«ذا دبلومات»: قصة تطوُّر أسطولين بحريين.. كيف امتلكت الهند والصين حاملات الطائرات؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تعد برامج حاملات الطائرات في القرن الحادي والعشرين في الهند والصين مدهشة بسبب تشابهاتها، وبسبب اختلافاتها كذلك.

نشرت مجلة «ذا دبلومات» الأمريكية تقريرًا أعدَّه ريك جو، وهو الجزء الأول من سلسلة من جزأين، يستعرض فيه مسار برامج حاملات الطائرات التي تعمل عليها كل من البحرية الصينية والبحرية الهندية من الماضي القريب إلى الحاضر، والنظر في آفاقها المستقبلية في سياق الأولويات البحرية الإستراتيجية للدولتين.

يقول الكاتب في مستهل تقريره إن حاملة الطائرات الثالثة في الصين، المعروفة باسم «003» نالت اهتمامًا متزايدًا من جانب وسائل الإعلام في الأشهر الأخيرة، مع سير عملية بنائها على قدم وساق في حوض بناء السفن جيانجنان في شنغهاي، ويتوقع حاليًا موعد إطلاقها بحلول الربع الأول من عام 2022.

وفي الوقت نفسه، وغير بعيد في حوض كوشين للسفن في كوتشي بالهند، بدأت حاملة الطائرات «إن إس فيكرانت» المبنية محليًّا أيضًا في بلوغ معالمها البارزة الخاصة بها، على أمل الشروع في تجاربها البحرية التي طال انتظارها في الأشهر المقبلة. ويشكل التقدم الذي أحرزته «فيكرانت» و«003» تجسيدًا مفيدًا للطريقة الرائعة التي طوَّرت بها البحرية الهندية وبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني برامجهما الخاصة بحاملات الطائرات.

الطريق إلى امتلاك حاملات الطائرات

ولفت الكاتب إلى أن مجتمع الدفاع العام كان يعتقد قبل عام 2010 أن لدى الهند خبرة فيما يتعلق بحاملات الطائرات أكثر من الصين. وكان هذا واضحًا في ضوء أن البحرية الصينية لم تشغِّل قط أي نوع من حاملات الطائرات قبل استلام الحاملة «سي في-16 لياونينج» في أواخر عام 2012. ومن ناحية أخرى، كانت الهند تدير الحاملة «آي إن إس فيكرانت آر 11» التي تزن 20 ألف طن (والتي بنتها بريطانيا وكان يفترض أن تكون إتش إم إس هيركليز) بين عامي 1961 و1997، وكذلك الحاملة التي تزن 29 ألف طن من طراز «آي إن إس فيرات» (إتش إم إس هيرمز سابقًا) بين عامي 1987 و2016.

ومن بين هاتين الحاملتين، كانت فيكرانت تعمل بوصفها منجنيق بخار يعمل بنظام «كاتوبار» (CATOBAR) (نظام يستخدم لتشغيل الطائرات واسترجاعها) حتى أواخر ثمانينيات القرن العشرين؛ إذ عدلت بقفزة تزلج لتشغيل طائرات «هارير جيت» البحرية في المقام الأول بوصفها حاملة إقلاع/وهبوط عمودي قصير (VSTOL)، في حين عملت «آي إن إس فيرات» بوصفها حاملة إقلاع/وهبوط عمودي قصير منذ بداية استلامها من البحرية الهندية.

وفي الوقت الحاضر، فإن حاملة الطائرات العاملة الوحيدة في الهند هي من طراز «إن إس فيكراماديتيا» المجهزة بقفزة تزلج تعمل بنظام «ستوبار» (STOBAR) (نظام يستخدم لإطلاق الطائرات واستعادتها، ويجمع بين طريقة الإقلاع القصير والهبوط العمودي ستوفل، وبين طريقة كاتوبار التي تستخدم المنجنيق)، ودخلت الخدمة في عام 2013. وكانت هذه السفينة في الأصل حاملة من فئة «كييف» – الأدميرال جورشكوف سابقًا – التي باعتها روسيا للهند قبل أن تخضع لملحمة بطولية من التعديلات لتحويلها من دورها السابق بوصفها حاملة إقلاع/وهبوط عمودي قصير إلى حاملة تعمل بنظام ستوبار الحالية المجهزة بقفزة التزلج.

يتابع الكاتب قائلًا: ومع أن البحرية الصينية لم تشغل قط أي حاملة طائرات قبل حاملة الطائرات لياونينج، فإن الصين تعرفت بالفعل إلى بعض حاملات الطائرات الأخرى التي يمكن أن تستفيد منها. وقد بيعت ناقلة «إتش إم إيه إس ملبورن» السابقة، وهي ناقلة أسترالية خفيفة من فئة «ماجيستك»، إلى الصين في الثمانينيات بعد تقاعدها بسبب التخلص منها. ومن المرجح أن تكون السفينة الكاملة نسبيًّا قد وفرت معلومات مفيدة للبحرية الصينية نظرًا إلى عدم وجود أي تعرض مسبق لحاملات الطائرات، وإن كان من الصعب تقييم المدى الفعلي للتقدم التقني. كما بيعت ناقلتان من فئة «كييف» من الاتحاد السوفيتي السابق (والسفن الشقيقة للأدميرال جورشكوف)، كييف ومينسك، إلى الصين في تسعينيات القرن العشرين.

وقد حوَّلت الصين هاتين السفينتين إلى متاحف بحرية ومتنزهات ترفيهية، ولكن من المرجح أن تكون البحرية الصينية قد قيَّمتهما بالمثل للإسهام على نحو أكبر في تحقيق أهداف برنامج حاملة الطائرات الطويلة الأمد في ذلك الوقت. وفي نهاية المطاف، لم تُحول البحرية الصينية ملبورن سابقًا، أو كييف سابقًا، أو مينسك سابقًا إلى حاملة طائرات عاملة، وعلى الأرجح كان ذلك نتيجة للقيود المتأصلة في تصاميمها وعمر هيكلها، فضلًا عن أولويات البحرية الاقتصادية وبناء السفن في ذلك الوقت. وفي عام 1998 فقط، عندما استلمت الصين الفارياج سابقًا، الهيكل غير المكتمل لثاني حاملة طائرات تابعة للاتحاد السوفيتي من طراز كوزنيتسوف (الذي كان شراؤها ونقلها من أوكرانيا بمثابة ملحمة في حد ذاتها)، امتلكت الصين هيكلًا من الممكن تحويله إلى سفينة حربية عاملة.

لذلك، في العقد الأول من الألفية الجديدة، كان كل من البحرية الصينية والبحرية الهندية قد اتخذتا الخطوات اللازمة لمتابعة برامج حاملات الطائرات القوية. وقد أدركت الهند الحاجة إلى إصلاح قوة سفنها البحرية بسفن أحدث وأكثر قدرة، بينما سعت الصين لتأمين بداية قدرة ناقلات قوية.
فيكراماديتيا ولياونينج

وأضاف الكاتب أنه ونتيجة للذرائع الجيوسياسية وتوافر الهيكل، وجدت الهند والصين نفسيهما على مسارات مماثلة في أول حاملات طائراتهما الجديدة. وقد اعتمدت كل من البحرية الهندية والبحرية الصينية على ناقلات جرى إصلاحها إصلاحًا كبيرًا، والتي بناها في الأصل الاتحاد السوفيتي السابق:«إن إس إس فيكراماديتيا» (جورشكوف سابقًا)، و«سي في -16 لياونينج» (فارياج سابقًا) على الترتيب. غير أن هذه السفن ستشرع في رحلات مختلفة للغاية للوصول إلى الوضع التشغيلي في أساطيلِها البحرية الجديدة.

وقد بيعت جورشكوف سابقًا إلى الهند في عام 2004 مجانًا، ولكن بتكلفة 800 مليون دولار لتجديد الناقلة نفسها، على أن تكملها روسيا في حوض بناء السفن سيفماش لتسليمها في عام 2008 باسمها الجديد «آي إن إس فيكراماديتيا». ولم يكن حجم العمل هينًا، فلم يكن المطلوب إزالة الأسلحة المتكاملة المصممة للسفينة (التي تختلف عن فئة كييف في دورها الناقل/الطراد)، بل أيضًا التوسع الواسع النطاق في سطح طيران السفينة لإضافة قفزة تزلج، ومعدات القبض للعمليات المتوافقة مع نظام ستوبار. ولكن لسوء الحظ، أدت تجاوزات التكلفة إلى زيادة السعر وبلغت الفاتورة النهائية 2.35 مليار دولار، ودفعت التأخيرات التسليم إلى عام 2013، مع وصول السفينة نفسها إلى المياه الهندية في عام 2014.

