في مثل هذه الايام من العام ١٩٨٨ خاضت المقاومة الإسلامية ملحمة بطولية ضد العدو الصهيوني في قرية ميدون في البقاع الغربي. وبهذه المناسبة نستعرض ما ورد حول تلك الملحمة في أهم دراسة صهيونية تناولتها بالتفصيل.
اطلق العدو على عمليته العسكرية في ميدون اسمًا رمزيًا هو “عملية القانون والنظام” “Operation Law and Order”، وجاءت بعد سلسلة عمليات ناجحة للمقاومة فكانت تلك العملية بمثابة رد اعتبار ومحاولة لإعادة الامساك زمام الامور في المنطقة.
ولعل ابرز من تناول تلك العملية من الباحثين الصهاينة اثنان: غال بيرك فينكل، منسق برنامج الشؤون العسكرية والاستراتيجية في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية (الصهيوني)، واللفتنانت كولونيل الصهيوني المتقاعد خاتم أفيريم ، قائد الكتيبة 261 وطالب الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة بار إيلان.
وقد نشرا بحثًا معمقًا حول تلك العملية في مجلة صهيونية متخصصة منذ مدة، وهو فعلًا بحث مرجعي جدير بالترجمة الكاملة والنشر عندما تسنح الفرصة. وسنكتفي هنا بعرض أهم ما ورد فيه من دون الغوص في الجانب العسكري التكتيكي العملاني من خلال سير المعركة وتفاصيلها لأن هناك الكثير مما كُتب عنه.
يرى هذا البحث أن تلك “الغارة على قرية ميدون كانت عملية هجومية معقدة”، وهي “الأكبر والاوسع في لبنان منذ حرب لبنان الاولى/اجتياح 1982”. وهي أكبر عملية هجومية برية في لبنان وأكبر عملية ضد حزب الله بين حرب لبنان الاولى 1982 وحرب لبنان الثانية 2006.
كانت تلك العملية “محاولة لتقوية سيطرة الجيش (الصهيوني) على المنطقة، وكان هدفها الاضرار بأنشطة “حزب الله” وإلحاق الضرر بـ”الارهابيين” وتدمير البنية التحتية لهم في ميدون ومنطقتها”.
تولت مجموعة من الضباط الصهاينة الاعداد لتلك العملية، وكان على رأسهم يوسي بيليد، قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو والى جانبه شاؤول موفاز ودان شومرون وبيني غانتس. وتم حسم القيام بتلك العملية بعد مقتل المقدم الصهيوني شموئيل (شموليك) أديف في منطقة جبل هاردوف (مزارع شبعا) بعد اشتباك مع مجموعة مقاومة بتاريخ ٢٦-٤-١٩٨٨، وتم التخطيط للعملية بحيث تكون على مرحلتين بحسب الدراسة الصهيونية:
- المرحلة الاولى: وهي عملية “القانون” والتي صممت لخداع “الخصم” وتشتيت انتباهه و”خفض مستوى الانذار بين عناصر حزب الله في ميدون”، من خلال بعض الخطوات كتنفيذ اغارات في مناطق بعيدة نسبيًا، والبحث على جوانب الطرقات في منطقة مقتل المقدم شموئيل أديف وتوزيع منشورات تحذر السكان المحليين من التعامل مع حزب الله، وكل ذلك “بهدف الايحاء للخصم” أن الجيش “الصهيوني” سيكتفي بتلك الخطوات.
- المرحلة الثانية: وهي عملية “النظام” التي انطلقت في 4 ايار من العام 1988 وهي الجانب العملاني العسكري التي هدفت الى السيطرة على قرية ميدون وضرب قوات حزب الله التي تتمركز فيها وتدمير ما لديهم من بنية تحتية عسكرية. وهي جهد مشترك بين ألوية المظليين والمدرعات والمدفعية والطيران والاستخبارات إضافة الى مشاركة عناصر جيش “العملاء” في مراحل متأخرة من العملية. ويكشف المقال أن العدو تفاجأ من مشاركة المدفعية السورية المتمركزة في سهل البقاع في الرد على القصف الصهيوني ومساندة مقاتلي حزب الله ما دعا جيش العدو الى الرد على مصادر النيران حتى أسكتها بحسب مزاعم العدو.
كما يكشف المقال أن مقاتلي حزب الله قدموا اداءً رائعًا لم يكن الصهاينة يتوقعونه من منظمة صغيرة وهو “قتال لم يعرفوه في لبنان”، وخاصة ايام المنظمات الفلسطينية. وينقل الكاتبان قول احد الضباط الصهاينة: “فوجئت بالمستوى القتالي المرتفع والجرأة الكبيرة التي اظهرها ناشطو حزب الله”.
بعد انتهاء الكاتبين من سرد سير العمليات العسكرية وانتهاء العملية في ميدون يخلصان الى مجموعة من الدروس والاستنتاجات ويريان أن حزب الله استخلص العبر واستفاد اكثر مما فعل الصهاينة، وهذا ما سنعرضه لاحقًا بإذن الله.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.