فشل المؤسسات الدولية.. مؤسسة غزة الإنسانية نموذجًا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

دأب الاستعمار الغربي الحديث منذ القرن الخامس عشر؛ حين بدأ غزوه الوحشي لقارات العالم بدءًا من الأمريكيتين وعودة إلى آسيا وأفريقيا والعالم الإسلامي، على استخدام كل الأدوات الصلبة والناعمة من أجل السيطرة على مقدرات الشعوب. وكان ما يسمى بالإعانات الإنسانية والمؤسسات الإغاثية الإنسانية مما استخدمه في تحقيق ذلك، والقارئ في تاريخ تلك المؤسسات؛ قديمها وحديثها، بأقلام الغربيين من المبشرين والمؤرخين والعاملين في تلك المؤسسات يعرف ذلك جيدًا. 

وها هي ما أطلق عليه اسم مؤسسة غزة الإنسانية تعيد الاستعمار الغربي لبداياته الوحشية من جديد في زمن أفوله الذي يتسارع عقدًا بعد الآخر بفعل المخازي اليومية في قارات العالم المختلفة؛ وفي القلب منها قارتنا العربية وغزة العزة وعموم فلسطين.

أمثلة على فشل مؤسسات الإغاثة 

فشل المؤسسات الإنسانية

هناك تاريخ من الفشل يلاحق مؤسسات الإغاثة على مستوى العالم نتيجة استخدامها لأغراض سياسية من الدول الغربية المنشئة لها والمهيمنة على تمويلها وإدارتها ووضع أجندات عملها في الدول التي تحل بها الكوارث. ودون العودة للتاريخ البعيد نذكر في التاريخ المعاين لنا أربعة أمثلة على ذلك: 

  • الأول: محاولة الجماعات الإنجيلية نشر الإنجيل وتقديم الإغاثة للمسلمين المتضررين، في أعقاب تسونامي عام 2005 في إندونيسيا.1
  • والثاني: عند الهجوم الصهيوني على غزة في مايو 2021 حيث وقعت أحد أكبر الكوارث الإنسانية التي تلت جائحة كورونا.2
  • والثالث: في اليمن حيث أصبحت المساعدات الإنسانية أحد أكبر القطاعات الاقتصادية في البلاد، والتي شكلت عائقًا أمام التوصل إلى حل سلمي للنزاع، على الأقل بالنسبة لأولئك الأكثر استفادة من هذا القطاع.3
  • والرابع: رد الفعل الأوروبي تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء من خارج أوروبا الذي أدى إلى وفيات لا تُحصى في البحر الأبيض المتوسط؛ وفقًا لوكالة الأمم المتحدة للهجرة، بالإضافة إلى إعادة “غير الشرعيين” إلى الكوارث الإنسانية -التي يفرون منها- دون معالجة الكوارث نفسها فعليًا. حيث أسهمت المفوضية الأوروبية، ثاني أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في العالم، من حدة الأزمة بدلًا من حلها حتى الآن.4 

عوامل فساد العمل الإغاثي

على الرغم من محاولات كثيرة داخل مؤسسات الإغاثة الإنسانية لجعلها أكثر توافقًا مع أغراضها الرئيسية وتخليصها من التبعية الفجة لمصالح الدول السياسية؛ والتي يقودها عدد كبير من الفاعلين في تلك المؤسسات ممن سلمت فطرهم وعاينوا الكوارث التي تلحق بالأمم المنكوبة من جراء تصرفات تلك المؤسسات غير المنضبطة بضوابط العمل الإغاثي، إلا أن تلك المؤسسات مازالت متورطة بشكل عضوي في نظام الهيمنة الغربي نتيجة لمجموعة من العوامل المؤثرة في توجيه مسارها ويأتي في مقدمتها:

  • أن كبار صناع القرار في أي منظمة منها هم غربيون بالأساس ويأتون من خلفيات عسكرية وسياسية ودينية سجلها سيء. كما تفتقر غالبيتها إلى أي مشاركة وطنية في تصميمها أو تنفيذها. كما يحصل هؤلاء القادة على رواتب مبالغ فيها تستنزف جزءًا كبيرًا من تمويلها.
  • تحالف هذه المنظمات مع ممولي القطاع الخاص الغربيين لضمان بقائها الاقتصادي في حين يتنفّع هذا القطاع ويجني من ورائها أرباحًا مهولة. 
  • تبني هذه المنظمات نموذجًا يعمق تبعية المجتمعات المنكوبة لها؛ وذلك من خلال الاعتياد على المساعدات مما يولد مجموعات من المنتفعين داخلها يمثلون مصالح وأهداف تلك المنظمات.

“مؤسسة غزة الإنسانية”: النشأة والرسالة

“مؤسسة غزة الإنسانية” (Humanitarian Foundation Gaza)، هي شركة أمريكية؛ تم تأسيسها في أكتوبر 2024م بولاية “يومنغ” ومقرها الرئيسي ولاية “ديلاوير” بالولايات المتحدة، وقُيّد فرع لها في 11 فبراير 2025م في جنيف لأغراض استقبال التمويل. وتعاونها شركتان متخصصتان للخدمات الأمنية والعسكرية الأولى تسمى (Safe Reach Solutions)، والثانية تسمى (UG Solutions).5 

وتعرف المؤسسة نفسها بأنها نموذج مستقل وخاضع لتدقيق دقيق، يُوصل المساعدات مباشرةً -وحصرًا- إلى المحتاجين. حيث تُقدم منحًا في مجالات مثل الرعاية الصحية، والإغاثة الإنسانية والكوارث لصالح المحتاجين للدعم المادي أو النفسي أو الصحي. بما في ذلك توفير الغذاء والماء والدواء والمأوى وإعادة الإعمار بشكل آمن، وبشكل أكثر تحديدًا، إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع في قطاع غزة.6 

كيف تدار مؤسسة غزة الإنسانية؟

يرأس المؤسسة “جون أكري” وهو مسؤول سابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، و”جوني مور” وهو واعظ إنجيلي وخبير في العلاقات العامّة ومستشار سابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب في قضايا الحوار بين الأديان، ومقرب من رئيس الوزراء الصهيوني. وقد برز خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب من خلال مشاركته في حملة قادها مسيحيون إنجيليون بهدف الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.7 

ويضم مجلس الإدارة: “نيت موك” الرئيس التنفيذي السابق لشركة “وورلد سنترال كيتشن”، والمستشار الخاص لشؤون أوكرانيا لدى مؤسسة “هوارد جي بافيت”، ومديرون آخرون يتمتعون بخبرة واسعة في الشؤون المالية والتدقيق والحوكمة.8 

وضم مجلس إدارة المؤسسة في جنيف، المحامي “ديفيد كولر” وقد استقال مؤخرًا حيث تعرّض للتضليل من قبل شركاء أعمال أجانب، تواصلوا معه دون تزويده بجميع المعلومات الخاصة بحيثيات خطة المؤسسة. وعلى إثر ذلك، انسحب في شهر مايو الماضي، ما أدى إلى حلّ الممثلية السويسرية في يوليو الحالي. والعضوان الآخران المدرجان هما محامٍ أمريكي مقيم في فرجينيا، و”ديفيد بابازيان”، وهو ممول أرمني ومدير سابق لصندوق مصالح الدولة الأرمينية. ولا يمتلك أيٌّ من الثلاثة أي خلفية معروفة في العمل الإنساني.9

وأما الفريق التنفيذي فهو: “ديفيد بيرك” مديرًا للعمليات؛ و”جون أكري” مديرًا تنفيذيًا ورئيسًا للمؤسسة بالإضافة لكونه أحد المؤسسين.10 

ويضم المجلس الاستشاري للمؤسسة شخصيات بارزة في المجالين الإنساني والأمني، من أبرزهم الفريق “مارك شوارتز”، منسق الأمن الأمريكي السابق للكيان الصهيوني/السلطة الفلسطينية.11

تمويل مؤسسة غزة الإنسانية 

بدأت مؤسسة (GHF)، رسميًا عملياتها في 26 مايو/أيار بتمويل غامض، حيث تتلقى دعمًا ماليًا من شركة (McNally Capital)، التي أسسها عام 2008م “وارد مكنالي”، وهي متخصصة في إدارة الثروات العائلية. وأسهمت في تأسيس شركة (Safe Reach Solutions).12

وقد حرصت المؤسسة على تأسيس مقرها السويسري كنقطة جذب للمانحين الذين قد يفضلون تقديم التمويل خارج الإطار الأمريكي. وتؤكد المؤسسة أنها حصلت على تعهدات تمويلية تتجاوز 100 مليون دولار من جهات مانحة لم يُكشف عن هوياتها وتحرص على حجبها حتى تاريخ هذا المقال.13 

والتمويل المعلن عنه رسميًا هو الذي منحته لها وكالة التنمية الأمريكية آخر يونيو الماضي بقيمة 30 مليون دولار على الرغم من عدم استيفائها شروط منح الوكالة حيث تفتقر خطتها العامة إلى التفاصيل الأساسية المطلوبة للموافقة على التمويل لدرجة أن المؤسسة اقترحت ضمن خطتها “اقتراح لتوزيع حليب الأطفال المجفف في منطقة تفتقر إلى المياه النظيفة لإعداده”. لكن مسؤولًا رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية عينه ترامب مؤخرًا غض الطرف عن تسعة ضمانات إلزامية وتم إقرار المنحة!!14

شركاء التنفيذ 

تنفذ العمليات اللوجستية للمؤسسة عبر شركة (Safe Reach Solutions) التي يديرها “فيليب فرنسيس رايلي”، وهو مسؤول سابق عن العمليات السرّية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) لمدة 29 سنة، ومتخصص في دعم حركات التمرّد مثل “الكونترا” في نيكاراغوا، وكان رئيس محطة أفغانستان في “السي آي إيه” (CIA)، وخدم قبلها في القوات الخاصة في الجيش الأمريكي. و”فيليب فرنسيس رايلي” أيضًا مشارك في تأسيس مؤسسة غزة الإنسانية.15 وقد أكدت شركة (McNally Capital) الذي عمل لديها أن لديها “مصلحة اقتصادية” في (Safe Reach Solutions)، وأنها شاركت في التأسيس القانوني للشركة المذكورة.16 

ويعاونه “جو ليتوال” بوظيفة كبير المخططين وكان سابقًا عضو فرقة مهمة للقتال والاشتباك الفتاك في وزارة الدفاع الأمريكية، و”كيفين سوليفان” الذي عمل في الـ”سي آي إيه” (CIA) لمدة 20 سنة، ويعمل حاليًا مدير أول للعمليات في الشركة.17

أما عن مدير الفرع في الكيان الصهيوني فهو “تشارلز ج. أفريكانو” وهو أمريكي يعمل منذ سنوات مع “فيليب فرنسيس رايلي” حيث تزاملا معًا في شركة (Constellis) الأمنية التي انبثقت عن شركة (Blackwater)، والمعروفة بتورطها في مجزرة بحق مدنيين عراقيين في بغداد عام 2007م. وهو أيضًا عضو في مجموعة خاصة على موقع (LinkedIn) مرتبطة بشركة (Quiet Professionals)، وهي مؤسسة أمنية مقرها تامبا في ولاية فلوريدا الأميركية، متخصصة في دعم العمليات الخاصة، ويقودها عضو سابق في القوات الخاصة الأمريكية. وقد استحوذت شركة (McNally Capital) على هذه الشركة في مايو الماضي.18 

وذلك بالشراكة مع شركة أمنية أخرى تُدعى (UG Solutions) والتي أسسها “جيمس جيوفاني” في 2023م، وهو جندي في القوات الخاصة الأمريكية (Green Beret)، وساهم في إعداد برنامج لتدريب جنود العمليات الخاصة على مراقبة وكشف “الخلايا الإرهابية”. وتتلقى دعمًا مباشرًا من الحكومة الإسرائيلية ومن رجال أعمال إسرائيليين.19 حيث تقوم الشركتان بتوظيف أفراد سابقين في أجهزة الاستخبارات الأميركية والقوات الخاصة “مدرَّبين على الحرب غير التقليدية”، ومتخصصين في تحليل مشاهد ملتقطة عبر كاميرات المراقبة، وحتى “استخدام الرشاشات” من أجل حماية مواقع المؤسسة.

وتعتمد المؤسسة أيضًا على جماعة محلية يقودها تاجر المخدرات الفلسطيني  ياسر أبو شباب، المعارض لحركة حماس.20 

ياسر أبو شباب, تاجر المخدرات المعارض لحركة حماس
ياسر أبو الشباب

لماذا “مؤسسة غزة الإنسانية” الآن؟

في 28 أكتوبر 2024م، أقرّ الكنيست الصهيوني مشروعي قانونَيْن يحظران عمل وكالة أونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي الوقت نفسه، علّقت جهات مانحة رئيسية، من بينها الولايات المتحدة والسويد، تمويل الوكالة، ما أدخلها في أزمة مالية خانقة فاقمت من حدّة الكارثة الإنسانية في غزة.21  

وهو الأمر الذي مهد الطريق نحو إنشاء آلية بديلة لإيصال المساعدات في قطاع غزّة، تستبعد الأونروا بالكامل. وبذلك، تتجاوز هذه الخطة عمليًّا النظام الراسخ لتقديم المساعدات، الذي أنشأته الأونروا، وحافظت عليه على مدار عقود.  

لأن الأونروا بحسب رؤية أمريكيا والكيان الصهيوني أصبحت جزءًا من المشكلة الفلسطينية، ومن خلال الدعم الذي يقدّم إليها، تُبقي على هذا الصراع الفلسطيني الصهيوني حيًّا، وهو ما يتنافى مع المنطق الصهيوني الأمريكي الراغب في إنهاء القضية. 

فكانت هذه المؤسسة والتي هي مشروع للكيان الصهيوني مطروح منذ ديسمبر 2023م يهدف إلى “التحايل على الأمم المتحدة المتهمة بالتحيز ضد الكيان، ومنع وصول أي مساعدات إلى حماس وخصخصة توزيع المساعدات الإنسانية ومعاونة الكيان على تنفيذ أهداف حربه الاستراتيجية على غزة، من خلال وضع شعب غزة بين خيارات جميعها قاتلة: التجويع، أو الإبادة، أو التهجير. 

التخطيط للمؤسسة وتسلسله

كما رأينا فإن فكرة وجود المؤسسة أمريكية صهيونية تهدف استبدال مؤسسة الأونروا تحديدا وباقي مؤسسات الإغاثة الدولية الحكومية وغير الحكومية من التواجد في غزة لتنفرد تلك المؤسسة بمهام الإغاثة لتحقيق الغاية النهائية للاحتلال من الحرب على غزة.

فتم العمل على تأسيس المؤسسة والمؤسستان المساندتان لها لوجستيا في أمريكا وتبع ذلك افتتاح فرع لها في جنيف لإبعاد الأنظار عن أصلها الأمريكي ولتسهيل تلقي التمويل، وشارك في التأسيس واختير للتنفيذ والإدارة فريق من العسكريين والمدنيين ورجال الدين المسيحيين المتصهينين الذين لهم سوابق تعامل مع الحكومة الأمريكية في أماكن أخرى مما يتوافقون مع أهدافها. 

ثم تم تقديم المؤسسة لمجلس الأمن للاعتراف بها  من خلال دوروثي شيا، رئيسة البعثة الأمريكية لدى الأمم المتّحدة وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، اللذين قدما خطة عمل المؤسسة الخطة إلى مجلس الأمن وقد وصفت الأولى المؤسّسة بأنّها “حلّ حقيقي يضمن وصول المساعدات إلى شريحة المدنيين والمدنيات المستحِقة لهذه المساعدات، وليس إلى حماس”..22 

حصاد شهرين من عمل مؤسسة غزة الإنسانية

 فشل المؤسسات الدولية.. مؤسسة غزة الإنسانية نموذجًا

شغلت مؤسسة غزة عقول وأنظار العالم كله خلال الشهرين الماضيين؛ وفي القلب منهم من بقي في قلبه بقية من فطرة سليمة تدعوه لنبذ الاستعمار والعنصرية والقتل بغير حق والبغي والعدوان. 

فقد أنشأت المؤسسة أربعة مواقع توزيع “آمنة”، بُني كل منها لخدمة 300,000 شخص بشكل مستمر، حيث تخدم 1.2 مليون غزّي في المرحلة الأولية، مع إمكانية التوسع لأكثر من مليوني شخص فيما بعد. وتُنقل المساعدات عبر ممرات مُراقبة بدقة، وتُراقَب آنيًا لمنع تحويل مسارها، بتكلفة 1.31 دولار أمريكي فقط للوجبة الواحدة (بما في ذلك المشتريات والخدمات اللوجستية والتوزيع والأمن). وتحرص المؤسسة على خفض التكاليف قدر ما تستطيع؛ فلم تخفض الرواتب ولا اللوجستيات ولكنها حددت الاحتياجات الغذائية اليومية للفرد بـ1750 سعرة حرارية، وهو أقل من المعيار الإنساني الدولي المعترف به والبالغ 2100 سعرة حرارية يوميًا.23 

وحصاد عمل المؤسسة واضح جدًا لكل ذي عينين: فمنذ ظهورها إلى العلن -بعد طول إعداد- ومنذ شروع هذه المؤسسة في توزيع المساعدات يوم 27 مايو خلفت وراءها ما يقارب من 1000 شهيد وآلاف الجرحى ومئات الألوف من ضحايا الرعب الذي تسببه رحلتهم للوصول إليها والعودة منها إن عادوا ببضع كراتين تحوي ما يقيم الأود لأيام معدودات.

وبدلًا من إطعام الجائعين ومعالجة الجرحى والمرضى وتغدية الأطفال والحوامل والمسنين وتأمين الخائفين تم “استدراج الجائعين إلى حتفهم مما يشكل جريمة حرب” كما نشرت العديد من المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ودعت المانحين والشركاء إلى الانسحاب من المؤسسة ودعم نماذج تلتزم بالقانون الدولي الإنساني.24 

وذلك تنفيذًا لخطة مناطق “الترانزيت”،25 وهي معسكرات ضخمة تكلف وفقًا للخطة حوالي 2 مليار دولار، لتجميع السكان في قطاع غزة من غير المسلحين، تمهيدًا لانتقالهم لبلد ثالث “إذا كانوا راغبين” حسب ما تقول الخطة، كما سيتم حشر فلسطينيّ غزة في منطقة مواصي خان يونس، وسيخضع كل منتفع لفتح ملف أمني له مع بصمة عين لتحديد هويته، وبذلك يتم فصل منتسبي حماس عن “المدنيين”، تمهيدًا للاستفراد بالمقاومة والقضاء عليها، وربما تحرير ما تبقى من أسرى. 

وعلى الرغم من رفض الأمم المتحدة المشاركة مع المؤسسة ورفض مئات المنظمات الإنسانية التعامل معها. وإعلان الهيئة الفدرالية للرقابة على المؤسسات في سويسرا يوم الأربعاء، 2 يوليو، حلّ فرع جنيف للمؤسسة لأنها “لم تمتثل لمختلف الالتزامات القانونية”، إلا أنه لن يكون لهذا القرار أيّ تأثير على عمليات المنظمة في غزة لأنها ما زالت تتمتع بالصفة القانونية من خلال مقرها الرئيسي في “ديلاوير”. 

وأخيرًا: أضعف الإيمان

لماذا لا توجد مؤسسة إسلامية مثل مؤسسة غزة وما السبيل إلى ذلك؟ وإن لم نستطع أن نؤسس مؤسسة تنقذ إخواننا، فهل يمكن أن تشارك وزارات الخارجية العربية والإسلامية والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان العربية والإسلامية في الجهود الدولية الحكومية وغير الحكومية التي تحاول اتخاذ إجراءات قانونية داخل أمريكا تسهم في تعديل مسار عمليات المؤسسة في غزة أو إيقافها وحلها كما تم حل فرع جنيف فتقف عارية عن القانونية وإن احتمت بسيف القوة المتوحش؟

نأمل ذلك وهو أضعف الإيمان.

المراجع

  1. Muslim leader: Christians shouldn’t preach to victims ↩︎
  2. في أعقاب وقف إطلاق النار في غزة، مخلفات الحرب تهدد حياة سكان القطاع ↩︎
  3. دراسة بحثية: تحوّل المساعدات الإنسانية إلى برامج تنموية يسير ببطء في اليمن ↩︎
  4. “Safe Legal Pathways” or New Colonial Frontiers? A Critical Analysis of European Intervention in the Sahel and the Creation of Anomalous Legal Zones ↩︎
  5. “مؤسسة غزة الإنسانية” شركة أميركية لـ”ضبط” القطاع بقفاز المساعدات ↩︎
  6. Gaza Humanitarian Foundation (GHF): Safe, Transparent Aid for Gaza ↩︎
  7. المصدر السابق ↩︎
  8. المصدر السابق ↩︎
  9. رغم حظرها في جنيف … مؤسسة غزة الإنسانية تواصل نشاطها كالمعتاد ↩︎
  10. Gaza Humanitarian Foundation (GHF): Safe, Transparent Aid for Gaza ↩︎
  11. المصدر السابق ↩︎
  12. عسكريون متقاعدون وضباط مخابرات سابقون…الجانب الخفي لمؤسسة غزة الإنسانية ↩︎
  13. مؤسسة غزة الإنسانية تبدأ توزيع المساعدات وسط فوضى وسفك للدماء ↩︎
  14. لماذا أثارت مؤسسة “غزة الإنسانية” “مخاوف” الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؟ ↩︎
  15. خطة مؤسسة غزة الإنسانية لتهجير الفلسطينيين.. لماذا لا نتحرك لمواجهتها؟ ↩︎
  16. المصدر السابق ↩︎
  17. المصدر السابق ↩︎
  18. مؤسسة غزة الإنسانية.. جوانب خفية “صادمة” حولتها لـ”أداة قتل” ↩︎
  19. من الرصيف العائم إلى الشركات الأمنية: الدور الأميركي في مساعدات غزة ↩︎
  20. عسكريون متقاعدون وضباط مخابرات سابقون…الجانب الخفي لمؤسسة غزة الإنسانية ↩︎
  21. “مؤسسة غزة الإنسانية”: “عرض ساخر” أم “حلّ حقيقي” لشبح المجاعة الذي يخيم على القطاع ↩︎
  22. “استخدام المساعدات كسلاح”.. خطّة تقوم على تولي شركات خاصة مهام الأمم المتحدة في غزة ↩︎
  23. تجربة التجويع في غزة ↩︎
  24. الأمم المتحدة: 798 فلسطينياً لقوا حتفهم أثناء محاولة الحصول على مساعدات ↩︎
  25. “الهروب من غزة”.. خطة تهجير جديدة للفلسطينيين إلى نقاط غامضة ↩︎

عماد الدين عويس – تبيان

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد