وثائق البنتاغون المسرّبة: واشنطن تتجسّس على الحلفاء والأعداء

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تقدّم وثائق وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” عالية السرية التي جرى تسريبها عبر الإنترنت في الأسابيع الأخيرة، نافذة نادرة على كيفية تجسس الولايات المتحدة على الحلفاء والأعداء على حد سواء، ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين بشدة، حيث يخشون أن تهدد تلك المعلومات مصادرهم السرية الحساسة وتقوض علاقاتهم الخارجية المهمة.

ذلك ما خلصت إليه كل من ناتاشا برتراند وكايلي أتوود، في تقرير طويل نشره موقع شبكة “سي إن إن” (CNN) الإخبارية الأميركية.

وتكشف بعض الوثائق مدى تنصت الولايات المتحدة على حلفاء رئيسيين، بينهم أوكرانيا وكوريا الجنوبية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، فيما تظهر أخرى مدى اختراق واشنطن لوزارة الدفاع الروسية ومجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر”.

والأحد، أعلنت نائبة السكرتيرة الصحفية للبنتاغون، سابرينا سينج، أن الوزارة أوقفت “جهودًا مشتركة بين الوكالات (الاستخباراتية)” لتقييم تأثير التسريب، مضيفة أن المسؤولين الأميركيين تحدثوا مع الحلفاء والشركاء بشأن التسريب، وأبلغوا “لجان الكونغرس ذات الصلة” بالأمر.

فيما بدأت وزارة العدل تحقيقيًا في تسريب الوثائق في آذار الماضي على منصة التواصل الاجتماعي Discord، والتي تتعاون مع سلطات إنفاذ القانون في التحقيق، وفقا لـ”سي إن إن”.

وحاليًا، يحاول حلفاء الولايات المتحدة تقييم الأضرار وتحديد ما إذا كان أي من مصادرهم وأساليبهم قد تعرّض للخطر بسبب التسريب، الذي أثار قلقًا في أجهزة استخبارات “تحالف العيون الخمس” بين لولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا.

اقتراح زيلينسكي


راجعت “سي إن إن” 53 وثيقة مسربة، ويبدو أن جميعها تم إنتاجها بين منتصف شباط وأوائل آذار الماضيين، وتكشف إحداها أن واشنطن تجسست على حليفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن تطورات الغزو الروسي لبلاده منذ 24 شباط 2022.

الوثيقة، وهي تقرير للاستخبارات الأميركية، أفادت بأن زيلينسكي في أواخر شباط الماضي “اقترح ضرب مواقع انتشار روسية في (مقاطعة) روستوف أوبلاست الروسية” باستخدام طائرات بدون طيار، لأن كييف لا تمتلك أسلحة بعيدة المدى.

وضمن تفسيرات لعدم تزويد الغرب لكييف بأسلحة طويلة المدى، يقول تقرير استخباراتي آخر إن الصين يمكن أن تستخدم الضربات الأوكرانية على أهداف في عمق روسيا “كفرصة لتصوير (حلف شمال الأطلسي) الناتو باعتباره المعتدي، وقد تزيد من مساعدتها لروسيا إذا رأت أن الهجمات كانت كبيرة”.

وقال مصدر مقرّب من زيلينسكي إن تجسس واشنطن على الأخير “ليس مفاجئا، لكن المسؤولين الأوكرانيين محبطون للغاية بشأن التسريب”، بحسب “سي إن إن”.

ذخيرة كوريا الجنوبية


وثيقة أخرى، وفقًا للشبكة، ترصد محادثة بين اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي الكوري الجنوبي حول مخاوف مجلس الأمن القومي في البلاد بشأن طلب واشنطن الحصول على ذخيرة من سيول.

وكان المسؤولان قلقين من أن واشنطن ربما سترسل تلك الذخيرة إلى أوكرانيا، وهو من شأنه أن ينتهك سياسة كوريا الجنوبية المتمثلة في عدم تقديم مساعدات مميتة إلى دول في حالة حرب، ولذا اقترح أحد المسؤولين طريقة للالتفاف على هذه السياسة ببيع الذخيرة إلى بولندا.

وأثارت الوثيقة جدلا في سيول، وقال مسؤولون كوريون جنوبيون لمراسلين إنهم يعتزمون إثارة القضية مع واشنطن، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

الموساد ضد نتنياهو


وفي تل أبيب، خيّم الغضب جراء إحدى الوثائق المسربة، وهو تقرير استخباراتي أميركي جاء فيه أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي “الموساد” كان يشجع الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتلك الاحتجاجات ثارت على خلفية مشروع الحكومة لإدخال تعديلات على منظومة القضاء، والذي تعتبره المعارضة “انقلابًا قضائيًا وبداية لنهاية الديمقراطية”.

ونيابة عن “الموساد”، رد مكتب نتنياهو، الأحد” واصفًا التقرير بأنه “كاذب ولا أساس له على الإطلاق”.

وبعنوان “إسرائيل.. مسارات لتقديم مساعدة مميتة لأوكرانيا”، جاء في وثيقة أخرى مسربة أن تل أبيب “ستنظر على الأرجح في تقديم مساعدات مميتة تحت ضغط أميركي متزايد أو تدهور ملحوظ” في علاقتها مع روسيا.

وحتى الآن تكتفي تل أبيب بتقديم مساعدات إنسانية لكييف وترفض تزويدها بأسلحة لأسباب بينها، وفقا لمحللين إسرائيليين، الحفاظ على حرية شن غارات جوية إسرائيلية على أهداف في سوريا دون اعتراض من روسيا حليفة الرئيس السوري بشار الأسد.

روسيا وفاغنر


ووفقا للتسريب فإن الولايات المتحدة اخترقت وزارة الدفاع الروسية ومجموعة المرتزقة الروسية فاجنر، وجرى جمع معلومات كثيرة حول روسيا عبر اعتراض اتصالات، ما أثار مخاوف من أن الروس قد يغيرون الآن طريقة اتصالهم لإخفاء خططهم بشكل أفضل، بحسب “سي إن إن”.

وأضافت أن خرائط تحركات وقدرات القوات الروسية المدرجة في الوثائق مصدرها جزئيًا مصادر بشرية سرية، ما أثار مخاوف بين المسؤولين الأمبركيين من أن المصادر قد تكون الآن في خطر.

والوثائق تُظهر أن واشنطن كانت قادرة على اعتراض خطط الاستهداف الروسية، وبينها محطات الطاقة الحرارية والمحطات الكهربائية الفرعية والسكك الحديدية وجسور المركبات داخل أوكرانيا.

كما تمكنت من اعتراض الاستراتيجية الروسية لمحاربة دبابات “الناتو” المقرر دخولها أوكرانيا في نيسان الجاري.

وتسليط الوثائق الضوء على مخاوف أمريكية بشأن “فاغنر”، التي لديها الآلاف من العناصر في أوكرانيا وتجند السجناء الروس للقتال، كما تؤكد “استمرار نفوذ زعيمها (يفغيني بريغوغين) مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين”، كما يقول تقرير، بالإضافة إلى خطط المجموعة لتعزيز وجودها في جميع أنحاء أفريقيا وهايتي.

ووفقًا لوثيقة أخرى، تكبدت القوات الروسية بين 189 ألفًا و500 و223 ألف ضحية حتى شباط 2023، بينهم 43 ألف جندي، بينما تكبدت أوكرانيا بين 124 ألفًا و500 و131 ألف ضحية، بينهم 17 ألفًا و500 جندي، بحسب “سي إن إن”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد