روسيا ونزاعاتها الحدودية.. تغطية معلوماتية بالخرائط

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أحيا غزو روسيا أراضي جارتها أوكرانيا، في 24 فبراير/ شباط 2022 تلقائيا، ملفات نزاعاتها الحدودية مع جيرانها شرقا وغربا. وبعض هذه النزاعات موروث من حكم القياصرة خلال القرن الـ19. فلطالما كانت هذه الدولة المترامية الأطراف والممتدة من أقصى الشرق الآسيوي إلى وسط أوروبا، “وستظل دولة أزمات دائمة، وحروب دائمة” حسب وصف أندريه كوليسنكوف الباحث الروسي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.

وثبتت صحة هذه النظرية مع الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي شن منذ توليه السلطة عام 1999، 6 حروب بعضها مباشر(الشيشان 2000 جورجيا 2008 القرم 2014 سوريا 2016 أوكرانيا 2022) وبعضها استباقي (في كازاخستان 2021). وخيضت الحروب تلك في إطار استعادة هيبة روسيا، أو الحفاظ على إرثها السوفياتي.

تستحوذ روسيا على 1 إلى 8 من اليابسة، بمساحة قدرها 17 مليونا و75 ألفا و400 كيلومتر مربع لا تصلح غالبيتها للحياة، بسبب وقوعها على خط التجمد، لكن حدودها البرية في آسيا تجاور كلا من الصين ومنغوليا وكوريا الشمالية وكازاخستان وأذربيجان وجورجيا.

وفي القارة الأوروبية تحاذي أوكرانيا وبيلاروسيا ولاتفيا وأستونيا وليتوانيا وبولندا والنرويج وفنلندا. أما شواطئها فهي مفتوحة على بحر أوخوتسك والمحيط الأطلسي شرقا ( قبالة الصين واليابان وأميركا) وعلى المحيط القطبي الشمالي وبحر بارنت شمالا ( قبالة النرويج)، وبحر البلطيق غربا ( قبالة السويد ودول البلطيق الثلاث والدانمارك وألمانيا)، وعلى البحر الأسود في الجنوب الغربي (قبالة تركيا وبلغاريا ورومانيا).

روسيا والدول المجاورة لها (الجزيرة)

أربك غزو روسيا لأراضي أوكرانيا بدعوى “تخليصها من النازية ونزع سلاحها” المنظومات السياسية والأمنية والاقتصادية القائمة في أوروبا والعالم، وأدى إلى تحول نوعي في المشهد الأمني الأوروبي، حسب تعبير إقلي حسني الخبير في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. ومن ضمن أبرز نتائجه وأسرعها، تخلي كل من فنلندا والسويد المجاورتين لروسيا، عن حيادهما الممتد من أواخر الحرب العالمية الثانية (1939-1945) وطلبهما الانضمام إلى حلف الناتو في 25 مايو/أيار 2022.

أما في ألمانيا فتوافقت الحكومة والمعارضة في 30 مايو /أيار على تخصيص 100 مليار يورو لتحديث الجيش، وهو ما اعتبر انقلابا كبيرا في سياسة هذه الدولة الأوروبية الكبرى التي قلصت حجم جيشها منذ انتهاء الحرب الباردة من نحو 500 ألف جندي عام 1990 إلى 200 ألف اليوم.

ما أبرز النزاعات الحدودية بين روسيا وجيرانها؟ وما جذورها؟

الصين: خاباروفسك وأمورسك

بعد هزيمتها أمام السلطنة العثمانية في حرب القرم (1853-1856) بدأت روسيا بالتمدد نحو آسيا. وتمكنت من كسب أراض من الصين في الشرق الأقصى. وفي العامين 1858 و1860 وقع الصينيون معاهدات منحت روسيا بموجبها أراضي إلى الشمال من نهر آمور وإلى الشرق من نهر أوسوري (مناطق بريمورسكي الحالية، وأمورسكي، والنصف الجنوبي من خاباروفسك).

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945) انتزع الاتحاد السوفياتي منشوريا من اليابان وأعادها إلى الصين عام 1946. وساعد كذلك الشيوعيين الصينيين في الوصول إلى السلطة عام 1949.

