لا تزال هزيمة العام 2000 تحفر عميقًا في وجدان العدو الصهيوني وتترك بصماتها في اتجاهات متعددة.
اول هذه الاتجاهات يشير بسهمه نحو جيش العدو وعقيدته القتالية التي تضررت بشكل غير مسبوق حتى عجزت عن ترميمها الماكينة الصهيونية المشهود لها رغم مرور حوالي ربع قرن على اندحار العدو وعملائه عن لبنان يومها.
ثاني هذه الاتجاهات أشار بسهمه نحو فصائل المقاومة التي راكمت خبرات غير مسبوقة في صراعها مع العدو وحققت سلسلة من الانتصارات منذ العام 2000 مع سقوط نظرية الردع لدى العدو وإحلال قواعد اشتباك جديدة مكانها وترسيخ معادلة ردع متبادلة بترت يد العدو الطولى وقلبت نظريته من الهجوم والتوسع نحو الدفاع والتقوقع.
ثالث هذه الأسهم أدخل فرق الإمعات المتصهينة بين ظهرانينا في دوامة من الإنكار والتبخيس بحيث تنكر ما أقر به الصهيوني لتبخس انجاز الانتصار حقه.
وفي سياق تأكيد هذه الاتجاهات الثلاثة كلها يحلو الاستشهاد ببعض شهادات الصهاينة من باب توضيح الواضحات لدينا ليس أكثر علّ الغشاوة تزول عن بعض الاعين.
فمع حلول ذكرى السنوية لانتصار أيار من العام ٢٠٠٠ استضاف إعلام العدو المقدم الصهيوني “شايل شيمش” آخر قائد لموقع مشروع الطيبة الشهير اثناء فترة احتلال جنوبي لبنان. وخلال اللقاء نشر شيمش مجموعة من صوره الخاصة أثناء خدمته ويظهر في بعضها داخل موقع الطيبة ومنطقتها.
يتحدث شيمش بإسهاب عن تفاصيل العمل العسكري للعدو في موقع الطيبة وإجراءات تأمين الموقع ومحيطه والطرقات التي تسلكها قوات العدو خوفًا من العبوات “التي اتقن حزب الله زرعها” بحسب تعبيره.
كما يتحدث شيمش بالتفاصيل عن الكمائن والدوريات والقصف وليالي الرعب والقلق التي شهدها الموقع، ليعود ويتأسف لأن هذا الموقع الاستراتيجي الشهير سقط بيد حزب الله “من دون أية معركة فعلية” في أيار ٢٠٠٠.
طبعًا المهم بالنسبة لنا هنا ما يخلص اليه شيمش من تحليلٍ لهزيمة جيش العدو الصهيوني وعمق الاثر الذي تركته. فهو يرى أن طريقة الهروب الصهيوني كانت قاسية ومذلة وحفرت عميقًا في الوعي عند الصهاينة وعند أعدائهم كما يعبر “فهم فهموا اننا سنهزم عن طريق القوة”.
ويتابع: “نتيجة ذلك رأينا الانتفاضة وحرب لبنان الثانية ٢٠٠٦، وأيضًا نشوء مشكلة قطاع غزة والحروب المتوالية فيه… نعم: صرنا نحن الضعيف الذي يخسر”.
ويختم قائلًا: “كان الانسحاب خطأ استراتيجيًّا… هو جرح مفتوح ويتسع”.
شاهد من أهل الهزيمة يتفوه بما يحاول أن ينكره المرجفون في بلادنا الواقعون تحت سطوة هزيمة نفسية فرضتها هالة متضخمة لما أسموه يومًا “الجيش الذي لا يقهر” وباتوا يأبون أن تنثلم ذواتهم وتصوراتهم ولو على حساب أمتهم ومستقبلهم.
المشروع الصهيوني دخل مرحلة غير مسبوقة مع تقوقعه خلف جُدُر وخضوعه لمعادلة ردع قيدت يده، بانتظار زوال رقيب لهذا الكيان المؤقت.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.