انتقلت بولا يعقوبيان من الإعلام إلى السياسة. بالشكل هي غيّرت أدوات عملها فقط، لتواصل المسار نفسه بأدوات مختلفة. بالمضمون يمكن القول، ولا سيّما بعد المقابلة التي سجلها معها تلفزيون الجديد بالأمس، أن بولا لم تمارس في الإعلام وفي السياسة سوى التمثيل، لكنّها لم تصل في المسرحين المختلفين إلى مرتبة الاحتراف لأسباب مختلفة أبرزها غياب الموهبة.
بولا يعقوبيان مثّلت بالأمس، وبشكل ركيك ومكشوف، كلّ الطبقة السياسية التي تدّعي معارضتها. تتسلّق حيثما رأت مجالًا مفتوحًا يمكن أن تعتليه لتلعب دورًا ما. تحافظ على خطّ الرجعة مع الجميع، ولا سيّما مع جماعة المصارف. وأسباب ذلك معروفة وليست مجرد صورة عن الانستغرام كما ادعت.
تصرّ بولا على تمثيل دور الثائرة الغيفارية في استعراض متواصل. لا تتوقّف عند حقيقة انكشاف صلاتها وعلاقاتها الوطيدة بالسياسيين وبالمصرفيين، ولا التساؤلات التي طرحت حول أعمالها ومصادرها المالية. تتحدث وتشيد بحديثها بنفسها “يلي عم قولو كتير مهم”، وتحاول البقاء في وسط المواقف التي من جهة تدغدع حاجات الناس فتتحدث بتأثّر عن الدواء والطبابة وتغرق في حلم الوطن ذي السماء الصافية والعصافير التي تزقزق، ومن جهة أخرى تحابي الرموز الفاسدة ودول الخليج تحت شعار “بيهمني مصلحة لبنان”، وحين تجد نفسها في زاوية عليها أن تحسم فيها أبيضَ أو أسودَ، تبتسم بسخافة وتهرب نحو الشعار “بيهمني الناس”. أما عن أي ناس وعن أي لبنان تتحدّث، فذلك شأن آخر.
البشع في المشهد ليس في حقيقة كون بولا يعقوبيان تمثّل، بل في الوقاحة البليغة في التعاطي مع كلّ الأمور على قاعدة استغباء الجمهور والإصرار على تقديم الذات المشوّهة والمشبوهة وكأنّها ذات نقية، دون التفات إلى مدى وحدّة وضوح المشهد. هنا، بولا لا تدفن رأسها في الرّمل وتقول لا أحد يراني. هي عمليًا تشهر وجهها المفضوح بكل علامات التركيبة السياسية والاقتصادية وتقول أنا ثائرة ومعارضة وأريد أن أشارك في تأسيس منظومة جديدة، ولا بأس إن كنت أراسل السفارات وأضعها في صورة ما يحدث في البلد: “هيدا واجبنا!”. ولا بأس أيضًا بتناول رئيس الجمهورية بغمز ساخر، فتلك حرية تعبير، أما استقالة قرداحي عقابًا على رأيه، فتلك ضرورة وطنية!
ببساطة، بولا كذبت كإعلامية في لقائها الشهير بسعد الحريري يوم اعتقله ابن سلمان، يوم آثرت المشاركة في مسرحية “حريّته”، وكذبت كعاملة في السياسة والشأن العام يوم ظنّت أن المجيء إلى مجلس النواب على موتوسيكل يعفيها من السؤال عن مصادرها المالية، وكذبت يوم قدّمت نفسها كثورجية وهي تنسج علاقات متينة، تصل حدّ الزواج، بالمنظومة المصرفية، وكذبت كمرشّحة بالأمس حين أرادت أن ينسى الجميع كلّ ذلك ويتعاطى معها كوجه تغييريّ.
بولا صورة عن المنظومة التي أسّسها رفيق الحريري الأب، تتميّز بطموح عال وطاقة على تبديل الأدوات الاستثمارية، جعلاها تغيّر مجالات عملها، وتكذب في كلّها، فالمهم أن يبقى حيّز الأرباح كبيرًا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.