لا مفر أمام أي دولة في منطقتنا، تسعى لتحقيق ازدهار قطاعاتها الاقتصادية المختلفة، سوى بإقامة روابط تعاون وتكامل مع الدول المحيطة بها. لأن كل ما تعانيه هذه الدول من أزمات، أو من ضعف على صعيد الإنتاج الزراعي أو الصناعي، لن تستطيع مواجهته بشكل منفرد، بل بالتعاون المشترك ولا شيء غيره.
ولأن مشروع التكامل والتعاون الاقتصادية العربي المشترك، الذي خطط له بأن يكون باب النهضة الاقتصادية لجميع الدول العربية ال 22، وتحويلها إلى قوة تنافس أبرز القوى الاقتصادية العالمية مثل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بقي حبراً على ورق متحولاً إلى حلم صعب المنال لأسباب عديدة، لجأت هذه الدول إلى خيارات تعاون أضيق جغرافياً، مثل مجلس التعاون الخليجي، ولاحقاً منذ سنوات مشروع التعاون المشترك المسمى بال “المشرق العربي”.
وعقدت في إطار الجهود لتشكيله، ثلاث قمم على مستوى الرؤساء والملوك، آخرها نهار الأحد السابق في بغداد. بحيث جمعت ملك الأردن والرئيس المصري ورئيس الحكومة العراقية على أن يتوسع إطاره في المستقبل، ليضم بلداناً أخرى مثل سوريا ولبنان وفلسطين ودول أخرى.
أهداف المشروع كما لمح إليها الكاظمي
بحسب ما توحيه تصريحات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فإن هذا المشروع سيكون النواة الأساسية ومنطلق العودة إلى ما يسمى بالمشروع الشرق الأوسط الكبير. فهو لن يمثل تهديداً للعلاقات التي تربط هذه الدول الثلاث مع دول مجلس التعاون الخليجي، بل يتكامل مع رؤيتها في العمل لبناء منطقة تعاون اقتصادي عربي واسعة، بهدف نهائي وهو الانفتاح على الدول الأوروبية.
وبالتالي فإن التركيز لن يكون بإقامة تمدد وارتباط، نحو المجال المشرقي الإقليمي الطبيعي والأوسع، مثل إيران والصين وروسيا وباقي الدول الآسيوية، التي تتمتع باقتصاديات متطورة، يتوقع لها العديد من الخبراء الاقتصاديين الدوليين، أن تصبح القوى الاقتصادية المسيطرة عالمياً بالمستقبل القريب، وما سيعنيه من تفوق على أوروبا وأمريكا. ومن المهم التذكير هنا، بما حصل مع رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الذي وقع اتفاقية استراتيجية مع الصين بقيمة تصل الى 400 مليار دولار. الأمر الذي أغضب أمريكا، ودفعها نحو إشعال ما يسمى بثورة 17 تشرين للمطالبة باستقالته.
وبذلك تتماهى أهداف الكاظمي إلى حد بعيد، مع تخطيط أمريكا وشركائها الأوروبيين، لتشكيل ائتلاف دول يعمل على الوقوف بوجه الصين تحديداً، كما أن توقيت عقد قمته الثانية (في الأردن) في آب 2020، مباشرة بعد زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة، ولقائه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يثير علامات استفهام كبيرة ومحقة، خصوصاً بعد ما كانت تعيشه المنطقة والعالم، من صراع وتنافس محتدم وبمختلف الأوجه، بين أميركا وإيران والصين وروسيا. كما يمكننا أن نستنتج بأن أهداف هذا المشروع النهائية محددة للغاية:
1)ابعاد العراق عن إيران كلياً، وقطع كافة أشكال العلاقات. (ولحملات التضليل والتشويه الإعلامي، إضافة لجمعيات ال NGO’s دور مهم في المساعدة على التأثير بالرأي العام).
2)دفع العراق اقتصاديا وسياسياً وحتى اجتماعياً، للتوجه نحو الدول الغربية (هناك دور رئيسي لكل لألمانيا وبريطانيا).
3)إعادة العراق الى الحضن العربي التابع لأميركا، كالسعودية والإمارات.
انتقادات اقتصادية
ينتقد باحثين اقتصاديين ذهاب العراق لاتفاق اقتصادي مع دول مثل مصر والأردن، فهاتين الدولتين بحسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لا تمثلان أي إضافة اقتصادية نوعية للعراق.
فالأردن تحتل المرتبة الـ 75 عالميا، بمستوى دخل للفرد من الناتج القومي فيها يصل الى 4 آلاف و210 دولارات، فيما تحتل مصر المرتبة الـ 114 بمستوى دخل للفرد يصل الى 2800 دولار.
كما أن حجم التبادل التجاري بين هذه الدول مجتمعة، لا يرقى لحجم التبادل بين إيران والعراق، فبحسب أخر الأرقام التي تكشف حجم التبادل العراقي مع الأردن ومصر وإيران:
الأردن | مصر | إيران |
692 مليون دولار | 486 مليون دولار | 13 مليار دولار |
أما حصة العراق من التصدير في هذا التبادل:
الأردن | مصر | إيران |
62 مليون دولار | 7 مليون دولار | 3 مليار دولار |
مع الإشارة إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تطمح لرفع حجم التبادل بين الدولتين، الى 20 مليار دولار، إضافة لما تقدمه من تسهيلات للعراق أيضا، بحيث بلغت ديونه 11 مليار دولار لم تدفع منذ العام 2018.
موقع الخنادق
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.