظمة المعلومات التي تعتبر بالغة الأهمية لـ JADC2 والتشغيل المؤكد لأنظمة الأسلحة المتطورة للغاية.
3- قدرة القوات المعادية على خلق اضطراب بالنظام هو من أهم التهديدات المحتملة فضلاً عن التهديدات الثانوية المؤثرة التي قد تتسبب بها القوى المتحالفة مع القوى المعادية.
وهذا يخلق حاجة ملحة للتحليلات التشغيلية والاختبارات والتقييمات لدمج تأثيرات الإنترنت والاتصالات والشبكات في العالم الحقيقي لدعم تطوير مفاهيم وقدرات وخطط تشغيل فعالة. يتطلب تعقيد ساحة المعركة الإلكترونية والحركية المشتركة JADC2 من هيئة الأركان المشتركة أن تأخذ في الاعتبار بشكل مناسب الآثار المحتملة الناتجة عن عمليات الشبكة المتدهورة و/ أو استغلال نقاط الضعف السيبرانية على نتائج المهمة الإجمالية.
ب- نظام الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل (IAMD)
يشمل الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل (IAMD) كُلًا من الدفاع ضد التهديدات الجوية التقليدية، مثل الطائرات والمروحيات والمركبات الجوية بدون طيار، وكذلك الدفاع ضد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز (الدفاع الصاروخي).
تشير كلمة “متكامل” إلى التعاون الفني والتشغيلي بين أنظمة الفروع العسكرية المختلفة أو حتى القوات المسلحة المختلفة لتوفير بنية دفاعية قوية ومتعددة الطبقات. تمتلك القوات المسلحة التابعة للناتو التي صمّم لأجلها هذا النظام ترسانة واسعة من أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي في مخزونها. تبحر البحرية التابعة للناتو في البحار مع فرقاطات قيادة الدفاع الجوي، ويمتلك سلاح الجو التابع للناتو الإصدار الأكثر تقدمًا من أنظمة باتريوت.
تلعب هولندا واسبانيا مثلاً دورًا مهمًا في هذا المجال، على الصعيدين السياسي والعسكري، باعتبارهما من دول الناتو القليلة التي لديها قدرة IAMD استكشافية، وتتمتعان بخبرة واسعة في نشر أنظمتهما عمليًا. علاوة على ذلك، تلعبان دورًا رئيسيًا في العديد من لجان وهيئات الدفاع الصاروخي التابعة لحلف الناتو.
ومن المتوقع أن يتم تقسيم هذه البنية الصاروخية على الشكل التالي:
صواريخ الكيان المؤقت:
1- نظام الاعتراض القريب: منظومة القبة الحديدية (8-40 كيلومتر).
2- نظام الاعتراض المتوسط: منظومة المقلاع (150-200 كيلومتر).
3- نظام الاعتراض عالي المسار: منظومة السهم (آرو) 2000كيلومتر.
صواريخ أمريكية:
1- نظام الاعتراض القريب: منظومةC-ram وآفينجير 3 (8-40 كيلومتر).
2- نظام الاعتراض المتوسط: منظومة AMRAM –AIM120 B-C-D (120-180 كيلومتر).
3- نظام الاعتراض عالي المسار: منظومة الثاد (3000كيلومتر).
فيما يلي لمحة عن التهديدات الجوية التي يدّعي الكيان المؤقت أنه سيتعيّن على النظام التعامل معها من خلال الدفاع الجوي في سياقات الوسائل التي يمكن أن تصبح تهديداً استراتيجياً:
- إطلاق نيران متعرجة المسار:
أ- صواريخ محلية الصنع.
ب- صواريخ دقيقة.
ج- صواريخ موجّهة.
د- قذائف صاروخية.
ه- طائرات بدون طيار.
و- طائرات مقاتلة.
ز- مروحيات.
ح- حوامات.
نوع التهديد: يتعرض الكيان المؤقت لتهديد خطير وواسع النطاق من قبل صواريخ أرض وصواريخ موجهة، وقذائف صاروخية أرض – أرض وقذائف الهاون والمزيد.
يتزايد عدد صواريخ الأرض أرض والقذائف الصاروخية “أرض أرض” التي في حوزة أعداء الكيان بشكل مستمر ودائم، بالإضافة إلى زيادة شدة التهديد، لا سيما أنه طرأ هناك تحسن ملحوظ في دقتها وقدرتها على إحداث الضرر، وهذا يزيد بشكل كبير من خطر إلحاق الضرر بالبنية التحتية للكيان المحتل.
التهديدات الرئيسية لنظام الدفاع الجوي
- الصواريخ والقذائف بكميات ضخمة كأسلحة كمية، ومن المهم التنويه إلى استعمال الصهاينة لعبارة كمية تعني أن الكمية يمكن أن تؤثر أيضاً على جودة الأداء، وبالتالي فإن إطلاق الصواريخ المكثفة على نطاق واسع يمكن أن يؤدي إلى أضرار نوعية في “الكيان المؤقت”.
- ذخيرة دقيقة يبدو أنها زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة لدى دول المواجهة.
- صواريخ باليستية بمديات مختلفة، ففي السنوات الأخيرة شهدنا زيادة في مدى النيران، سواء من الجبهة الجنوبية أو من الجبهة الشمالية.
- القدرة على الإطلاق من عدة أماكن مخفية تجاه الهدف ما يجعل الأمر صعباً على الكشف والرد، ونتيجة لذلك ينتقل الإحباط إلى ساحة وسائل اعتراض الدفاع الجوي.
افتتح القائد السابق لسلاح الدفاع الجوي العميد احتياط “شاحر شوحط” مقالته عن تعامل سلاح الدفاع الجوي مع التهديدات الناشئة والرد عليها حيث كتب: “عندما تتزايد وتيرة ظهور التهديدات الجديدة يتعين على مطوري ومشغلي أنظمة الدفاع الجوي التطلع إلى الأمام وتحقيق حلول سريعة.
تشير الدروس المستفادة من العقود القليلة الماضية إلى أن اندلاع حرب إقليمية في وقت لم يتم فيه بعد إيجاد حلّ للتهديدات الجديدة ستنتهي بشكل مؤلم، وأحياناً حتى على المستوى الاستراتيجي.
استنتاج عام حول المنظومة
يبدو من القصور المزمن والمستمر لصواريخ الدفاع الجوي والصاروخي الامريكية والصهيونية أنه سيجري بناء نظام دفاعي صاروخي هجين بعضه أمريكي وبعضه من صناعة الكيان المؤقت فحيث أن صواريخ آفنجر وصواريخ الباتريوت وصواريخ القبة الحديدية أثبتت فشلها بالتجربة عدة مرات رغم محاولات التطوير والتحسين الامريكية والصهيونية فإن نظام الدفاع الصاروخي والجوي المتكامل الذي تتحدث عنه واشنطن والكيان المؤقت سيرتكز على ركيزتين أساسيتين:
الأولى: هي الركيزة المعلوماتية وهي التي تهم بالدرجة الأولى أميركا والكيان المؤقت وهما الطرفان الرئيسيّان في مجال تكنولوجيا المعلومات بهذا النظام الذي سيكون تحت مظلة السنتكوم وذلك لغرض تطوير بنية النظام من خلال الدروس المستفادة والكميات الهائلة من المعطيات الثمينة التي سيؤمنها هذا النظام. وهنا ثمة خلاف حول من يتولى الإدارة على غرف الدمج والتحليل التي ستتلقى كل الداتا التي تُجمع من كل الدول التي ستنضم تحت مظلة النظام الدفاعي. ففي حين يقاتل الكيان المؤقت لكي تكون هذه الغرف تحت إشرافه، لا تمانع واشنطن الرغبة العربية بوضع هذه الغرف في الاردن وأن تكون الغرف الباقية في كل دولة غرفًا تكتيكية تمارس استطلاع المنطقة، حيث تستفيد من المعلومات المختصة بجغرافيتها، وتسلم نفس هذه المعلومات للغرف المركزية في المنطقة. وهناك عدة سيناريوهات طرحت في هذا المجال منها ما يرجح مركزية ادارة الجمع والتحليل ومنها ما يرجح تعددية هذه الادارة. ولكن حصريته ومركزيته أي أن يكون هناك أربع غرف مركزية في الكيان المؤقت والعراق والاردن ومصر كلها تتلقى نفس المعلومات المجمّعة. وهذا السيناريو يلائم واشنطن لأنه يسمح لها باستمرار احتلال أجواء العراق والعمل بحرية بمواجهة إيران. هذا التنازع على استثمار الداتا سيشكل امتحاناً كبيراً للنظام ككل، وسيخضع عند كل خلاف بين الدول العربية أو بينها وبين الكيان المؤقت لامتحان الكفاءة أو التعطيل، كما أن التعدد سيفسح المجال لثغرات بنيوية إلكترونية تسمح للقوات السايبرية المعادية لتعطيل النظام ككل، أو التجسس عليه، أو بث معلومات خاطئة داخله من خلال احدى الطرفيات (Terminals) الزائفة.
الثانية: هي الركيزة الصاروخية المتعددة الطبقات التي ستتقاسم صناعتها وبيعها كل من اميركا والكيان المؤقت والتي ستوزع على الدول الراغبة في الانضمام تحت المظلة، حيث ستكون الركيزة الاولى مفتاح عمل ونشاط الركيزة الثانية، وهنا يظهر خلل كبير وهو إمكانية عدم توافقية النظم الاسرائيلية والامريكية مع المنظومة ككل أو في حال تمكن الاعداء من تعطيل مفاعيل صاروخ أو منظومة صواريخ في هذا النظام.
تقييم المبررات الأميركية لتسويغ نظام (IAMD) و(JADC2) على مستوى منطقة غرب آسيا
رغم مركزية منطقة غرب آسيا في إستراتيجية الدفاع الصاروخي، فإن النقاش والجدل الذي كان يدور حولها منذ تسعينيات القرن الماضي، لم يكن يعطي هذا البعد حجمًا موازيًا لأهميته، خاصة من ناحية آثاره السلبية على المنطقة من وجهة النظر الامريكية التبريرية. ولم يكن هناك احتساب لرأي حكومات المنطقة وشعوبها ولا اهتمام بمصالحها طيلة حكم خمسة رؤساء امريكيين متعاقبين (بوش الأب – كلينتون – بوش الابن – اوباما – ترامب)، خاصة وأن صمت الدول العربية حول الموضوع وعدم اعتراضها بجدية مسموعة عليه، لم يدفع الولايات المتحدة حتى للاضطرار لشرح وتبرير برنامجها هذا لدول المنطقة والرأي العام فيها.
تمثلَ البعد الغرب آسيوي لنظام الدفاع الصاروخي الأميركي في السنوات الثلاثين الماضية بالتالي:
- الادعاء المبالغ فيه بوجود خطر على الأمن والمصالح الأميركية من قبل صواريخ إيرانية أو غيرها.
- دور الكيان المؤقت وموقعه في هذا النظام.
- تسويق أنظمة دفاع صاروخي في منطقة الخليج وتنشيط المبيعات الأميركية. إلا أن التطورات الكبيرة التي حصلت ضد مشاريع ومصالح واشنطن في منطقة غرب آسيا منذ العام 2016 جعلت أميركا تهتم بشكل متزايد بهذا الموضوع الحسّاس.
فبغض النظر عما يحدث بين الولايات المتحدة وإيران في المحادثات النووية، فإن أحد الثغرات الاستراتيجية غير المبررة التي عانت منها واشنطن طوال هذه العملية الدبلوماسية هو عدم قدرتها على إنشاء نظام دفاع جوي وصاروخي متكامل (IAMD) في الخليج لأسباب عملية ذكرناها آنفاً.
من المؤكد أن هذا الفشل التشغيلي الامريكي انعكس فشلًا جماعيًا، وتسبب بأجواء من عدم الثقة بين الأمريكيين وشركائهم الخليجيين وعلى رأسهم السعودية والامارات اللتين ذاقتا مرارة فشل النظام الدفاعي الصاروخي القديم الذي كانت نصبته واشنطن لهما إبان حرب عاصفة الصحراء عام 1990، وأدى هذا النظام المتقادم إلى الكوارث التي أصابت الامنين القومي السعودي والاماراتي عندما بدأت القوة الجوية اليمنية باستهدافهما دفاعياً بصورة دائمة ومركزة.
كما فشل الأمريكيون في دورهم بصفتهم الشريك الأول الذي يتمتع بالخبرة الفريدة والأدوات اللازمة، حيث حمّلت دول الخليج واشنطن مسؤولية كبيرة في عدم نجاح النظام القديم بحماية منشآتها النفطية ومراكزها الحساسة والاستراتيجية.
كانت آخر مرة طرح فيها صناع القرار الأمريكيون اقتراحًا جادًا لـ IAMD خليجي في عام 2008، عندما قاد وزير الدفاع روبرت جيتس المبادرة.
تولى الرئيس باراك أوباما منصبه في العام التالي، وكانت أولويته القصوى في الشرق الأوسط هي السعي إلى التقارب والتوقيع في نهاية المطاف على اتفاق نووي مع إيران، وهو ما فعله في عام 2015. لم يكن وضع خطة مجدية للتعامل مع قدرات إيران الصاروخية المتقدمة بشكل متزايد أولوية عاجلة لإدارة أوباما. عقد الرئيس أوباما قمّتين مع قادة دول الخليج العربية في عامي 2015 و2016 ناقش خلالهما المسؤولون الأمريكيون مشروع IAMD مع نظرائهم الخليجيين، ولكن لم يتم بذل أي جهد حقيقي لتحويل هذه الفكرة إلى حقيقة، بسبب عدم ثقة الخليجيين بجدّية أوباما، وعدم ثقتهم بأي نظام دفاع جوي وصاروخي أميركي جديد يحميهم.
حظي الرئيس دونالد ترامب بفرصة أخرى لتصحيح IAMD الخليجي. شخّصت إدارته بشكل مناسب للخليجيين التحدي الإيراني في مجمله وليس من خلال المنظور الضيق للأنشطة النووية. لكن السياسة الأمريكية المتمثلة في ممارسة الضغط الأقصى بهدف كبح تخصيب إيران النووي، أو تقييد ترسانتها الصاروخية، أو مواجهتها في جميع أنحاء المنطقة، طمأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وجاء ذلك مشفوعاً بالتزام امريكي من ترامب نفسه بأنهما سيحصلان على الحماية الأمريكية، لكنه لم يفعل شيئًا للمضي قدمًا في مشروع IAMD. حتى أن اليمن التي تتهمها السعودية والامارات بالشراكة مع إيران، تمكّنت من ضرب منشآت النفط السعودية الرئيسية في بقيق وخريص بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز في أيلول 2019. وفي بداية عام 2020 عندما اغتال ترامب القائدين الحاج قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهما وردت إيران بضربة صاروخية قاسية لقاعدة عين الاسد وابتلع ترامب لسانه، عاد التخوّف السعودي الاماراتي مجدداً مقروناً بتجدّد عدم الثقة بقدرة واشنطن على حمايتهما بعدما أخفقت بحماية نفسها.
انتخب بايدن رئيساً للولايات المتحدة واستلم السلطة بعد مشاكل داخلية أشعلها له مناصرو ترامب، مما أخّر إطلالته على العالم من خلال سياسته الخارجية عدة أسابيع، جاءت هذه المتغيّرات خلاف مصلحة الدولتين الخليجيتين الاكثر تأثيراً في المنطقة، وخاصة السعودية وولي عهدها الحاكم الفعلي محمد بن سلمان حيث أصر بايدن على تجاهله سنة كاملة، ولولا حاجته لنفطه بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا لبقي في تجاهله، إلّا أنّ العملية الخاصة في أوكرانيا أعادت بعض الحرارة إلى العلاقات الاميركية السعودية.
ويسعى الرئيس الامريكي جو بايدن الآن إلى ما يعتبره تصحيحاً للأخطاء الاستراتيجية السابقة من خلال عقد تفاهم جديد مع السعودية، يتكفل فيه بايدن بالتزام شبيه بالتزام كارتر عام 1980 بحماية السعودية والتدخل عسكرياً أو استعمال القوة لحمايتها. وتبدأ العملية بإدراك الأساس المقنع للسعودية ومن خلفها دول خليجية أخرى لبناء نظام IAMD فعّال في المنطقة، باعتبار أن السعوديين يعتبرون أن مثل هذا الدرع، سيوفر الحماية ليس فقط لعرب الخليج ولكن أيضا للقوات والسفارات الأمريكية في المنطقة. تقع تلك الأصول الأمريكية في مرمى صواريخ إيران، مما يجعل معالجة هذا التهديد الذي يُرعب السعودية، مسؤولية أمريكية حاسمة.
