العلاقة الصهيونية الكردية.. تعاون استخباراتي وتصدير للنفط

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

بدأت علاقة الأكراد الجادة مع الصهاينة، في آب/أغسطس 1931، عندما كلّف بن غوريون، الناشط السياسي اليهودي ومؤسس “الموساد” روبن شيلو، بجمع معلومات عن السياق الديموغرافي والسياسي للشرط الأوسط. وقد بعد انتهاء مهمته التي استمرت لثلاث سنوات في العراق، صنّف روبن الأكراد على أنهم حليف مناسب للدولة اليهودية باعتبارها “أقلية غير عربية تعيش تحت الحكم العربي”. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ التعاون الصهيوني الكردي في العراق، وبدأ الكيان بتقديم المساعدات العسكرية والأمنية للأكراد بأشكال مختلفة، وما ساعد في تطوّر العلاقات الكردية الصهيونية هو الغزو الأميركي للعراق وسقوط نظام صدام حسين. وفي تلك المرحلة أقيمت علاقة “وديّة” بين الطرفين حتّى أعلن زعيم إقليم كردستان العراق مسعود باراني عام 2005 أن “إقامة علاقات بين الأكراد و”إسرائيل” ليست جريمة، لأن العديد من الدول العربية تربطها صلات بالدولة اليهودية”. وقال رئيس “الموساد” الإسرائيلي في كردستان أنهم يطلقوا على مسعود لقب “مسعود بن غوريون”.


وتطوّرت العلاقات الصهيونية الكردية في بداية القرن الحادي والعشرين في عدّة مجالات مهمّة وحسّاسة تجسّدت بالتعاون الاستخباراتي، بالإضافة إلى شراء نفط كركوك وعقد الاستثمارات وبناء الشركات وتحويلها إلى قواعد أمنية وتجسسية لنشاطات جيش الاحتلال في المنطقة.
في هذا الملف، سيسلط الضوء على بيع النفط الكردي إلى الاحتلال الصهيوني، وكيفية إيصاله إلى الكيان، وتبين بالأرقام حجم الصادرات النفطية الكردية إلى الكيان والتي تشكّل 70% من احتياجات الاحتلال من النفط، مع عرض لبعض التصريحات والصور التي تثبت العلاقة الوديّة بين عائلة البرزاني وأجهزة “الموساد”.

أولًا: صادرات النفط الكردية إلى الكيان:
وفقًا لتصريحات حكومة بغداد، فإن انتاج إقليم كردستان العراق من النفط يتراوح من 600 ألف إلى 750 ألف برميل يوميا، يصدر منها 500 ألف برميل يوميًّا أو أكثر إلى عدة دول، منها تركيا واليونان والكيان المؤقت.


ووفقًا لبيانات نشرها موقع “درو ميديا” الكردي في يناير/كانون الثاني (2023)، باعت حكومة إقليم كردستان العراق 12 مليونًا و255 ألف برميل من النفط خلال شهر ديسمبر/كانون الأول (2022). ومن بين هذه الكمية، باع الإقليم 4 ملايين و450 ألف برميل للكيان، أي ما يعادل 38% من النفط المبيع خلال أواخر العام الماضي (2022). في حين اشترت كرواتيا 2.2 3 مليون برميل، أي نحو 18% من نفط إقليم كردستان العراق، وبلغت مشتريات إيطاليا 1.7 مليون برميل، أي ما يعادل 14%.
كما نشرت صحيفة فاينانشال تايمز تقريرًا في أغسطس/آب 2015، يفيد بأن الكيان استورد قرابة 77% من إمداداتها النفطية من إقليم كردستان العراق. وخلال المدة من مايو/أيار و11 أغسطس/آب (2015)، بلغت واردات الكيان من نفط كردستان العراق نحو 19 مليون برميل. وأشار التقرير إلى أن جميع صادرات نفط كردستان العراق عبر ميناء جيهان تركي اتجهت إلى الكيان، وبلغت قيمة المعاملات نحو مليار دولار.


وفي هذا الرسم البياني، توضيح لحجم واردات الكيان من مزيج خام كردستان بين عامي 2018 حتّى 2023

ولا بد من الإشارة إلى أن الكيان حصل في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام على 40 % من إمداداته من النفط من كردستان العراق، في ما يمثل ضعف النسبة المسجلة في عام 2022 تقريبًا وفقًا لشركة استخبارات البيانات كبلر. كما استورد الكيان نحو 183,000 برميل يوميًا من نفط خام كركوك – جيهان في فبراير/شباط 2023، أي أكثر من خمسة أضعاف الـ 36،000 برميل يوميًا التي استوردتها خلال الشهر نفسه من العام الماضي. علمًا أن الشحنات من حكومة إقليم كردستان بقيت ثابتة نسبيًا منذ عام 2018، مع استثناءات قليلة بما في ذلك خلال فترة تفشي وباء كوفيد – 19 في عام 2020. وتجدر الإشارة إلى أن الكيان استهلك نحو 210,000 برميل يوميًا في السنوات الأخيرة، وفقًا لبيانات بريتش بتروليوم.


وفي هذا الرسم البياني، توضيح لحجم صادرات النفط الخام من كردستان العراق إلى الكيان المؤقت خلال عام 2018 حتّى عام 2023.

وفي تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في أبريل 2023 وضح حجم الواردات النفطية الإسرائيلية من إقليم كردستان: “على الرغم من أن القيود الإسرائيلية على التقارير تمنع الكشف عن حصيلة نهائية لهذه المعاملات وعمليات خطوط الأنابيب، إلا أن نشرة “أم إي إي أس” (MEES) الإخبارية للطاقة قدّرت في كانون الثاني 2023، أن الواردات الإسرائيلية من النفط الخام الكردي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 194 ألف برميل في اليوم، بناءً على معلومات من شركة استخبارات البيانات “كبلر”.


وأضاف: “وفي الشهر نفسه، أفادت التقارير أن إجمالي صادرات النفط الخام من إيلات بلغت 195 ألف برميل في اليوم، غير أن هذه الأرقام المرتفعة قد تكون حالة استثنائية، إذ تشير تقارير أخرى إلى أن المتوسط لعام 2022 بلغ 70 ألف برميل في اليوم. ومع ذلك، فحتّى الرقم الأدنى يمثل حوالي 16 في المائة من إجمالي الصادرات الكردية”.
كما بلغت واردات الكيان من نفط كردستان قرابة 167 ألف برميل يوميًا في شهر مارس/آذار 2023، وفقًا لشركة كبلر لتحليل البيانات.

ثانيًا: كيفية نقل النفط الكردي إلى الكيان:
ذكر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن أربيل تقوم بضخ النفط الخام إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط، وبعدها تقوم السفن بتغيير اسمها ليكون رصدها صعب قبل دخولها إلى مياه الاحتلال الصهيوني مرورًا بطريق شحن عسقلان – جيهان.

وبيّن التقرير: “أعادت “اسرائيل” تصدير بعض خام حكومة إقليم كردستان إلى الخارج، وبعد شحن هذه الإمدادات من ميناء جيهان، تتم معالجة بعضها في مصافي التكرير في حيفا وأشدود، بينما يتم تفريغ البعض الآخر جنوب عسقلان على البحر الأبيض المتوسط وضخها عبر خط أنابيب يمتد عبر البلاد إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر، ومن هناك، يتم شحنها إلى العملاء في آسيا، من بينهم أولئك الذي لديهم مصافي في الصين وتايوان.


ووضح أن حكومة إقليم كردستان استخدمت ميناءي “عسقلان” و”تل أبيب” كموانئ تخزين لتسويق النفط المهرّب. وبسبب امتلاك الاحتلال مصافي نفط غير متقدّمة تقوم بتكرير النفط لمرة واحدة فقط، تستخرج منه مادة أو اثنتين من المشتقات النفطية، ثمّ تقوم بإعادة تصدير النفط مرة أخرى.

ثالثًا: أهميّة النفط الكردي بالنسبة للكيان:

  • 70% من احتياجات الكيان من النفط تحصل عليها من إقليم كردستان العراق وبأسعار منخفضة جدا، إذ إن إقليم كردستان العراق يمنح الكيان خصومات تصل إلى الثلث من سعر البرميل.
  • يعدّ تصدير نفط كردستان العراق عبر ميناء جيهان مهمًا للكيان، خاصة أن الناقلات تستغرق في الإبحار يومًا وحدًا للوصول إلى ميناء عسقلان.
  • جزءًا مهمًا لتلبية الطلب المحلي وتأمين الإمدادات، في ظل تنامي الطلب على مصادر الطاقة، ومن المتعارف عليه أن حكومة إقليم كردستان العراق تُصدّر مزيج كردستان، المعروف بـ “كيه بي تي”، عبر ميناء جيهان التركي.

رابعًا: أهداف بيع إقليم كردستان النفط للكيان:

  • دعم الكيان اللامحدود لاستقلال الإقليم
  • الحصول على دعم اللوبي اليهودي في أميركا لدعم القضية الكردية ضدّ قرارات الحكومة الاتحادية
  • المساعدات المادية والعسكرية واللوجستية للأكراد في الإقليم

خامسًا: اعترافات كردية وصهيونية بالعلاقة الوديّة بين الطرفين:

  • قال النائب الكردي في البرلمان العراقي أحمد الحاجي: “الإسلام لا يحرم العلاقات التجارية والاجتماعية مع اليهود، وأن ما يهم إقليم كردستان هو بيع نفطه إلى أي دولة، سواء عربية أو أجنبية، خصوصا أن هناك دولا عربية لديها سفارات ل”إسرائيل”، موضحا أن بعض الشركات المشترية لنفط إقليم كردستان فيها أسهم لشركات إسرائيلية”.
  • رئيس شعبة “الموساد” الإسرائيلي السابق في كردستان العراق اليعيزر تسفرير:
     كنا ب”الموساد” نطلق على مسعود اسم مسعود بن غوريون
     لدينا اشتراك مع الاقليم بالعمل المخابراتي
     دربنا البيشمركه وسلحناهم
     كنت التقي الملا مصطفى كلّ يوم
     تصدير النفط الكردي العراقي إلى “اسرائيل” طبيعي، البقرة تعطي الحليب والعجل يريد أن يرضع.
     منذ سنوات يوجد قصّة حبّ بين الشعب الإسرائيلي والشعب الكردي.
     أنا مسرور جدًّا، هم يبيعون ونحن نشتري، لأن ذلك مساعد جدًّا لإقليم كردستان ولقوات البيشمركه لسدّ احتياجاتهم وخاصة في محاربة داعش.
     أنا نضيت سنة كاملة مع الأكراد في الجبال
     خلال 10 سنوات من 65 حتّى 75 كانت هناك بعثة في إقليم كردستان مؤلفة من رجال موساد ومستشارين ومدربين عسكريين ومستشفى ميداني وكل الإسرائيليين وقعوا بحب الشعب الكردي.
     كان لدى “اسرائيل” مستشارون عسكريون في مقر الملا مصطفى بارزاني، وقامت بتدريب وتزويد الوحدات الكردية بالأسلحة النارية والمدفعية الميدانية والمدفعية المضادة للطائرات
     أجاب رئيس كردستان العراق، مسعود بارزاني، على سؤال أثناء زيارته الكويت في مايو 2006 بشأن العلاقة بين الأكراد والإسرائيليين: «ليس جريمة إقامة علاقات مع “إسرائيل”. وإذا أقامت بغداد علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”، يمكننا أن نفتح قنصلية في أربيل.»
     أذاع التلفزيون الإسرائيلي في الماضي صورًا من الستينات من القرن الماضي التي تظهر والد مسعود بارزاني، مصطفى بارزاني، وهو يضمّ وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه دايان

 قال المؤرخ العسكري الإسرائيلي أوري مليشتاين في مقال تحليلي بصحيفة “معاريف” إن العلاقات العسكرية بين “اسرائيل” والمليشيات الكردية تعود إلى عام 1966، حين تمكّن الجنرال الإسرائيلي تسوري ساغيه من مساعدة كتيبتين كرديتين على خوض حرب استنزاف ضدّ الجيش العراقي وقتلوا منه ثلاثة آلاف جنديّ، وتكرّر الأمر ذاته عام 1974.

مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد