منذ الإعلان عن الهبة الإيرانية من الفيول والتي تتجهّز للتوجّه نحو لبنان لإنقاذه من كارثة خروج معامل الكهرباء عن الخدمة، وبعض “اللبنانيين” ليسوا بخير. حالهم محزن، تراهم مربكين، متألمين، يتلعثمون بخيبتهم إذا تكلّموا، وإذا صمتوا نطقت أعينهم بالإحباط وبالذهول. تخيّل يا رعاك الله، الفيول الآتي لم يكن كذبة كما روّجوا منذ شهور، وليس مطابقًا لمواصفات الوعد العوكري، ولا لشروط رضا البخاري، وليس معنيًا بالوقوف على خاطر “التغييريين” المكسور.
من هول الصدمة، حاول البعض منهم أن يداري أثر الصفعة الملقاة على خدّه بالقول إنّ الفيول الإيراني ليس مجانيًّا. وسنفترض أنّه كذلك رغم كونه هبة إنقاذية كريمة من دولة الكرام، ما هي “ضربة اللازم” التي لنا على الجمهورية الإسلامية والتي تجعلنا نستنكر بشدّة، وبعين واسعة، فكرة أن تبيعنا الفيول؟ هل يا ترى قدّم هؤلاء سابقًا للإيرانيين مواد أوليّة صناعية بقيمة تعادل قيمة الـ ٦٠٠ الف طن من الفيول مثلًا ثم أذهلهم أنّ إيران نكثت المقايضة؟ ماذا لو كانت هذه الكمية الآتية إلى لبنان والتي تحلّ ولو جزئيًا أزمة انقطاع الكهرباء التام عن معظم البيوت والمنشآت اللبنانية فعلًا مدفوعة وليست مجانية، هل يصبح هذا الحلّ مرفوضًا؟ في الحقيقة، بلغ هؤلاء في سقوطهم حدًّا يمزج التفاهة بالوقاحة، وإعلامهم خير دليل عليهم.
طيّب، دعنا من مجانيّة الفيول وكونه في واقع الأمر هبة تشكّل حلًّا إنقاذيًا يحتاجه لبنان اليوم قبل الغد، هل تعلمون أن المصدومين الحزانى أنفسهم يذرفون الآن دمع التفجّع على السيادة؟! عجيب أمرهم، حتى في شكل الأشياء وقشرتها يبالغون بالاستهتار بمصداقيّتهم، كأنّهم يتعمّدون لسبب خفيّ الظهور بمظهر الأغبياء المعدمين على المستوى الإدراكي. يطالبون رئيس حكومة تصريف الأعمال بالذهاب إلى السعودية والإمارات لطلب النجدة لأن الهبة سوف تُفقِد لبنان سيادته! يحوّلون المتبقي من هشيم كرامتهم إلى خرقة يمسح بها البخاري القذارات عن أرض الخيمة التي يجمعهم فيها ثمّ يتحدثون عن السيادة، بفصاحة لا نظير لها إلّا في لغة سيئات السمعة إن حاضرن بالعفة.
الارتباك واضح في كلّ تفاصيل “فوعتهم”، ويحار المرء في تفسير الدوافع التي أخرجتهم عن طورهم: هل يخافون التقريع الذي ستقذفهم به شيّا حين تستدعيهم إليها أم هم في حالة رجاء بأن تكتفي بالتقريع؟ هل يخشون البصقات التي سيمطرهم بها البخاري، أم يخافون أن يكون قد أحضر معه منشار ابن سلمان؟ إن كان الأمر كذلك، فللأمانة علينا أن نتفهّم ارتباكهم ونحاول أن نشفق عليهم، أو نستخدم تعابير وجوههم المتجهمة دليلًا نعرضه عليهم في إطار نصحهم بضرورة التطهّر ممّا يرتكبون فهو ظاهر بشكل مقزّز في ملامحهم. حسنًا، نعيد الخبر عليهم على سبيل التعبير عن البهجة: إيران ستزود لبنان بـ600 ألف طن من الفيول مجانًا مقسّمة على 5 أشهر.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.