وستسعى إدارة بايدن إلى إقناع الخليجيين بأن نظام IAMD الإقليمي سيشكل رادعًا أكثر قوة إذا كانت دول الخليج العربية قادرة بالفعل على تطوير قدرة أكثر مصداقية بالاشتراك مع الولايات المتحدة لاكتشاف واعتراض القذائف الإيرانية الفتاكة، لأنه باعتقاد الادارة الامريكية أن طهران ستفكر مرتين قبل شن هجوم.
ما لم تدركه إدارتا أوباما وترامب هو أن IAMD في الخليج سيكون داعمًا قويًا لأي سياسة أمريكية مستقبلية تجاه إيران، سواء كان ذلك مع التقارب أو مع الضغط الأقصى.
وترى إدارة بايدن من خلال مراجعة نشرتها صحيفة “نيوإنترست” ربما بالنيابة عنها أنه: “لو تم متابعة IAMD الإقليمي بقوة وتصميم قبل أو بشكل أقل مثالية أثناء المحادثات النووية مع إيران، لكانت واشنطن وشركاؤها العرب في الخليج، قادرين على خلق نفوذ إضافي ضد الإيرانيين. لم يكن ليُبطل قدرات الإيرانيين الصاروخية والطائرات المسيرة، لكنه ربما يكون قد أضعف ثقتهم وحفّزهم على تقديم تنازلات في المحادثات النووية. أفادت طهران على عدة جبهات ترددها بشأن IAMD لسنوات عديدة.
سيكون IAMD الخليجي متسقًا أيضًا مع الأولويات العالمية لإدارة بايدن. هناك متسع كبير لكفاءات أكبر في الموقف الدفاعي لأمريكا واستثماراتها في الشرق الأوسط. هذا ما يُرجّح أن تكشفه مراجعة وضع القوة العالمية الجديدة المرتقبة، والموجودة في حد ذاتها من خلال إستراتيجية الدفاع الوطني الجديدة.
هذه التعديلات العسكرية المحتملة من قبل واشنطن في غرب آسيا، والتي ربما تكون ضرورية لإدخال المزيد من القوة النارية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، هي الأكثر فعالية واقتصادية إذا رافقتها IAMD الخليجية. في الواقع، تعتبر واشنطن بأنه يجب أن يكون مثل هذا النظام هو العنصر الوحيد الأكثر أهمية في أي أجندة أمريكية تسعى إلى إعادة تخصيص الموارد من المنطقة إلى الشرق الأقصى.
من الجانب الأمريكي كشف باحثون أمريكيّون بلسانهم، السيناريو القادم بالتالي:
1- القيادة الامريكية من القمة، يجب على بايدن أن يؤيد الفكرة علنًا وأن يشرح لشركائه العرب في الخليج، وكذلك للإيرانيين، أنه سيكون أكثر التزامًا من أي من أسلافه بتنفيذها. خلاف ذلك، ستتوقع طهران العمل كالمعتاد ولن يستمع شركاء الخليج حتى، فلقد سمعوا كثيراً من هذه الوعود الفارغة من قبل.
2- بمجرد أن ينقل بايدن تصميم أمريكا للخليجيين عرباً وغير عرب، يجب عليه تكليف وزير دفاعه ووزير خارجيته بالتعاون عن كثب بالنظر إلى حقوق المساهمين والمسؤوليات التي تعزز بعضها البعض في مجال الدفاع الصاروخي.
3- يجب أن يعمل وكيل وزارة الدفاع للسياسة كوكيل مدني ومنسق للمبادرة. وأن يقوم مكتبه بتمكين أنشطة القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) والإشراف عليها، لأنها ستمنح الأمر بتنفيذ المبادرة.
4- لضمان التوافق بين أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية والخليجية (على سبيل المثال، جميعها من نفس النوع – باتريوت ودفاع منطقة الارتفاعات العالية الطرفية (ثاد) – وتعمل على نفس وضع تحديد هوية الصديق أو العدو وبنفس Link-16 نظام الاتصالات)، يجب أن تتماشى عملية المبيعات العسكرية الأجنبية لوزارة الخارجية مع هذه الأولوية الإستراتيجية القديمة الجديدة.
5- من خلال الإشراف الفعال للقيادة المدنية في البنتاغون، يتعيّن على وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA) التي تدير برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية لوزارة الدفاع، أن تركز على مهمة الدفاع الصاروخي هذه، وتتجنّب عاداتها القديمة في بيع الأسلحة للخليج من اجل البيع فقط.
6- من جانبهم، يتوقّع الامريكيون أنه يجب على دول الخليج العربية أن تتّحد في هذه القضية وليس أن تتعاون فقط.
7- لا يمكن تركيب نظام إنذار مبكر مشترك في جميع أنحاء المنطقة مثل هذا النظام، الذي سيتعيّن على شركاء دول الخليج العربي الحصول عليه من خلال برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية هو العنصر الأكثر أهمية في IAMD – الطبقة الأولى من الدفاع، إنه يوفّر تقارير سريعة وغير منقطعة عن موقع ومسار إطلاق الصواريخ الباليستية، بحيث يمكن الاستعداد للتدابير المضادة ويمكن تحذير السكان المدنيين وحمايتهم.
8- تتم إدارة نظام إنذار مبكر مشترك ونشرها من قبل القوات الجوية الأمريكية في العديد من الدول الشريكة في جميع أنحاء العالم لتوجيه الدفاعات الصاروخية. في هذه الحالة، ستعمل الولايات المتحدة كمحور يوفّر البيانات عبر أقمارها الصناعية لجميع محطات نظام الإنذار المبكر المشترك مع شركائها الخليجيين.
9- هناك سببان لضرورة وجود شبكة متكاملة عبر منطقة الخليج:
أولاً، المسافات الجغرافية التي تفصل إيران عن مناطق النفوذ الامريكية في الخليج والمنطقة قصيرة جدًا.
ثانيًا، نتيجة لهذه المسافات، تكون أوقات الاستجابة لإطلاق الصواريخ المحتملة ضيقة جدًا، يجب أن يشارك جميع الشركاء في نفس شبكة الدفاع الجوي، والتي تشمل نظام إنذار مبكر مشترك ومجموعة من الرادارات قصيرة وطويلة المدى، وأنظمة التحكم الجوي للطيران المدني.
10- سيشارك طاقم الدفاع الجوي والصاروخي لدول الخليج العربية هذه في تحالف، ونظام محوري، يشمل تمثيل القيادة والسيطرة. وهذا يسمح للولايات المتحدة وشركائها العرب في الخليج أن يكونوا على نفس “التردد” من أجل ردع التهديد أو الدفاع بشكل فعال، للتوضيح بمثال واقعي: يلتقط نظام إنذار مبكر مشترك في قطر إطلاق صاروخ من إيران، ثم تقوم مراكز قيادة الدفاع الجوي الوطني في الإمارات العربية المتحدة (أو في المملكة العربية السعودية أو البحرين) بتسجيله لأنهم جميعًا على نفس الشبكة. يسمح ذلك لدولة الإمارات العربية المتحدة بتنشيط بطاريات باتريوت أو ثاد على الفور بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها من قبل المركز في قطر. كل هذا يتوقف على موقع المستشعرات، والحيلة هي ربط المستشعرات معًا في إطار إقليمي مشترك عبر شبه الجزيرة العربية.
11- تتطلب بنية الدفاع الصاروخي المشتركة لبيانات الأقمار الصناعية والرادار وجود دول خليجية عربية راغبة – ما لا يقل عن ثلاث أو أربع منها، بما في ذلك السعوديون والإماراتيون والقطريون والبحرينيون، ومن الناحية المثالية الإسرائيليون الآن بعد أن أصبحوا جزءًا رسميًا من CENTCOM لتوقيع اتفاقية ملزمة مع الولايات المتحدة تنشئ شبكة قيادة وتحكم IAMD إقليمية. سوف يستند هيكل هذه العلاقة إلى ترتيبات مماثلة موجودة داخل الناتو وهيكل دفاع التحالف لشبه الجزيرة الكورية.
12- سيجعل الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل شركاء أمريكا في الخليج الفارسي أكثر أمانًا ويعزز سياسة أمريكا ضد إيران. حان الوقت لجعل IAMD أولوية.
13- إن التحدي الأساسي أكثر من اتفاقية الدفاع المحددة هذه مع واشنطن هو موقف دول الخليج العربية تجاه الأمن القومي بشكل عام، والدفاع الصاروخي بشكل خاص. يجب أن يكون هناك تحول ثقافي حول هذه القضية الحيوية حتى تنجح. إلى أن يستوعب قادة دول الخليج العربية بشكل كامل في تفكيرهم المتعلّق بالأمن القومي ويدمجون بشكل فعّال في تخطيطهم للأمن القومي فكرة أن الاعتماد المتبادل، وليس فقط إمكانية التشغيل البيني، هو حجر الزاوية لبقائهم ورفاههم، ستستمر إيران في امتلاك اليد العليا الاستراتيجية. الرياض على سبيل المثال، يجب أن تدرك أن الأمن القطري هو الأمن السعودي، تمامًا كما يجب على أبو ظبي أن تتقبل حقيقة أن الأمن القطري هو أمن إماراتي، وهكذا دواليك. على سبيل المثال، يُعد اكتشاف إطلاق صاروخ متجه إلى الرياض أمرًا واحدًا بالنسبة للدوحة، وأن تكون قادرًا على إخبار القيادة السعودية على الفور بذلك من خلال نظام IAMD الإقليمي. إنه أمر آخر تمامًا بالنسبة للقطريين أن يسقطوا الصاروخ بصواريخهم الاعتراضية قبل أن يضرب هدفه السعودي.
المشاكل البنيوية في النظام
1- طالما أنه لا توجد تدابير قانونية واضحة في كيفية وطبيعة العلاقة بين السنتكوم والدول المرشحة للانضمام فإن ذلك قد يعطي المجال لاختلافات في تفسير ومستوى التعاون الاستخباري والمعلوماتي بين الدول الاعضاء والسنتكوم وهنا يبدو واضحاً أن للأمريكيين اليد العليا في التفسير.
2- اتفاقيات الاستخبارات وتبادل المعلومات غير الكافية قد تضع قيودًا كثيرة جدًا على ما يمكن الكشف عنه للدول الأعضاء وفيما بينها. الاختلافات في قوانين حماية الخصوصية بين الدول الحليفة والشريكة تحول دون وجود شراكة متكافئة في النظام.
3- احتمال التسريب وبيع معلومات غاية في الحساسية من الدول التي تستخدم تبادل المعلومات الاستخباراتية كرافعة لكسب فوائد في مجالات أخرى (مثل الوصول إلى التكنولوجيا والأسلحة والدعم المالي) كالكيان المؤقت.
4- أحد التحديات التقنية الرئيسية لدمج الشبكات هو استخدام منصات وأنظمة أسلحة مختلفة. لأن الجيش الأمريكي يعاني ويواجه مشكلات داخلية مماثلة للتكامل عبر المنصات القديمة والحالية والمستقبلية داخل قواته. وسيجلب لأعضاء النظام تنوعًا أكبر في المعدات، قد يشكل بعضها تحديات صلبة للتكامل.
5- يتمثل التحدي الآخر لمشاركة البيانات عبر شبكات الحرب للقوى الحليفة في مستويات الأمان المختلفة للبيانات المعنية. أمان البيانات هو قضية فنية وسياسية على حد سواء يجب على كل دولة معنية التنسيق مسبقًا. لأن التنقل في مستويات الأمان وإمكانية إعادة نشر البيانات يتطلب تحولًا في العقلية من “الحاجة إلى المعرفة” إلى “الحاجة إلى المشاركة”.
عادة ما تستخدم شبكات المعارك البيانات على مستويات متعددة من الأمان. في كثير من الحالات اليوم، ينتج عن هذا استخدام أنظمة منفصلة بالتوازي في كل مستوى من مستويات التصنيف، ويتم تمرير البيانات عبر المستويات باستخدام العمليات اليدوية البطيئة والخاضعة للخطأ. يزداد تعقيد مشاركة البيانات المصنفة مع الحلفاء بسبب الحاجة إلى الشفافية والثقة في التشفير وأنظمة البيانات وضوابط الوصول، والأمن الجسدي الذي تستخدمه الدول الأخرى.
6-رغم أن النظام سيكون تحت مظلة قيادة المنطقة الوسطى إلا أنه سيكون مقسماً إلى جزئين الأول: مركز دمج وجمع وتحليل معلوماتي مركزي يعاونه مراكز تابعة في الدول الأعضاء، أما الجزء الثاني فسيكون قطرياً في مجال الدفاع الصاروخي حسب البلدان التي تنتمي إلى مظلته، بمعنى أن نظام الدفاع الصاروخي سيكون من شعبتين، شعبة استراتيجية على مستوى جميع الاعضاء وشعبة عملياتية على مستوى كل دولة بذاتها. وفي هذا خلل وفوضى في التشغيل قد يتأثر منه النظام ككل عند أي اختبار.
7- النظام لا زال قيد البناء والاختبار رغم أنه متكامل إلا أنه لم يخضع للتجربة بعد.
8- لا زالت الصواريخ المجنحة (الكروز) والمسيرات إحدى نقاط ضعف النظام.
9- اعتماد نظام هجين يتكون من منظومات صواريخ أمريكية أو صهيونية سيضعه قيد الاختبار الدائم بسبب أخطار عدم التوافقية بين أنظمته.
خلاصة واستنتاج
1- النظام الذي جرى الحديث عنه يخدم غرضاً أمريكياً خليجياً صهيونياً مشتركاً وهو الوقاية والدفاع عن النفس من الجمهورية الاسلامية وشركائها الذين يستخدمون الصواريخ والطائرات المسيرة.
2- النظام سيكون تحت مظلة قيادة السنتكوم الامريكية وسيتابعه نيابة عن وزير الدفاع الامريكي موظف مدني في الوزارة.
3- ذكر اسم الناتو العربي للنظام هو تدليس عربي وصهيوني حيث أن أحد المنظومتين اللتين يتألف منهما النظام هي منظومة معتمدة في الناتو وفي استراليا وفي اتحاد النمور الآسيوية وهو نظام “ستاندارد” عدّلته وزارة الدفاع الامريكية بعد انتهاء الحرب الباردة عن نظام دفاعي شبيه كان معمولًا به في أوروبا إبان حقبة الخلاف مع الاتحاد السوفياتي.
4- النظام دفاعي محض ولكنه خطير على مستوى منظومات ومستشعرات جمع المعلومات التي يتشكل منها لأنه يؤسس لعملية إطباق معلوماتي في مجال المسح والاستشعار والتنبؤ الإلكتروني.
5- يحقق الترتيب الذي تم إخراجه بأن يكون النظام تحت مظلة القيادة الوسطى راحة للنظام السعودي ولن يجبره على التطبيع العلني بأي مستوى، كما يؤمّن عملية اختبار إجراءات بناء الثقة بين السعودية والولايات المتحدة.
6- كل النظام المعلوماتي الواسع الذي سيتشكل منه النظام سيكون مصلتاً على الجمهورية الاسلامية واليمن لمسح ورصد أدق المعلومات عنهما.
7- يخشى أن تدفع واشنطن وحلفاؤها الاقليميين والمحليين باتجاه ادخال لبنان تحت مظلة هذا النظام، ولو بشكل غير معلن، في ظل التعاون الكبير بين القيادة الوسطى والجيش اللبناني.
8- الحل الذي جرى إخراجه لقيادة النظام وأن يكون تحت مظلة وإشراف السنتكوم يجعل انضمام العراق له ممكنًا بشكل غير مباشر، بسبب العلاقة العراقية الامريكية، وقدرة الأمريكي على نشر النظام في القواعد التي ينشر فيها الجيش الأمريكي وقوات الناتو على الأراضي العراقية.
9- عدم ذكر اسم تركيا في النظام يعود لانضمامها للناتو.
مركز دراسات غرب آسيا
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.