خلال العام 1960 طالبت الصين بأراض سوفياتية تقع ما بعد منشوريا. واصطدم الطرفان جراء نشوب نزاع بينهما للسيطرة على جزر تقع بين نهري أمور وأوسوري، وتوقف القتال بعدما اتفق البلدان على حل الخلاف بالتفاهم.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، جرت في الفترة مابين 1992 و1997 أعمال ترسيم الجزء الشرقي من الحدود بين البلدين، أي من منغوليا وحتى نهر تومانايا. وبموجب هذا الترسيم حصلت روسيا على 1163 جزيرة، والصين على 1281 جزيرة، ولكن من حيث المساحة العامة فإن حصتي البلدين متساويتان تقريبا. ورغم ذلك بقيت بعض أجزاء من الحدود غير متفق عليها واستمرت المفاوضات حولها، وهي جزر أوسيريسك الكبرى وتاراباروف قرب مدينة خاباروفسك، والجزيرة الكبيرة وسط نهر أرغون.

وأثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبكين في أكتوبر/ تشرين الأول 2009 جرى التوقيع على اتفاقية إضافية بين روسيا والصين حول الحدود الدولية بينهما في جزئها الشرقي تنص على أن هذه الحدود البالغ طولها 4300 كيلومتر قد تم الاتفاق بشأنها وصيغت نهائيا من الناحية القانونية.

اليابان : جزر الكوريل

روسيا واليابان وموقع جزر الكوريل وجزيرة سخالين (الجزيرة)

هي مجموعة من الجزر اليابانية الواقعة في المحيط الهادي، وتضم هابوماي وشيكوتان وكوناشيروإيتوروفو (إيتوروب). تنظر روسيا إلى هذه الجزر ومقاطعة كالينينغراد الحالية (اسمها الأصلي بالألمانية Königsberg كونيغسبرغ) بوصفهما تعويضا دفعته اليابان وألمانيا عن الأضرار التي ألحقتاها بالاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية. أما اليابان فما زالت تسميهما الأراضي الشمالية وتحتسبها ضمن محافظة هوكايدو.

عملا باتفاقية يالطا للعام 1945 التي تمت المصادقة عليها عام 1951، سلمت الجزر إلى الاتحاد السوفياتي ورحل سكانها اليابانيون وحل محلهم السوفيات.

تعتقد اليابان -مثلها مثل الولايات المتحدة- أنه دون توقيع اتفاق سلام بين روسيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فإن الجزر المتنازع عليها تبقى في عداد المناطق المحتلة الخاضعة للسيطرة الروسية.

من جهته، تبنى البرلمان الأوروبي في السابع من يوليو/تموز 2007 قرارا يحث روسيا على إعادتها لليابان.

لغاية الآن تعتبر روسيا تلك المناطق بما فيها ما تسميها اليابان الأراضي الشمالية جزءا من روسيا من الناحية القانونية، وأن ضمها كان خطوة صائبة شأنها شأن أية عملية تغيير في الحدود تنجم عن الحرب.

قبل حرب أوكرانيا، كان المحللون الغربيون ينظرون إلى احتمال إعادة جزر الكوريل إلى اليابان، بأنه سيفهم على أنه علامة ضعف روسية، مما يعني أن روسيا ستكون عرضة لضغوط الغرب لإعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، وهو ما سينظر إليه ليس على أنه إهانة لروسيا على المسرح الدولي، بل أزمة سياسية من شأنها أن تقود إلى تفكك الاتحاد الروسي نفسه.

فنلندا: كاريليا

بعد توقيعه اتفاقية عدم اعتداء مع ألمانيا النازية (روبنتروب-مولوتوف) في 23 أغسطس/آب 1939 التي اقتسم فيها الطرفان مناطق النفوذ في وسط أوروبا (في بولندا ودول البلطيق الثلاث وفنلندا)، غزا الاتحاد السوفياتي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1939أراضي فنلندا. وبعد صراع مرير سيطر على قسم كبير من أراضيها.

بعد هزيمتها في حملة الشتاء اضطرت فنلندا للتنازل عن مقاطعتها الشرقية المعروفة باسم كاريليا لصالح موسكو. وتم ترحيل السكان الفنلنديين منها.

في نهاية الحرب تنازلت فنلندا عن أجزاء من منطقة كاريليا وسالا وكوسامو إلى جانب بعض الجزر في خليج فنلندا بمساحة 40 ألف كيلومتر مربع.

في العام 1999 أنشأ أحفاد أبناء كاريليا في هلسنكي حركة أسموها بروكاريليا prokarelia، وهدفها التنوير بقضية الإقليم. وتطمح فنلندا حاليا من عضوية الناتو إلى الدفاع عن حدودها مع روسيا البالغة 1343 كيلومترا.

إستونيا: سيتوما ونارفا

روسيا و الحدود مع دول البلطيق (الجزيرة)

في فبراير/شباط 1920 حصلت جمهورية إستونيا على استقلالها من روسيا السوفياتية وفق معاهدة تارتو Tartu بعدما ظلت لأكثر من قرنين واحدة من المقاطعات الخاضعة لحكم القيصر على بحر البلطيق.

في يونيو/حزيران عام 1940 استولت القوات السوفياتية على إستونيا استنادا إلى أحكام معاهدة عدم الاعتداء مع ألمانيا النازية (روبنتروب-مولوتوف).

وفي أغسطس/آب أعلنتها جمهورية سوفياتية عنوة وأنشأت فيها عددا من القواعد العسكرية، وهو ما عارضته أغلبية الإستونيين. وقد سيق منهم في عام 1941 مئات الآلاف إلى معسكرات الاعتقال في سيبيريا. وفر نحو 100 ألف إلى الغرب. وقد استوطن مئات الآلاف من الروس في إستونيا خلال الحكم السوفياتي.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ظهرت على تقطع حركات الاعتراض على الحكم السوفياتي، واستمرت حركة مقاومة السوفيات قوية لسنوات بعد الحرب. لكن في العام 1949 تم ترحيل إستونيين كثر إلى سيبيريا، وظهرت الحركات المدافعة عن حقوق الإنسان عام 1960.

في نهاية الثمانينيات ظهرت موجة جديدة من القومية الإستونية بتأثير ظهور دعوات الإصلاح التي أطلقها ميخائيل غورباتشوف آخر زعيم سوفياتي.

عام 1991 اعتبر البرلمان الإستوني الضم السوفياتي غير شرعي وكذلك الحكم، ودعا لإعادة استقلال البلاد بالتدريج. وصف الاتحاد السوفياتي هذه الدعوات بغير الشرعية، وبعد فشل الانقلاب على غورباتشوف في أغسطس/آب 1991 بشهر واحد أعلنت إستونيا استقلالها، وفي سبتمبر/أيلول من العام ذاته اعترف الاتحاد السوفياتي بهذا الاستقلال.

وفي ديسمبر/كانون الأول شكلت معظم الدول السوفياتية السابقة رابطة الدول المستقلة، لكن إستونيا رفضت الانضمام إليها خشية من النفوذ الروسي. وفي 25 ديسمبر/كانون الأول تم حل الاتحاد السوفياتي. وانضمت إستونيا في 2004 إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

نظمت اتفاقية تارتو للعام 1920 العلاقة بين إستونيا وروسيا السوفياتية. لكن الترسيم تجاوز الحدود الحالية وشمل يانيلين (إيفانغوراد الحالية) من الضفة الأخرى لنهر نارفا وتوابعها في الشمال الشرقي.

ومنذ العام 1991 أصبحت مدينة نارفا التاريخية التي يتحدث الروسية 97% من سكانها البالغ عددهم 65 ألفا، هي محور الاهتمام الرسمي في موسكو، بالنظر إلى موقعها على الحدود بين روسيا والاتحاد الأوروبي.

تشطر الحدود الحالية منطقة سيتوما التاريخية إلى نصفين، مما تسبب في مشاكل بينها، مثل عجز السكان المحليين عن زيارة قبور ذويهم.

جورجيا: أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا

في السابع من أغسطس/آب عام 2008 بادرت جمهورية جورجيا السوفياتية السابقة بشن حرب لإنهاء تمرد إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا اللذين شكلا منذ مطلع التسعينيات كيانين انفصاليين بدعم من روسيا.

اتهمت روسيا الجانب الجورجي بارتكاب ممارسات عدوانية ضد أوسيتيا الجنوبية، وشنت في الثامن من أغسطس/آب هجوما بريا وجويا وبحريا شاملا على جورجيا، وهي العملية التي أطلقت عليها روسيا اسم “تنفيذ السلام”.

حاربت قوات روسيا وأوسيتيا الجنوبية القوات الجورجية في جنوب أوسيتيا والمناطق المجاورة لها، وانتهت المعارك بانسحاب القوات الجورجية. فتحت روسيا وأبخازيا جبهة أخرى عبر الهجوم على وادي كودوري الخاضع لسيطرة جورجيا، كما فرضت القوات البحرية الروسية حصارا على جزء من الساحل الجورجي، وهاجمت القوات الروسية الجوية أهدافا تقع خلف منطقة النزاع، أي في أجزاء غير متنازعٍ عليها ضمن جورجيا.

كانت تلك أول حرب تتزامن فيها العمليات العسكرية مع الحرب السيبرانية، وانتهت بعدما توسط الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لإجراء مفاوضات أدت إلى توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في 12 أغسطس/آب من العام ذاته.

قالت جورجيا إن هجومها العسكري جاء ردا على قصف أوسيتيا لقرى جورجية، وكان يهدف إلى “استعادة النظام الدستوري” في أوسيتيا الجنوبية. أما روسيا فتقول إنها تحركت للدفاع عن المواطنين الروس في أوسيتيا الجنوبية وقوات حفظ السلام التابعة لها المتمركزة هناك.

بعد الحرب الروسية الجورجية وقع الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف في 26 أغسطس/آب 2008 مرسوما ينص على الاعتراف بجمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية دولتين مستقلتين، واعتمادا على ذلك أتاح نشر قوات روسية فيهما.

وفي 28 أغسطس/آب 2008 وافق البرلمان الجورجي بالإجماع على مشروع قرار يعتبر المنطقتين أراضي محتلة من قبل روسيا، ويمنع الجورجيين من التنقل في أراضيهما.

ليتوانيا-بولندا: كالينينغراد

روسيا ومقاطعة كالينينغراد بين ليتوانيا وبولندا (الجزيرة)

منحت الأجزاء الشمالية من مقاطعة بروسيا الشرقية في ألمانيا (منطقة كيونغسبرغ) إلى الاتحاد السوفياتي في نهاية الحرب العالمية الثانية، عملا بنصوص اتفاقية بوتسدام لعامي 1945-1946.

وتنظر روسيا إلى تلك المنطقة الواقعة حاليا بين بولندا وليتوانيا كما إلى جزر الكوريل بوصفهما تعويضا دفعته ألمانيا النازية واليابان عن الأضرار التي ألحقتاها بالاتحاد السوفياتي خلال الحرب.

بعد ذلك ببضعة أشهر، تم استبدال اسم كيونغسبرغ بكالينينغراد تيمنا بميخائيل كالينين (الرئيس الروسي بين 1919 و1946). بعد ذلك بدأت عملية هجرة جماعية من الاتحاد السوفياتي إلى أراضي المقاطعة التي يعيش فيها حاليا 976 ألفا.

لم تبد ألمانيا أي اهتمام باستعادة هذا الجيب المنقطع عن البرين الروسي والألماني، والواقع شمالي بولندا. لكن اسمه عاد إلى التداول بعد انتزاع روسيا شبه جزيرة القرم عنوة من أوكرانيا عام 2014. وصرح النائب في البرلمان الليتواني ليناس بالسيس عام 2017 بأن روسيا فقدت حقوقها في كالينينغراد بعدما قامت من طرف واحد بضم القرم.

الولايات المتحدة-كندا: المحيط المتجمد الشمالي

خلال العقود الأخيرة أقامت روسيا هناك شبكة من المحطات في منطقة المحيط المتجمد الشمالي ( أركتيكا) ذات الأهمية الإستراتيجية في القطب الشمالي. وبدأت الغواصات النووية الروسية إجراء دوريات تحت الغطاء الجليدي القطبي دون أن يعترضها أحد.
ينظر إلى تلك المنطقة بأنها مهمة من الوجهة العسكرية لأن أي صاروخ ينطلق من تلك المنطقة يمكنه الوصول بسرعة ودون صعوبة إلى أراضي الولايات المتحدة الأميركية عبر القطب الشمالي.
ويبدو أن الولايات المتحدة وكندا لم تتنبها لإقامة محطات إنذار مبكر في القطب الشمالي تقيها من الصواريخ الفرط صوتية على وجه الخصوص. ويبدو أن استقطاب فنلندا والسويد ضمن الناتو من شأنه حل هذه المعضلة حيث يمكن إقامة مثل هذه المحطات على أراضيها المطلة على القطب الشمالي، أو إقامة قواعد صواريخ موجهة ضد أراضي روسيا ذاتها.

بوتين يتوسط عسكريين متقاعدين وشبان في احتفالات عيد النصر بموسكو في 9مايو 2022 (REUTERS)

الوصول إلى ترانسنستريا

وضعت جمهورية مولدوفا في بؤرة الاهتمام الدولي منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا ، بالنظر إلى ظهور مخاوف من إمكانية قيام موسكو بتوسيع نطاق غزوها إلى” ترانسنيستريا” ؛ وهي منطقة تقع في شرق مولدوفا على الحدود مع أوكرانيا يسيطر عليها منذ عام 1992 انفصاليون موالون لروسيا.

وأثارت تصريحات  أدلى بها مسؤول عسكري روسي في 18 مايو/أيار 2022 مخاوف من امتداد الحرب إليها. فقد أعلن رستم مينكاييف، نائب قائد المنطقة العسكرية المركزية الروسية، أن السيطرة على جنوب أوكرانيا ستوفر للسكان الناطقين بالروسية مخرجًا في ترانسنيستريا.

ومعلوم أن مولدوفا واجهت انفصالا داخليا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانفصال مولدوفا عنه في عام 1991. ففي أعقاب حرب قصيرة وقعت عام 1992 ظهر إقليم ترانسنيستريا ( أو ترانسدنيستريا ) الانفصالي، الموالي لروسيا، وتلى ذلك تمركُز 1500 من قوات “حفظ السلام” الروسية في أراضي الإقليم.

وتقع ترانسنستريا في الشريط الضيق بين نهر دنيستر والحدود الأوكرانية ويبلغ عدد سكانها حسب إحصاءات رسميا 470 ألفا 34% منهم من الروس، وهي معترف بها دوليًا في الوقت الحالي كجزء من مولدوفا، وعاصمتها تيراسبول.

وعقب إعلان مينكاييف بوقت قصير، أعلنت سلطات ترانسنيستريا عن 3 هجمات أسفرت عن إلحاق أضرار بثكنة عسكرية في قرية باركاني ومبنى وزارة أمن الدولة في العاصمة تيراسبول وبرج لمركز الإذاعة والتلفزيون في محيط بلدة ماياك، ساهمت جميعاً في تنامي التوتر بين سكان الإقليم.

واستدعت وزارة الخارجية في مولدوفا السفير الروسي الشهر الماضي وأعربت عن “القلق البالغ” إزاء تصريحات قائد عسكري كبير قال إن السكان الناطقين بالروسية في البلاد يتعرضون للقمع، كما حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من عزم موسكو الاستيلاء على دول أخرى.

People carry a Russian flag (C) and a flag with a portait of Russia's President Vladimir Putin reading
مولدوفيون في تيراسبول يحملون أعلام روسيا عام 2014 وشعارات التأييد لبوتين (الفرنسية- أرشيف)

وكان وزير خارجية مولدوفا نيسو بوبيسكو قال في تصريحات نقلها موقع” ميدل إيست أي” في 10 مارس 2022 إن القوات الروسية تتواجد بدون موافقة الدولة المضيفة، وبدون أساس قانوني وهي تخزن 20 ألف طن من الأسلحة 11000 منها انتهت صلاحيتها .

وتتحسب سلطات مولدوفيا لاحتمال سقوط مدينتي ميكولايف ومدينة أوديسا الساحلية في أيد القوات الروسية  وإقامة ممر بعد ذلك يربط شبه جزيرة القرم بالإقليم المتمرد . وقال وزير خارجيتها بوبيسكو ” لا يوجد مبرر لتعرض مولدوفا لأي أعمال عدائية ، لكنه قال إن بلاده ” تتحمل مسؤولية مواجهة كافة التهديدات المحتملة”.

بالمقابل لا تبدي النخبة الاقتصادية والسياسية المسيطرة على الإقليم دعمها العلني لحرب روسيا على أوكرانيا ، لكن الموقف – حسب مراقبين- قد يتغير في حال حدوث تقدم عسكري روسي في الجنوب الأوكراني . ويبدو أن هذا الاحتمال ليس غائبا عن مدارك القيادة الأوكرانية. لذا قامت قواتها العسكرية في 4 مارس/آذار الماضي بتفجير خط للسكة الحديد على أحد الجسور الرابطة بين مقاطعة أوديسا وترانسنستريا التي لا تبعد عنها سوى 100 كيلومتر.

الجزيرة

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد