معركة بنت جبيل: هكذا نزع رجال الله سلاح جنود إيغوز وهيبتهم

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


يا خالد يا خلودي
حامل سيف وبارودة
يا الله يكبر خالد
ليحارب جيش اليهودي

كان ذلك الحداء أول ما أَلِفَتْه أذن الشهيد القائد خالد بزي “الحاج قاسم” بصوت أمه التي كانت تحدو لأصغر أبنائها، وكأنها تعلم أن ذلك الرضيع المبتسم لعبارة “حامل سيف وبارودة” سيكمل مسيرة جده الذي قاوم العثماني والفرنسي في أوائل القرن الماضي، وسيتابع درب والده أكفأ دليل عسكري استعانت به المقاومة الفلسطينية بين الخمسينيات والسبعينيات لإدخال فدائييها إلى فلسطين المحتلة، والتي كان يعرف طرقها وتفاصيلها لا سيما مدنها كحيفا وعكا كتفاصيل راحة يده.
كان المتطوع أحمد بزي الذي ظل عشرات السنين يخدم المقاومة الفلسطينية مجاناً ولوجه الله يعرف بالدليل رقم 40. وبقي الأب المجاهد قدوة الشهيد الحاج قاسم على الدوام، وكانت حكايا فلسطين قبل وبعد احتلالها ركناً أساسياً في عشقه لجميلة الجميلات منذ نعومة أظافره وحتى لحظة عروجه.

لأجل فلسطين عشق خالد الطفل الشهيدين حسان شرارة وفؤاد دباجة المقاتلين الشديدين والملتزمين من الكتيبة الطلابية في “فتح”، واللذين كانا من ضمن المتقدمين الأوائل للشهادة دفاعاً عن ثرى بنت جبيل وعن حِمى الثورة الفلسطينية، وعطّلا مع أخوة لهما من على تلة مسعود الشامخة عزاً، هجوماً مدرعاً صهيونياً إبان اجتياح العام 1978.

وشاء الباري وقدر أن تكون الذكرى الـ 12 لولادة الحاج خالد 15 آذار/ مارس 1966 هي ذكرى شهادة حسان شرارة وفؤاد دباجة على تلة مسعود وبأيديهما سلاحاهما في 15 آذار/ مارس 1978 .

كان يكفي المرء أن يجلس في حضرة الشهيد “الحاج قاسم” لدقائق وينكأ فيه جرح فلسطين حتى يراه مسكوناً بجرحها المكتوم. ولكم كان سروره في بداية التسعينيات عندما تعرف عن طريق سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي (رض) على الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي وإبلاغه قرار القيادة بتكليفه بالعمل على ملف إدخال مجاهدي حركة “الجهاد” الفلسطيني إلى وطنهم المحتل، فقد اعتبر ذلك التكليف تكريماً له بمتابعة طريق أبيه كدليل للفدائيين إلى فلسطين.

هذا التكليف أدى به لاحقاً وبحكم عقليته الفذة إلى المساهمة في تخطيط إحدى أشرس عمليات الثأر لسماحة السيد عباس، التي تمنى الشهيد الشقاقي أن تكون مشتركة تحضيراً وتخطيطاً وغير لبنانية تنفيذاً، فتولى تنسيق ذلك كله “الحاج قاسم” والاستشهادي صلاح غندور واشترك فيها فلسطينيان من الشتات اللبناني عادل كامل ظاهر داوود والاردني خالد محمد حسن واستشهادي عراقي من البصرة نزار محمود خصاف ونفذت العملية في 6 نيسان/ أبريل 1992 ثأراً للسيد عباس ضد موكب كبير ضم كل قيادة العدو وعملائه في لبنان وعلى رأسهم قائد المنطقة الشمالية إسحاق موردخاي.

واستطراداً يذكر أحد المجاهدين المقربين من الحاج خالد أنه في إحدى مهماته الاستطلاعية العميقة في المحور الأوسط بمنتصف التسعينيات، وبعدما أنجز مهمته في بنت جبيل وعيناتا أصر على زيارة عيترون، فاستغرب رفيقه عن سبب هذه الزيارة المفاجةة وظن أن في الأمر إحدى الأفكار العملياتية التي انقدحت في ذهن خليفة الشهيد القائد الحاج سمير مطوط (جواد)، فكلاهما (ابن بنت جبيل وابن عيناتا) يتشابهان في صفات شخصية وعقلية كثيرة حتى تكاد تجزم أن “الحاج قاسم” منحة ربانية سد فيها الله الثغرة التي تسببت بها شهادة توأمه “الحاج جواد”، فتبين أن إجراءات قوية صهيونية لحدية حالت دون العودة من أحد الطرقات فاعتمد “الحاج قاسم” طريقاً أطول للخروج من المنطقة المحتلة، واغتنم الفرصة خلال خروجه من بنت جبيل ليتوجه إلى قبر قديم لشهيد كتب على شاهد ضريحه أنه يدعى نمر موسى طرفة استشهد في مهمة جهادية في 15 أيار/ مايو 1948. ويروي الأخ نقلاً عن “الحاج قاسم” أن الشهيد ذا الـ 18 عاماً كان قد تطوع في صفوف مجموعات جيش الانقاذ اللبنانية تحت إمرة الشهيد الضابط محمد زغيب خلال حرب فلسطين عام 1948، واستشهد خلال توجهه في مهمة استقدام عاجلة لعناصر من بلدته بنت جبيل، حيث عاجلته قذيفة صهيونية أثناء مروره بين المالكية وعيترون فتقطع أشلاءً، قام أهالي عيترون بجمع ما أمكن منها ودفنوها في هذا القبر.

صقل “الحاج قاسم” لمدة 21 عاماً تجربته في المقاومة متعلماً في حضرة الشهيد الحاج “جواد” مطوط، ثم معلماً لأجيال من المقاومين، شاهداً على صلابة عودهم وتبلورهم ونضجهم العسكري حتى استشهادهم ومنهم الاستشهاديون الأربعة (عبد الله عطوي ــ هيثم دبوق ــ صلاح غندور ــ علي أشمر)، وتميز بالتخطيط والمشاركة في عمليات معقدة معظمها كانت موجهة للصهاينة بدءاً من عملية برعشيت النوعية 1986، وصولاً إلى عمليات نوعية مثل عملية حولا مركبا الأولى، وعملية الدواوير، وعملية حولا مركبا الثانية، وعملية المنارة العباد وعملية قلعة “دوبيه” التي كانت ثأراً للشهيد القائد علي حسن ديب (أبو حسن سلامة) عام 1999.

كان هاجس تحرير المعتقلين بالسجون اللبنانية والفلسطينية في باله دوماً منذ بداية التسعينيات وحتى عملية الأسر في خلة وردة بـ 12 تموز/ يوليو 2006 والتي قادها الحاج قاسم ميدانياً، وأشرف على كل الاستعدادات التأهيلية التي أوصلت إلى إنجازها بيسر، وبقيت في باله بنت جبيل التي شد الرحيل إليها ومنها ارتقى إلى عليين.

المميزات التكتيكية والتعبوية لبنت جبيل

تبلغ مساحة بنت جبيل 9.1 كيلومتر مربع وترتفع 770 مترًا عن سطح البحر ويبلغ عدد سكانها الدائمين بين 30 و40 ألفاً وقد يصلون إلى 55-60 ألفاً في فترة الصيف. معظم سكانها المسجلين الذين يقارب عددهم 130 ألفاً في المهاجر. رغم أن المدينة هي مركز القضاء فلم يكن فيها خلال حرب تموز أي جامعة أو معهد تعليم عال باستثناء الثانويات والمهنية، فيما كانت تفتقد لمستشفى حكومي، ولولا أن حزب الله أهّل مستشفى الشهيد صلاح غندور وأهداه للدولة على طبق من فضة لما كان لبنت جبيل سوى بعض المستوصفات المحلية التابعة للأحزاب والجمعيات المدنية.

كان من أقدار بنت جبيل أن تفرغ من سكانها مرة كل ربع قرن تقريباً:

1ــ كانت “المهاجرة” الأولى سنة 1920 مع الحملة العسكرية الفرنسية، حملة نيجر، في أيار/ مايو من تلك السنة، وكانت باتجاه بلدة ديشوم في الجليل الفلسطيني.

2ــ في أواخر عام 1948 عندما احتل لواء «كرمائيلي» الصهيوني 17 قرية حدودية لبنانية، كانت الهجرة الثانية باتجاه الداخل العاملي القريب.

3ــ النزوح الجماعي الثالث، كان عشية اجتياح آذار/ مارس 1978 وغداته إن بسبب التهجير القسري الناتج عن تدمير المنازل أو بفعل محاولات العدو وعملائه تجنيد أبنائها الذين كانوا يفرون إلى الضاحية الجنوبية وصور أو يتخذون شطر الهجرة الخارجية باتجاه امريكا وكندا واستراليا وينسلخون عن أرضهم. وقد انتظم أبناء بنت جبيل المهجرون إلى الجنوب والضاحية في المقاومة الاسلامية منذ انطلاقتها وساهموا مساهمة فعالة في تحريرها بعدما قدمت المدينة على مذبح التحرير عشرات الشهداء.

4ــ أما المرة الرابعة والأخيرة، فكان تهجير أهلها، في حرب التدمير الصهيونية في تموز/ يوليو من العام 2006 حيث تعرضت المدينة إلى دمار شامل بنسبة 60% من عمرانها واعيد ترميم المدينة بشكل أفضل مما كانت.

يعتبر الدفاع عن مدينة مترامية الأطراف كـ”بنت جبيل” لا تبعد أكثر من كيلومترين عن الحافة الامامية للحرب موضوعاً شائكاً لأي خبير في العمليات الكلاسيكية أو في حرب العصابات، فالمدينة الضاربة بالقدم ليست منبسطة تماماً بل هي عبارة عن ثلاثة مستويات بناء احداها في الوسط وهي الأكثر انخفاضاً بنسبة 70-100 متر عن الكتلة التي تليها وتحيط بها من الغرب والشرق. يرتفع المستوى الثاني من كتلة بنت جبيل العمرانية بشكل أكثر من جهة الغرب التي تتصل بكتلة ثالثة على سفح تلة مسعود ترتفع حوالي الــ 200-250 متراً وتجعل من الجبل مانعاً طبيعياً وحساساً يشرف على 60 % من بنت جبيل. أما من الناحية الشرقية فهي تعتبر امتداداً شبه عمراني للجهة الغربية من مارون الراس التي تشرف على المدينة كلها من الجهة الشرقية وتتدرج الكتل العمرانية فيها صعوداً إلى ما قبل مارون بحوالي 200 متر. إلا أنها تصبح شبه منبسطة في القسم الشمالي من جهتها الشرقية ابتداء من المدينة القديمة وصولاً إلى منطقة المسلخ أو المهنية في أقصى الشرق، وتعرف تلك المنطقة بمثلث التحرير. من الناحية الجنوبية تشرف بنت جبيل على بلدة يارون الواقعة على الحدود اللبنانية الفلسطينية مباشرة وغابتها التي تقع شرقي البلدة.

من الجهة الشمالية الشرقية تتصل بنت جبيل بعيترون المنخفضة وتتداخل مع عيناتا في أكثر من نقطة حيث إن مدخل عيناتا الغربي يقع تقريباً على مدخل بنت جبيل الشمالي الغربي المعروف بمنطقة بيادر صف الهوى التي تفصلها منطقة فارغة لحوالي كيلومتر عن كونين التي تتصل من الجهة الشمالية الغربية بطريق تنتهي بمستشفى الشهيد صلاح غندور وثانوية الامام المهدي (عج) .

بنت جبيل سفينة الغالبين في تموز 2006

يستذكر الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ظروف مقولته التي حفرت عميقاً في وعي العدو في 26 أيار 2000 “اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”، فيقول: ” وأنا أحضّر وأكتب رؤوس أقلام وفي بعض المواقف الحساسة أكتب بعض الأسطر.. في خطاب بنت جبيل كنا أمام انتصار تاريخي وغير متوقع في العالم العربي وخطر في بالي أنه الوقت المناسب لهذا التوصيف (القرآني) فذكرته وأعتبر أنه من توفيق الله”.

كان الرد على عبارتي “بيت العنكبوت” اللتين ذكرهما سماحة السيد من بنت جبيل عنوان تصفية حساب خاص أضمر له كل ساسة وجنرالات العدو منذ ذلك الحين وظهر أن حساسية وقوة هاتين العبارتين القرآنيتين سكنت في عقل كل مخططي الحروب في الكيان المؤقت منذ الاندحار الذليل في أيار/ مايو 2000.

وظهر من مجريات حرب تموز 2006 أن خطة “بيوت الفولاذ” التي استهدفت بنت جبيل تحديداً كانت معدة منذ عام 2000 وجرى تطويرها تباعاً على مر السنين حسب تطور المعطيات المعلوماتية العسكرية التي كان العدو يجمعها بشق الأنفس بواسطة كل أجهزته الاستعلامية والاستخبارية حتى أنها كانت الخطة الأولى التي فكر بتطبيقها الجنرال أودي آدم قائد المنطقة الشمالية ومساعده غال هيرش قائد الفرقة 91 بعدما تبين لهما من تجربة مارون الراس بين 18 و21 تموز/ يوليو 2006 أن معركته القادمة مع المقاومة الاسلامية ستكون شاقة ومكلفة وتولد عندهما قناعة أنه لا بد من اجتياح بنت جبيل حتى يتحقق للكيان المؤقت نصر ولو معنوي على حزب الله يمكن استخدامه في عملية ترميم الردع وبناء وعي جديد إيجابي لدى الصهاينة.

في المقابل يسّر الله أن يكون قائد معركة الدفاع عن بنت جبيل هو الحاج خالد بزي “الحاج قاسم” أحد المساهمين الكبار في تحويل قلعة الصهاينة في العالم إلى بيت للعنكبوت.

كانت معركة بنت جبيل تحتاج إلى نوع مبدع من القادة الذي يحسن إدارة عملية كبيرة للنار من الحركة من خلال تطبيق رؤيته الخاصة لحرب عصابات المدن والأماكن المأهولة وباقتصاد كبير للقوى ويدرك أيضاً مفاتيح الدفاع عن المدينة ونقاط ضعفها وقوتها الجغرافية العسكرية.

كانت قيادة المقاومة في القطاع وبتوجيه ومساهمة كاملة من الحاج قاسم قد اعدت خطة متكاملة للدفاع عن مدينة بنت جبيل قوامها:

1ــ اختيار وتأهيل الكادر وتكييفه أو تجهيزه للمعركة الكبيرة المنتظرة واختباره الدائم حتى الوصول إلى أعلى كفاءة ممكنة في التنفيذ.

2ــ مسح شامل للميدان وتصنيف عناصره (التكتيكية والتعبوية) بما فيها مناطق القتل واتجاهات التماس وحدوده.

3ــ اعتماد طرائق قتال مبتكرة تعتمد على مدرسة المقاومة الاسلامية للحرب اللامتماثلة.

4ــ معرفة شاملة وتفصيلية بالعدو وعقائده القتالية الجديدة والمستحدثة فضلاً عن خططه ونواياه تجاه محور بنت جبيل.

5ــ بناء منظومة تعبوية صغيرة وملائمة للقيادة والسيطرة.

6ــ سد الثغرات المتوقعة على المديين المتوسط والصغير في الاستعداد والانتشار والجهوزية.

7ــ تنظيم الهيكلية العامة للتشكيل المقاوم الذي سيتولى مهمة الدفاع عن بنت جبيل.

8ــ رفع الكفاءة الادارية للجهات المعنية بالأمور اللوجستية المدنية والعسكرية.

9ــ رسم خطط النار للأسلحة الثقيلة الداعمة والمدافع المنحنية والمباشرة على اختلاف مدياتها.

10ــ تنظيم تعرف الأفراد من رجال الله على جغرافية وتركيب محور بنت جبيل ككل.

التحضير لمعركة بنت جبيل

خلال الفترة التي سبقت معركة بنت جبيل وصل رجال الله من كل الاختصاصات إلى مستوى عال من الكفاءة ليبرعوا في كل الاختصاصات تقريباً، بحيث يمكن الاستعانة بعنصر الاستطلاع لو لزم الأمر في مجال المدفعية أو القناصة أو المشاة والعكس صحيح. نشير هنا إلى أن كل أفراد محور بنت جبيل أصبحوا اختصاصيين في الصواريخ والمدفعية ونصب وتجهيز العبوات فضلاً عن القناصات، كما أخضعوا بشكل متناوب لدورات معلومات ميدانية في الصد مكنت أغلبهم من تقديم المعلومة الفورية بكامل عناصرها بسلاسة واحتراف لتقوم العمليات باستثمارها بشكل مفيد ومجدٍ.

بلغ مستوى ذلك التأهيل إلى حد أن الأخوة الذين خضعوا جميعهم لدورات مدفعية كانوا في نهاية تدريبهم ينفذون الرمايات وهم معصوبو العيون، حيث يتولى المجاهد نصب المدفع واعداده والرماية والتصحيح منه كل ذلك وهو معصب العينين.

كان “الحاج قاسم” رغم انشغاله بالتحضير لعملية الأسر يحضر معظم تلك التأهيلات كمتدرب، ويكشف أحد رفاقه القدماء أنه خرج من أحد تلك التأهيلات أواخر شهر نيسان/ أبريل 2006 لينقل بالسيارة بعض المجاهدين إلى نقطتهم البعيدة وأسر لرفيقه القديم أثناء مرورهم بمثلث التحرير: “بالحرب الجاي هون راح تتكسر روسهم لليهود ويندعس عليها ان شاء الله”، وأشار بعين التجربة والخبرة المظللة بتسديد الله الى المناطق التي أذاق فيها وإخوانه في بنت جبيل ومارون الراس وعيناتا وعيترون جيش العدو المر الزعاف بين 23 و29 تموز/ يوليو 2006 يوم ارتقائه إلى الرضوان.

معظم الذين تشرفوا بالعمل تحت قيادة الشهيد “الحاج قاسم” في تلك المعركة المجيدة يقسمون “لقد كانت معظم عناصر كاريزماتيته المغناطيسية تجعلنا جاهزين للقتال معه في لجج الجمر وفي أي ظروف عسكرية كانت من دون كلفة أو سؤال”. وللتنويه أيضًا فإن برنامجه التأهيلي الطويل جعل معظم الأفراد في قاطع عمليات بنت جبيل رجالاً واثقين يمكنهم قراءة صورة الموقف العسكري التكتيكي لنقاطهم بشكل واف ومفيد ومستقل.

معركة بنت جبيل 23-29 تموز/ يوليو 2006

بعد تمهيد نيراني بالطيران والمدفعية المنحنية والميدانية استمر 10 أيام منذ بعد ظهر يوم الخميس 13 تموز/ يوليو 2006 وحتى غروب يوم الأحد 23 تموز/يوليو 2006، وبعدما استحال على العدو احتلال كامل مارون الراس وبقاء جيوب للمقاومة فيها بقيت تشاغل العدو حتى نهاية الحرب، طُلب من ثلاثة أرباع المجاهدين المنتشرين في مارون الراس تنفيذ إجراء “علاء 30 ” والذي يقضي بتفجير النقاط وبالانتقال إلى المرحلة الثانية من الحرب، والتي تتطلب انتشارًا خفيًا في المناطق التي تقدم إليها العدو واحتلالها تمهيداً لاستنزافه ومشاغلته والعمل خلف خطوطه. كما يتطلب تنفيذ هذا الإجراء انتشاراً ملائماً وفق خطة الدفاع عن مثلث التحرير ( بنت جبيل – عيناتا – عيترون) التي خبرها وتدرب عليها الجميع في الفترة السابقة، والتي خبر كل مجاهد موقعه فيها وكيفية التحاقه ومجال اختصاصه ودوره في الحرب.

قبيل ذلك بساعات سرب جهازا الدعاية الصهيوني والامريكي تقريرين مهمين ومتناقضين:

ــ أحدهما ينص على أن الشرطة العسكرية الصهيونية تلقت أمراً بأن تُعد إعداداً سريعاً لسجن في معسكر “فيلون” بقرب “روش بينا” لاستيعاب مئات من أفراد “حزب الله” الأوائل الذين سيقعون في الأسر، هناك.

ــ أما الخبر الآخر فذو بعد عملاني، ويؤكد مغزى الخبر الأول وهو أنه في وقت متأخر من يوم الحادي والعشرين، تلقى البيت الأبيض طلبًا من أولمرت والجيش الإسرائيلي لتوفير كميات كبيرة من الذخائر الموجهة بدقة، وهي علامة على أن سلاح الجو الإسرائيلي قد فشل في مهمته لتقويض الأصول العسكرية لحزب الله بشكل كبير خلال الجولات الافتتاحية للحرب. تمت الموافقة على الطلب بسرعة وتم شحن الذخائر إلى “إسرائيل” اعتبارًا من صباح يوم 22 تموز/ يوليو. شعر كبار مسؤولي البنتاغون بالفزع من الشحنة، لأنها تعني أن “إسرائيل” قد أنفقت معظم ذخائرها في الأيام العشرة الأولى من الحرب، وهو الإنفاق الهائل على الاستهداف الذي يشير إلى أن “إسرائيل” قد تخلت عن القصف الاستراتيجي وانتقلت إلى القصف التكتيكي لأصول حزب الله، حيث إن المختصين في البنتاغون لاحظوا أن نشر الذخائر الأمريكية في “إسرائيل” يذكر بطلب مماثل قدمته “إسرائيل” في عام 1973، في ذروة حرب يوم الغفران (حرب اوكتوبر). وقال أحد الضباط في ذلك الوقت: “هذا يمكن أن يعني شيئًا واحدًا فقط: إنهم الآن يتراقصون على الحبال”.

دقق البنتاغون أكثر عبر استخباراته التي تنسق مع الاستخبارات العسكرية الصهيونية “أمان”، فتبين أن جيش العدو ومن أجل الخروج من مأزق مارون الراس سينتقل سريعاً إلى توسيع العملية والدخول في حرب برية. وكان في ذلك إشارة أخرى واضحة للخبراء العسكريين الأمريكيين بأن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يدخل بلدة لكنه لا يستطيع احتلالها. تواصل البنتاغون مع الخارجية والرئاسة الامريكية وأبلغهم بأن العملية الاسرائيلية في لبنان لا تسير على ما يرام، واقترح تكثيف الجهد السياسي في المرحلة القادمة.

كان التقدير أن العدو لم يرتدع بعد وأنه في صدد اندفاعة انتحارية. تنفس “الحاج قاسم” الصعداء فهم آتون إليه ليسحقهم، وارتاح أكثر بعدما تبلغ إنهاء تدبير “علاء 30” واستقرار المجموعات في مواضعها بما فيها المجموعات التي كانت في مارون الراس وأعيد نشرها.

فجر 24 تموز/ يوليو 2006 حاولت وحدة كاملة من الإيغوز برفقة “سييريت (سرية استطلاع) لواء غولاني” التسلل إلى بعض أطراف بنت جبيل، لكن سرعان ما جرى اكتشافها تحت تلة مارون، وبالقرب من مهنية بنت جبيل، حيث يوجد انتشار كثيف للمقاومين. تم التعامل معها وتكبيدها قتيلين وعدة جرحى فعادت من حيث أتت. كانت القوة المستهدفة من طلائع القوة التي كانت قد كلفت بتحضير الميدان من الجهة الشرقية من بنت جبيل (أي مثلث التحرير).

بعد نصف ساعة أبلغ أحد المراصد عن تموضع مجموعة غير محددة التبعية في منزل أول السفح الغربي لمارون الراس من جهة القمة، فجرى استهدافها بصاروخي كورنيت وأبيدت بكاملها (تبين لاحقاً أن القوة تلك هي مجموعة من 5 أفراد يرأسها نقيب من وحدة سرية تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية الصهيوني).

بقي المجاهدون في حالة مناوشة مع العدو طوال يومي 24 و 25 تموز/ يوليو 2006، فكانوا في بعض المواقع ينتظرون اقتراب قوات العدو منهم قبل مهاجمته، وفي مواقع أخرى كانوا يهاجمون “الإسرائيليين” مباشرة بعد اكتشافهم، كما حصل بالقرب من المهنية.

كان التأخير إحدى علائم القصور التي ستواجه وحدات نخبة العدو طوال الحرب فقد طلب من طلب ليلة 21 -22 تموز/يوليو من كتيبة المظليين التي كانت متورطة في معركة مارون الراس ترك مواقعها لوحدة الايغوز والكتيبة 51 من لواء غولاني والتوجه فوراً إلى عيتا الشعب، ثم أعيد توجيه لواء المظليين كله ليلة 22/23 تموز/ يوليو باتجاه يارون تمهيداً لاحتلال تلة مسعود والمشاركة بجهد تطويق بنت جبيل من الغرب.

المعركة الأشرس رجال الله ينزعون هيبة وسلاح الايغوز

في السادس والعشرين من تموز/ يوليو حاولت وحدة مشتركة من وحدة الإيغوز والكتيبة 51 غولاني الالتفاف على بنت جبيل من المدخل الجنوبي لبلدة عيناتا، وتسللت القوة ليلاً لكن رجال الله كانوا ينتظرونهم مما أدّى إلى وقوع القوة في كمائن المقاومة، تعرض أفرادها لمدة 20 دقيقة للاستهداف بالقنابل بعد تفجير عبوات ألزمت القوة الاحتماء خلف حائط اعتمده المقاومون نقطة مقتل مرة جديدة بعد كمين الحافور الأول في مارون الراس قبل عدة ايام، تعامل رجال الله باحترافية عسكرية عالية حيث لم يطلقوا رصاصة واحدة على القوة إلا بعد تحييد 75 % منها بالقنابل بعد 20 دقيقة وإدخال الرعب على قلوب جميع أفراد القوة.

“كانت القنابل تتساقط علينا كالمطر دون أن نحدد مكان من يطلقها” هكذا عبّر أحد أفراد القوة عن حالها بعد مقتل قائدها الرائد روي كلاين نائب قائد الكتيبة 51 من قوات غولاني و7 من رقبائه وعرفائه وتكبدت القوة المشتركة (ايغوز – غولاني) أيضاً 31 إصابة.

عند ذلك هاجم رجال الله بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة ما تبقى من القوة. وقع الاشتباك عند النقطة صفر فيما كان الطرفان على بعد أمتار كل من الآخر فقتل للقوة ثلاثة آخرون بينهم ضابطان وفي نهاية الاشتباك لم ينجُ أحد من قنابل ورصاص رجال الله. وقد اعترف العدو بسقوط ثمانية قتلى وإصابة واحد وثلاثين بجروح في هذا الاشتباك الذي راقبه مجلس وزراء العدو المصغر وقيادة الاركان وغرف العمليات الفرعية لحظة بلحظة من خلال ثلاث مسيرات كانت تحلق في المكان وتنقل انفجار القنابل ووميض الرصاص إلى العدو.

بعدها، سيطر المقاومون على المنطقة وأعادوا انتشارهم وتموضعهم، في الوقت الذي كان فيه الإسرائيليون يعملون على إخلاء الإصابات مشياً على الأقدام تاركين عتادهم في أرض المعركة، حيث لم تتمكن طائرات الاخلاء التابعة للوحدة 669 من الاقتراب من منطقة الاشتباك بسبب احتدامه.

بالتزامن مع اشتباكات الغولاني والايغوز شرقاً وتخفيفاً للضغط عن القوة التي كانت تنازع في بستان الزيتون بين بنت جبيل وعيناتا، حاولت قوة من الكتيبة السابعة للواء المظليين التقدم من جهة تلة مسعود. استطاعت القوة الإسرائيلية الوصول إلى تلة مسعود عبر التسلل ليلاً، لكنها كانت تتجه إلى كمين أعد لها خصيصاً منذ اليوم الثاني للحرب، إذ فتح رجال الله النار عليها فور اكتشافها بموجب تعميم من القيادة واستمرت الاشتباكات معها حتى الصباح، ثم انكفأت بعد وقوع قتيلين وخمسة عشر جريحاً في صفوفها. تمركزت القوة بعد تراجعها في بعض المنازل الكبرى المبنية على تلة مسعود. بعد ظهر اليوم نفسه تسللت مجموعة استطلاع قتالية من المقاومة إلى تلك المنازل واشتبكت مع مجموعة من تلك القوات عند مدخل إحدى الفيلات، الأمر الذي دفع بالقوة كلها الى الفرار من المنازل ليلاً.

بعدها مباشرة أغار الطيران على المنازل، ورجح الأخوة أن يكون سبب الغارات هو وجود تجهيزات اتصالات ووسائل الكترونية عسكرية مهمة تركها جنود العدو خلفهم. وقد أدت الغارات الى محو المنازل كلياً.

في التاسع والعشرين من تموز/يوليو ونتيجة الخسائر التي منيت بها القوات الإسرائيلية في اشتباكات كل من تلة مارون وعيناتا وتلة مسعود أعلنت خروجها من منطقة بنت جبيل، وحصل ما يشبه الهدنة الارضية دون توقف الطيران الحربي والمروحي وغير المأهول عن استهداف أي شيء يتحرك.

بعد فشل الهجومين فشلاً ذريعاً استعاض العدو عن خسائره بانتقام وحشي من بنت جبيل وعيناتا واستخدمت في الغارات طائرات “اف 16” تساندها الأسلحة المدفعية 155 و175 ملم. وصل عدد الغارات إلى مئة غارة خلال ساعتين، وقد جرى في هذا القصف المجنون تدمير المدينة القديمة تدميراً كلياً، بعد قصفها على مراحل عدة.

قدر عدد الجنود الصهاينة من وحدات (ماغلان – إيغوز) ولوائي (المظليين وغولاني) الذين قتلوا في معارك بنت جبيل، بخمسة وثلاثين جندياً مع سقوط نحو الـ 180 جريحاً، بالاضافة إلى تدمير ما يقارب العشرين دبابة (8 منها دمرت في مارون الراس وأطراف بنت جبيل وعيناتا و 12 أخرى دمرت في مقتلة صف الهوى بين 8 و11 آب 2006)، بينما قدرت القوات التي شاركت في المعركة الأولى بلوائين شارك منها ثلاث كتائب.

وثيقة عسكرية صهيونية: معركة بنت جبيل 2006 من أشرس المعارك ضراوة

اعتبرت صحيفة “يسرائيل هيوم” في معرض نشرها وثيقة عسكرية “إسرائيلية” إبان حرب لبنان الثانية عام 2006، أن معركة بنت جبيل هي إحدى أشرس المعارك ضراوة، وبشكل يفوق الكثير من الأحداث التي شهدتها تلك المواجهة في صيف 2006، تلك المعركة بقيت عالقة في الذاكرة الجماعية ” الإسرائيلية”.

وعشية الذكرى العاشرة للعدوان على لبنان 2006، كشف أرشيف جيش العدو ولأول مرة، صوراً جديدة وتسجيلات لشبكة الاتصالات خلال تلك المعركة تظهر صوت ضابط العمليات في لواء غولاني المقدم “يوني شيطبون” (نائب في الكنيست حاليًا) وقائد الكتيبة 51 من لواء غولاني في حينه، والعميد حاليًا “يانيف عاشور”، وهما يتحدثان مع القوة المصابة ويسألان عن عدد المصابين، والذين سقط منهم حينها ثمانية من جنود الكتيبة 51 ومن بينهم نائب قائدها الرائد روعي كلاين.

لقد بدأت المعارك القاسية في بنت جبيل في 23 تموز/يوليو 2006، حيث قامت قوات غولاني والمظليين بتطويق البلدة الواقعة في جنوب لبنان، وسيطر المظليون على مناطق تقع غرب البلدة، بينما سيطرت قوات غولاني على المناطق الشرقية، بحسب ما تشير اليه الصحيفة.

وبحسب التقرير فإنه في فجر 25 تموز/ يوليو اندلعت معركة أشد شراسة تواصلت لساعات طويلة؛ تلقى لواء غولاني أوامر بالتقدم باتجاه مركز البلدة، فقام قائد الكتيبة بتقسيمها الى فرقتين: الاولى واصلت معه التقدم، والثانية تقدمت باتجاه شمال غرب البلدة بقيادة روعي كلاين في منطقة تقوم فيها مدرجات وأسوار من الحجارة وطوابق مختلفة. وخلال التقدم كانت قوة من حزب الله تتواجد في بيوت مجاورة فالتحمت بالقوة الاسرائيلية وفتحت عليها النيران ورشقتها بالقنابل.

ويشير التقرير إلى أن القوة الثانية كانت منتشرة أيضًا وراء أسوار من الحجارة، وفوجئت بقوة من حزب الله ترابط خلفها قامت بفتح نيرانها عليها موقعة أفرادها بين قتيل وجريح. وانطلق نائب قائد الكتيبة مع قوة أخرى لإنقاذ القوة المصابة، وحين وصولهم وهم يقومون بتقديم العلاج لزملائهم فتحت النيران عليهم فأصيبوا في غالبيتهم وقتل كلاين.

سجل الخالدين

كانت نسبة المقاومين تعادل خمسة إلى عشرة بالمئة من عدد جنود العدو في تلك المعركة. استشهد منهم ثمانية عشر مقاوماً من أبناء بنت جبيل وأربعة عشر مقاوماً من أبناء عيناتا، يضاف اليهم ثمانية عشر مواطناً من بنت جبيل. ويبقى الشهيد الاستاذ راني بزي قائد مواجهات الليلة الاخيرة من الحرب الذي استشهد في بلدة الغندورية ليلة 13/14 آب 2006 منغمساً بقوة صهونية من وحدة الايغوز كانت متحصنة في أحد القصور على أطراف البلدة.

بنت جبيل
1ــ خالد أحمد بزي (أمير الميادين قائد مواجهات بنت جبيل وعيناتا ومارون الراس والقائد الميداني لعملية الاسر في خلة وردة)
2ــ محمد أبو طعام
3ــ حسن قاسم حميد
4ــ علي عادل الصغير
5ــ محمد هاني شرارة
6ــ هشام محمد بزي
7ــ محمود السيد أحمد
8ــ أحمد قاسم حميد
9ــ حسين عماد جمعة
10ــ كفاح فايز شرارة
11ــ حسن علي الصغير
12ــ نضال ضاهر
13ــ محمود خازم
14ــ علي ابو عليوي
15ــ علي جمعة
16ــ بلال هريش
17ــ كفاح عسيلي
18ــ محمد عسيلي

مارون الراس
19ــ محمد يوسف دمشق (قائد معركة الدفاع عن مارون الراس)
20ــ سامر نجم
22ــ حسن كرنيب (انغمس بقوة صهيونية على أطراف البلدة)
23ــ عاكف الموسوي (وجد مستشهداً ويده لا تزال على الزناد)

عيناتا
24ــ موسى خنافر (قائد مواجهات عيناتا الاولى، كمين الايغوز وغولاني)
25ــ أمير فضل الله (أحد قادة مواجهة عيناتا الاولى استشهدت أمه وأخته وزوجته وطفله (3 سنوات) في مجزرة الملجأ التي ارتكبتها طائرات العدو الحربية في عيناتا)
26ــ جميل محمود النمر
27ــ علي محمد السيد علي
28ــ ماهر حمد سيف الدين
29ــ زيد محمود حيدر
30ــ محمود ذيب خنافر
31ــ كاظم علي خنافر
32ــ عمار قوصان
33ــ ناظم عبد النبي نصر الله
34ــ مروان حسين سمحات
35ــ محمد حسن سمحات
36ــ شاكر نجيب غشام
37ــ حسن اسماعيل
38ــ أحمد حسن جغبير (يتيم الشهيد القائد حسن جغبير كان من عداد قوة الهندسة التي روعت وأذلت العدو واستشهد عطشان قبل أن يحضروا له المياه بثوانٍ قليلة).

في التاسع والعشرين من تموز/ يوليو 2006 نفث “الحاج قاسم” ورفاقه الشهداء كل جمر عشش في دمائهم، وصاروا أجمل السفراء إلى الحسين (ع)، يقودهم أجمل قلادة في جيد فتاتيه المعشوقتين بنت جبيل وفلسطين. صار الحاج قاسم ورفاقه تميمة ترابنا وخلاصة سمرته وتوأم تواضعه، وصاروا ماء وجهنا المسكوب في عيبة الكبرياء والعظمة ود كثيرون ممن عرفوهم لو أن كل عطور الدنيا صارت رائحتها تراباً كجبلتهم، وأقسم منتظرون آخرون أن أعينهم لن ترى في الناس إلا توائم الحاج قاسم وقافلته من بنت جبيل إلى صنعاء، حتى تستمر مواسم العامليين فصولاً خمسة ويأكل كل البشر من ثمرها.

في قاموس الشمائل كتب المنتظرون للسابقين:

  • أنت في الظلال ظلي
  • وفي الحقيقة كلي
  • وفي الخطوب رئة قلبي وعقلي
  • وفي حماك هيهات مني ذلي

يوسف الشيخ – موقع العهد

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد