تتراكم الملفات الحياتية والمعيشية على كاهل الدولة المنهوبة، التي تعيش في ظل واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدها الاقتصاد العالمي عمومًا، والأسوأ في تاريخ لبنان خصوصًا.
لم تكن كثرة الملفات وتعددها العائق الوحيد في تنفيذها ومتابعتها وحلّها، بل إن سوء الإدارة والفساد الموجود فيها و”الترقيع” الحاصل في الحلول المقدمة لها، كلها أسباب أساسية لعدم دراسة هذه الملفات بجدية وإيجاد الحلول الجذرية المناسبة للمشاكل المتعلقة بها، والدليل على ذلك أنه ما إن يتم إغلاق ملف منها يعود الصوت ليرتفع بعد فترة زمنية وجيزة. الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، كان أهمها مؤخرًا ملف التعليم الرسمي وحقوق المعلمين الضائعة.
حقوق المعلمين ضائعة ووعود الدولة تبخرت
كحال كل القطاعات في هذه الدولة، يعاني قطاع التعليم الرسمي من مشاكل كثيرة ومعقدة، باتت تهدد معيشة العاملين فيه ومعهم آلاف الطلاب، فلم يجد المعلمون سبيلًا للمطالبة بحقوقهم ومطالبة الدولة بتنفيذ وعودها سوى الإضراب والاعتصام، ومؤخرًا الدعوة للتوقف القسري عن العمل.
وبالحديث عن الأسباب الموجبة لذلك، تلخص رابطة التعليم الثانوي الأسباب بالتالي:
- عدم تنفيذ وعد الوزارة بمنح المعلمين حوافز شهرية بقيمة 130$.
- عدم دفع بدل النقل للمعلمين منذ شهر شباط 2022.
- لم يتم تطبيق الصيغة الجديدة الصادرة عن وزارة المالية والتي نصت على إعطاء راتبين بدل راتب واحد للعاملين في القطاع العام.
وأمام هذا الواقع، وبناء عليه، دعت رابطة التعليم الثانوي الى التوقف القسري عن العمل لمدة يومين (الثلاثاء والأربعاء في 29 و 30 تشرين الثاني)، منذرة بذلك المعنيين في الدولة باللجوء إلى خطوات تصعيدية أخرى ضمن “خطة مفصلة تحفظ كرامة الأستاذ في عيشه” وفق ما ذكرت مصادر الرابطة.
مستقبل الطلاب ضبابي والدولة لا تتجاوب
لم تكن نتائج الواقع الأليم الذي يعيشه قطاع التعليم قاسية فقط على المعلمين، بل هي تشمل أيضًا كما ذكرنا آلاف الطلاب الواقعين بين حدين، بين حقوق المعلمين الضائعة من جهة، وبين تخلي الدولة عن دورها ومسؤولياتها من جهة أخرى.
وعليه فإن مصير الطلاب مهدد ككل عام، واليوم أكثر من أي وقت مضى، نظرًا لما وصل إليه الحال وواقع المعلمين الذين لا زالوا يقدمون كل ما بإمكانهم لإنجاح العام الدراسي رغم الظروف والمآسي التي شهدها البلد منذ جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي الكبير وحتى يومنا هذا.
وهنا، لا بد من أن تتحرك الدولة عبر وزارة التربية وكل المعنيين بقطاع التعليم الرسمي، لتنفيذ وعودها، والعمل على تحسين أحوال المعلمين الذين صبروا وتحملوا في سبيل إنجاح الأعوام الدراسية السابقة رغم كل ما حل بالبلد، علمًا بأن الإقبال على التعليم الرسمي بات كبيرًا خلال هذه السنوات، مما يتطلب المزيد من الجهود والمتابعة والتحضيرات على المستويات كافة، والدولة في هذا الإطار لا تزال خارج نطاق الخدمة الفعلية الجدية، ولكن يبقى النداء الأخير الموجه من المعلمين ومعهم أهالي الطلاب إلى المسؤولين، أن أنقذوا ما تبقى من قطاع التعليم في هذا البلد الذي بفعل فسادكم لم يعد يصلح لشيء أبدًا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.