ويتألف الجناح الجوي الرئيس لحاملة «إن إس فيكراماديتيا» من ما يصل إلى 26 مقاتلة من طراز «ميج–29 كيه» متعدد المهام و10 طائرات هليكوبتر من طراز «كاموف 28/31» للمهمات المضادة للغواصات والإنذار المبكر المحمولة جوًّا، وجميعها مشتراة من روسيا. وقدمت روسيا أيضًا تدريبًا للطيارين الهنود المبتدئين في عمليات ستوبار، ومن الجدير بالملاحظة أن البحرية الهندية لم تقم في تلك المرحلة بعمليات استرداد توقفت لعقود منذ أن تخلت «إن إس فيكرانت آر 11» الأصلية عن طائراتها التي تطلق بالمنجنيق لصالح طائرات «هارييرز» ذات الإقلاع/والهبوط العمودي القصير.

وقد باعت أوكرانيا فارياج سابقًا إلى الصين في عام 1998. وفي ذلك الوقت لم تكن السفينة جزءًا من مشروع حكومي رسمي، وكان المخطط لها بدلًا من ذلك أن تصبح كازينو ترفيهيًّا. وصل هيكل السفينة الذي كان عرضة للعوامل الجوية ولكنه كان قويًّا، إلى المياه الصينية في أوائل عام 2002 بعد تأخيرات متعددة خلال رحلته الطويلة. وبقيت السفينة في حوض السفن في داليان، حيث اتضح أنه لم يكن مقدرًا لها أن تصبح مكانًا للترفيه.

وكان العمل الأولي المرئي من الخارج يتألف فقط من بعض المعالجات المتقطعة لإصلاح تآكل جزيرة السفينة وسطحها، ولم يبدأ العمل الهيكلي الواضح على السفينة إلا في عام 2009، التي بدأتها بقواطع كبيرة لجزيرة السفينة. وستغادر السفينة في وقت لاحق في أولى تجاربها البحرية في أغسطس (آب) 2011، قبل أن تدخلها البحرية الصينية في الخدمة في سبتمبر (أيلول) 2012 باسمها الجديد «لياونينج». ولئن كان من الصعب تقدير التكلفة والوقت النهائيين لتجديد السفينة، فإن أحد الفروق الملحوظة عن فيكراماديتيا هو أن النظم الفرعية لـ«لياونينج» كانت مستمدة من موردين محليين، مع إنجاز العمل في حوض سفن محلي، وكلاهما أثبت أنه لا يقدر بثمن بالنسبة لملاحق حاملات الطائرات المحلية اللاحقة.

وأضاف الكاتب أن اِقتناء الهند لـ«فيكراماديتيا» واقتناء الصين لـ«لياونينج» مدهش لتشابههما: فكلاهما كانت ناقلة مع نظام ستوبار وله أصول في الاتحاد السوفيتي، وكلاهما احتاج عملًا مضنيًا ودخل الخدمة في غضون سنوات فارقة بين بعضهما البعض، وواجه كل منهما نصيبه من التجارب والمصاعب.

ونوَّه الكاتب إلى أن «فيكراماديتيا»، مع 45 ألف طن من الإزاحة الكاملة، أخف وزنًا من «لياونينج»؛ إذ يبلغ وزنها 65 ألف طن ممتلئة، لكنها تمتلك أجنحة جوية قتالية مماثلة الحجم، نتيجةً لتشغيل «فيكراماديتيا» لطائرات «ميج–29 كيه» الأصغر و«لياونينج» التي تشغل طائرات «جيه-15» الأكبر. يفتقر كل من طراز «ميج–29 كيه» وطراز «جيه–15» إلى المرونة اللازمة للإقلاع على نحو موثوق بأوزان الإقلاع القصوى في جميع الظروف نظرًا إلى تكوين نظام ستوبار الخاص بهما، الأمر الذي يؤثر تناسبيًّا في النطاق الأقصى والحمولات الصافية، وإن كان بالقيمة المطلقة يتحمل طراز «ميج–29 كيه» نطاقًا وحمولة أصغر من «جيه-15» بفضل اختلاف فئات وزنها ودفع محركها.

ولفت الكاتب إلى أن الفروق بين «فيكراماديتيا» و«ليونينج»، فضلًا عن الأجنحة الجوية لكل منهما، تتلاءم مع درجة الاكتفاء الذاتي للشعوب المعنية، مشيرًا إلى أن شراء النظم الفرعية المحلية والقيام بأعمال في أحواض السفن المحلية، وتزويد حاملة الطائرات بطائرات محلية الإنتاج، لا يوفر الخبرة للمشروعات المستقبلية فحسب، بل إنه يتيح في العادة أيضًا دعمًا متفوقًا للعمليات الروتينية والصيانة، لأن التدريب اللوجستي والخبرة البشرية لا يحتاجان إلى تنظيم واستيراد من الخارج.

وغني عن القول إن خيارات الشراء هذه يحددها توافر صناعة بناء السفن ونضجها في كل دولة، ومجمل المجمعات الصناعية العسكرية. وبعض هذه الاختلافات تصبح أكثر وضوحًا عند استعراض أول حاملة طائرات هندية منتجة محليًّا «آي إن إس فيكرانت»، وأول حاملة طائرات صينية منتجة محليًّا، «سي في-17 شاندونج».

فيكرانت وشاندونج
وأوضح الكاتب أن «آي إن إس فيكرانت» هي حاملة مع نظام ستوبار إزاحة كاملة تبلغ 45 ألف طن بنَتها الهند محليًّا في حوض السفن في كوشين. وقد وضعت فيكرانت لأول مرة في فبراير (شباط) 2009، مع خطط في ذلك الوقت تهدف إلى تحقيق التجارب البحرية بحلول عام 2013 للسفينة التي ستدخل الخدمة في عام 2014.

لسوء الحظ، عانت السفينة من تأخيرات متعددة، حيث جرى إطلاقها من دون جزيرتها وكامل سطح الطيران في أغسطس 2013، قبل أن يعاد تجميعها وتعويمها في يونيو (حزيران) 2015 في حالة كاملة هيكليًّا أكثر اتساقًا مع المعايير الدولية لاستكمال السفن وقت الإطلاق. منذ عام 2015، كانت السفينة في وضع مناسب. وحتى أواخر يونيو 2021، لم تشرع السفينة بعد في تجربتها البحرية الأولى، ولكن أحدث التقارير الإخبارية تشير بقوة إلى أنه من المرجح أن تحدث في الأشهر المقبلة.

لذلك، يمكن أن تدخل «آي إن إس فيكرانت» الخدمة بين أواخر عام 2022 و2023، وهي مدة إجمالية تتراوح من 13 إلى 14 عامًا بين بدء العمل ودخولها الخدمة. والوقت المنقضي طويل بلا شك، لكن هذا ليس غير متوقع تمامًا عند النظر إلى أن فيكرانت هي أكبر سفينة حربية أصلية أنشأتها الهند حتى هذه اللحظة (أكبر مدمرات تزن 7500 طن)، بالإضافة إلى حالة بناء السفن الهندية، ومشاركة عديد من البائعين الأجانب والاعتماد عليهم للأنظمة الفرعية الرئيسة، وهو ما سيتضح أدناه.

طُلبت فيكرانت لأول مرة في عام 2004، إلى جانب خطط الشراء للسفينة، والتي سوف تتحول إلى «آي إن إس فيكراميديتيا»، والتي نشأت من هدف في أواخر ثمانينيات القرن العشرين لتحل محل الناقلتين الهنديتين في الخدمة في ذلك الوقت (آي إن إس فيرات). وتصميم فيكرانت وتشكيلها مثيران للاهتمام مثل الرحلة التي قطعتها خلال مراحل بنائها. ويشبه تكوين جزيرة السفينة، وسطح الطيران، والمصاعد التكوين المصغر لحاملة الطائرات من فئة كوزنيتسوف، وتقدم نفسها على أنها حاملة مع نظام ستوبار صغيرة إلى متوسطة الحجم. وهناك نظم فرعية رئيسة مختلفة مستوردة من الخارج مجهزة في السفينة، مثل أربعة توربينات غازية من طراز «جنرال إلكتريك إل أم +2500»، وجناح رادار رئيسي مشترى من إسبانيا وإسرائيل، إلى جانب أجنحة الصلب والطيران من روسيا، والأعمال الاستشارية من إيطاليا.

ويتألف الجناح الجوي الأساسي لـ«فيكرانت» من 10 طائرات هليكوبتر، و26 طائرة من طراز «ميج–29 كيه» عند الدخول في الخدمة. وتخلت البحرية الهندية في نهاية المطاف عن نسخة بحرية من مقاتلة تيجاس المتعددة المهام التي يجري تطويرها بدلًا من مقاتلة بحرية جديدة مشتقة من تيجاس، ذات محرك مزدوج يطلق عليها اسم «تيدبيف» (TEDBF) (مقاتلة ذات محرك مزدوج، وستعرض بمزيد من التفصيل الشهر المقبل). ولم يشهد بعد برنامج لشراء 57 طائرة محمولة لسد فجوة الأجنحة الجوية لكل من فيكرانت وفيكراماديتيا قرارًا نهائيًّا، ومع ذلك، فإن البائعين الدوليين من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا قد قدموا عروضًا ميدانية.

ومن المثير للدهشة أن أحد العوامل المحددة التي فرضها تصميم حاملة الطائرات فيكرانت نفسه هو حجم مصاعدها. على ارتفاع 10 × 14 مترًا لكل منهما، كان المصعدان مخصصين لاستيعاب طائرات «نيفال تيجاس» و«ميج–29 كيه»، ولكن ثبت أنهما صغيران نوعًا ما ليلائما على نحو مريح الطائرات الغربية المحمولة، مثل الطائرات الفرنسية «رافال-إم» و«سوبر هورنت-إف/إيه-18» الأمريكية، ولا يوجد حل نهائي لتسويته بعد. ومع ذلك، فإن المصاعد الموجودة في فيكرانت وُضِعت بحكمة عند مَيْمَنة حافة سطح الطيران، في حين ترث فيكراماديتيا مكان مصعديها الموجودين في منتصف سطح الطيران، وهي بقايا غير مرغوب فيها من فئة كييف.

في أوائل العقد الثاني من الألفية الجديدة، ظهرت شائعات أن البحرية الصينية سوف تشتري حاملة الطائرات بنظام ستوبار المستمد من لياونينج، قبل شراء أول ناقلة تعمل بنظام كاتوبار. وكانت هذه السفينة تعرف في البداية باسم الناقلة «100 إيه»، قبل أن تحدد لاحقًا باسم «002»، وتدخل بعد ذلك الخدمة باسم «سي في -17 شاندونج». وقد أشيع أن العمل الأولي بدأ في أواخر عام 2013 في حوض السفن في داليان مع قطع الفولاذ، ووضعت أول وحدات من السفينة في حوض جاف في عام 2015، مما يوفر التأكيد الأولي المرئي لأول حاملة طائرات صينية منتجة محليًّا للمراقبين الخارجيين. وقد أطلقت الصين شاندونج في أبريل (نيسان) 2017، وبدأت التجارب البحرية بعد عام واحد في مارس (آذار) 2018، قبل أن تدخل الخدمة في البحرية الصينية في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وبذلك، ستُقضى ست سنوات بين بدء العمل والتشغيل.

ويتبع تكوين شاندونج تكوين لياونينج، الذي يعتمد التصميم الخارجي نفسه والأبعاد الأولية، مع إدخال بعض التحسينات، مثل جزيرة أصغر حجمًا ومعاد تصميمها، وسطح طيران بسيط، وتعديلات لمصاعد الأسلحة. وعلى الصعيد الداخلي، شيدت السفينة «شاندونج» وفقًا للمعايير الحديثة لمكافحة التلف في إطار البحرية الصينية، وأفادت تقارير بأن دفع السفينة اعتمد بديلًا لنظام مرجل البخار والتوربينات الذي طُوِّر لحاملة الطائرات «003». وعلى غرار نظام «لياونينج»، تُشترى بقية أنظمة «شاندونج» الفرعية محليًّا، في بعض الحالات باستخدام متغيرات متطورة من الأنظمة الفرعية من نظام «لياونينج» (مثل رادار AESA من النوع 346).

تتطابق سعة الأجنحة الجوية لـ«شاندونج» مع «لياونينج»، وعلى الرغم من التكهنات، لا يوجد دليل على أن حظيرة «شاندونج» أكبر من حظيرة «لياونينج». لذلك، يمكن عد «شاندونج» سفينة شقيقة لـ«لياونينج»، ولذلك فهي قريبة من «الأدميرال كوزنتسوف»، السفينة الرائدة من فئتها التي لا تزال في الخدمة مع البحرية الروسية، والتي لا تزال تهدف إلى تجديد السفينة للعودة إلى العمليات.
كشف مواطن القوة والضعف

وألمح الكاتب إلى أن اقتناء الهند لـ«فيكراماديتيا» و«فيكرانت»، واقتناء الصين لـ«سي في-16 لياونينج» و«سي في-17 شاندونج» كانت كاشفة لبعض مواطن القوة والضعف في صناعات بناء السفن والمجمعات الصناعية العسكرية التي تقوم عليها كل دولة.

وعلى وجه الخصوص، فإن الطريقة التي سارت بها «فيكرانت» و«شاندونج» في عملهما ملحوظة: فقد بدأ العمل الأولي في «فيكرانت» قبل نحو أربعة أعوام من بدء العمل المكافئ مع «شاندونج»، ومع ذلك فقد دخلت الأخيرة الخدمة لمدة عامين على الأقل قبل الأولى (ولا يزال العد مستمرًّا)، وقت كتابة هذا التقرير. بعض هذا الاختلاف يمكن أن يعزى بالتأكيد إلى حقيقة أن «شاندونج» هي تصميم مشتق من «لياونينج»، وكذلك لا يمكن التقليل من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد على «فيكرانت». ولكن من ناحية أخرى، لا يمكن إنكار أن سفينة «شاندونج» هي سفينة أكبر من سفينة «فيكرانت» بحوالي 20 ألف طن، مزودة بأنظمة فرعية لمصنعين محليين، وكلها تستغرق أقل من نصف الوقت الإجمالي للعمل الأولي على التشغيل موازنةً بـ«فيكرانت».

وفي إدراك متأخر، تبدو هذه الوتيرة المتباينة من التقدم واضحة عند مقارنة حجم وتعقيد صناعة بناء السفن الهندية الشاملة بالصين، فضلًا عن دراسة نضج الموردين المحليين لمختلف الأنظمة الفرعية التي كانت كل دولة قادرة على إنتاجها (وبذلك توفيرها في الوقت المناسب). ومع ذلك، فمع دخول كل من البحرية الهندية والبحرية الصينية في العقد الثالث للألفية الحالية، لم يكن مسار اقتناء حاملات الطائرات مختلفًا: سيدخل كلاهما الخدمة قريبًا أو دخلت بالفعل مع نظام ستوبار، مع امتلاك البحرية الهندية قدرًا من الخبرة التاريخية في مجال الطيران البحري تستفيد منها، بينما تعزز البحرية الصينية صناعتها المحلية الهائلة لبناء السفن وصناعة الطيران للسعي إلى تدريب الكفاءات التشغيلية الأساسية للناقلات وتطويرها على وجه السرعة.

ومع ذلك، وحسب ما يختم الكاتب الجزء الأول من تقريره، تبدأ كل من البحرية الهندية والبحرية الصينية في التباعد في مسارات ناقلاتهما بمجرد أن نستعرض امتلاك كل بحرية لحاملة الطائرات الثالثة، وتطوير جناحها الجوي المستقبلي، وحجم مرافق الناقل الخاص بهم. وسيجري استعراض هذه الموضوعات في الجزء الثاني من هذه السلسلة في الشهر المقبل.

ساسة بوست

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد