“الناسك” جعجع والسنّة: من عجائب السياسة اللبنانية!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد تمثّل محاولات سمير جعجع الأخيرة، كقائد لما يسمّى حزب” القوات اللبنانية” الماروني المتشدّد، تقديم نفسه كبديل لسعد الحريري في تمثيل أكثر من نصف الطائفة السنيّة في لبنان، بعد تعليق الحريري لنشاطه السياسي (مع تيّار المستقبل الذي يرأسه)، ثامن عجيبة بعد عجائب الدنيا السبع المعروفة.

وعلى الرغم من أن لبنان شهد طوال تاريخه المعاصر سياسات غريبة أو غير تقليدية بالمعايير العلمية والواقعية، من قِبل الأطراف والقوى السياسية المختلفة، إلّا أن ما أقدم عليه جعجع أخيرًا قد يرقى إلى مستوى العجيبة الكبرى حقًا. والواضح أن طرحه المستجد حول إمكانية ملء حزبه للفراغ السياسي في الساحة السنيّة “المعتدلة”، بعد انكفاء تيّار المستقبل القسري بسبب ضغوط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشديدة على زعيم التيّار، والمتواصلة منذ سنوات (قبل وبعد اعتقاله في السعودية وإجباره على تقديم استقالته)، يحمل في داخله تناقضات عديدة، تغذّيها انتهازية مفرطة من قِبل جعجع لتحقيق مكاسب سياسية تفوق حجمه الشعبي في بيئته المسيحية، بهدف الوصول إلى كرسيّ الرئاسة في المحصّلة، وتصفية حسابه المفتوح مع المقاومة وحزب الله، ومع الشيعة في لبنان عمومًا.

وما كشف عنه أخيرًا مسؤول الإعلام في القوات اللبنانية، شارل جبّور، من عداء سافر وحقد دفين على الإسلام والمسلمين عامة، وعلى الشيعة بالخصوص (بقوله إن حزب الله يحمل عقيدة تجليطة من آلاف السنين)، يؤكد على انتهازية جعجع ووصوليته هذه للوصول حصرًا إلى موقع أساسي في النظام السياسي اللبناني، مع عدم إيمانه أو اعتقاده بالعيش المشترك بين مختلف الطوائف والمذاهب في البلد، كما يزعم دومًا، هو شخصيًا، أو عبر قياديّي حزبه ووسائل إعلامه المتنوعة.

ولتصويب النقاش حول خطوات جعجع الجديدة باتجاه الساحة السنيّة “المحبطة”، بعيدًا عن الانفعالات ومشاعر الغضب أو السخرية، وهي مبرّرة عمومًا، يمكن قراءة ما حصل أخيرًا، على مستوى العلاقة المتدهورة بين حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل، ضمن الأطر الآتية:

أوّلًا: يعتقد جعجع (ومحازبوه) أن الفرصة التاريخية المتاحة له اليوم قد لا تتكرّر مرّة أخرى، بأن يكتسح الساحة المسيحية انتخابيًا، في منتصف شهر أيار القادم، على حساب الرئيس ميشال عون وجبران باسيل، وكذلك الأمر فيما يخص الساحة السنيّة، على حساب سعد الحريري (المغضوب عليه سعوديًا) وتيّار المستقبل، عبر واجهات سنيّة – حزبية أو اجتماعية- ضعيفة، وبما يتيح لجعجع الإمساك بقرار الطائفتين المارونية والسنيّة، ولو مواربة، بُغية السيطرة على القرار السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي في البلاد، من أجل مواجهة حزب الله (والشيعة)، أو عزله ومحاصرته، تمهيدًا لتحييده أو شلّ فعاليته بشكل كامل لاحقًا!

ثانيًا: يريد جعجع أن يحقّق تغييرًا أو تحوّلًا جذريًا في الواقع اللبناني، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يمكن أن يُخرج طائفته (وجماعته) من دائرة الإحباط المغلقة، والتي تهدّد الوجود الماروني في لبنان برمّته، ديموغرافيًا وسياسيًا و”ثقافيًا”، حسب قراءات جعجع و” قوّاته اللبنانية”.

وقد كشفت أحدث الدراسات الإحصائية، غير الرسمية، أن عدد المسيحيين في لبنان بات أقل من 30٪ ، فيما يشكّل المسلمون الشيعة والسنّة الأغلبية بنسبة تتجاوز 65٪؛ وهذا ما يدركه ويتابعه القادة المسيحيون بقلق بالغ منذ سنوات، ومن هؤلاء بالطبع سمير جعجع الذي يعدّ نفسه الممثّل الأوّل للمسيحيين اللبنانيين، ويتوعّد بأنه سيؤكد “هذه الحقيقة” في الانتخابات التشريعية التي ستجري في أيار 2022، حسبما هو مقرّر ومتوافق عليه بين القوى السياسية، وكما تُبرز مواقفها المعلنة.

والقصد هنا أن جعجع يريد، من خلال تذاكيه السياسي والإعلامي (وهو ليس ذكيًا كما تُثبت مواقفه وسياساته الهمايونية منذ عقود) أن يضرب عدّة عصافير بحجر واحد؛ اقتناص التمثيل المسيحي (الماروني) ولو بنسبة 60٪، بموازاة اقتناص نسبة مهمة من التمثيل السنيّ السياسي، وبما يمكّنه من تقديم نفسه كمخلّص للمسيحيين والسنّة، المحبطين من “جهنّم” التي أغرقهم فيها ميشال عون، وحليفه حزب الله؛ وبذلك يكون جعجع قد عوّض عن “كارثة” تراجع الحضور المسيحي “التاريخي” في لبنان، ولكن من “جيب” الطائفة السنيّة الأكثر عددًا بعد الطائفة الشيعية مباشرة!

ثالثًا: حسب قراءات جعجع “الخاطئة أو المضلّلة دائمًا”، فإن الفرصة سانحة أمام اللبنانيين للتخلص من المقاومة “الشيعية”، بعد ما جرى في العراق في الانتخابات الأخيرة (تقدّم التيّارات الشيعية المعادية لإيران أو الصديقة لدول الخليج والأميركيين)، بحيث يمكن تكرار السيناريو ذاته في لبنان، من أجل “دحر” القوى الموالية لإيران وسورية، انتخابيًا وسياسيًا، تمهيدًا لضمّ لبنان رسميًا في وقت لاحق للمحور المعادي لإيران والمقاومة، باعتباره المحور الأقوى، عسكريًا واقتصاديًا، والمنسجم “فكريًا و”ثقافيًا” إلى حدٍ ما مع توجهات القوى المسيحية والسنيّة المتشددة في لبنان، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار “الانفتاح المذهل” لوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان “الوهّابي” على الغرب و”الثقافة” الغربية، والدفع الأميركي والإسرائيلي الهائل الذي يصبّ في مصلحة ما يسمّى محور الاعتدال العربي، كما كشفت التطورات السياسية والدبلوماسية والأمنية الأخيرة في المنطقة (تكثيف إجراءات التطبيع الخليجي مع الكيان الإسرائيلي ومضاعفة زيارات أو اتفاقيات التنسيق بين الدول العدوّة أو المنافسة لإيران).

رابعًا: هذا السياق يفسّر تزايد الدعم السياسي والمالي السعودي (السخي أصلًا) لجعجع وماكينته الانتخابية والإعلامية الضخمة، من أجل ضمان فوزه “المفترض” في أيار 2022، حتى يتمكن من تشكيل سد منيع أمام “تغوّل حزب الله”، ويوقف على الأقل “تدخله” العسكري والأمني والسياسي والإعلامي في اليمن، والذي أسهم -حسب القراءة (البن سلمانية)- في صمود اليمنيين في مواجهة الحرب المسعورة عليهم منذ سبع سنوات، وبالتالي، ستخرج السعودية في تلك الحالة من المأزق اليمني بأدنى الخسائر السياسية والبشرية والمادية الممكنة، قبل إعلانها عن وقف الحرب بشكلٍ لائقٍ في وقت لاحق.

خامسًا: هذه الأهداف السياسية “الخبيثة” لحزب “القوات اللبنانية” لم ولن تحجبها الطروحات أو الشعارات الجوفاء التي يُطلقها جعجع ومسؤولو “القوات”، من على منابر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، مثل شعار تحرير لبنان من الفاسدين، كما من “الاحتلال الإيراني” المتمثّل بحزب الله، سياسيًا وعسكريًا و”ثقافيًا”، على الرغم من أن الشعار الأخير يدغدغ عواطف وأحاسيس الكثير من اللبنانيين، خاصة في ظل الانهيار الحاصل في البلاد على كل الصعد، والذي يتحمّل حزب الله (وداعموه) المسؤولية عنه، حسب مزاعم جعجع وفريقه السياسي؛ هذا من دون تجاهل خطورة الحقد الذي يكنّه هؤلاء للإسلام والمسلمين عمومًا، وليس للشيعة تحديدًا، كما أظهرت مواقف مسؤول الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية”، شارل جبّور، من دون أن ينجح لاحقًا في محاولة التقليل من خطورتها وتهديدها للسلم الأهلي في لبنان.

كذلك، يُخاطب الشعار المذكور تطلعات المحور العربي والخليجي، المرتبط عضويًا بالحلف الأميركي –الإسرائيلي المعادي للمقاومة، حسبما كشفت وقائع زيارة وزير الخارجية الكويتية الأخيرة إلى بيروت، والشروط غير الواقعية وغير الدبلوماسية، والتي تلاها على مسامع الجميع.

وكناتج إجمالي (افتراضي أيضًا)، يتوقع جعجع وحلفاؤه السنّة المستجدّون (مثل أشرف ريفي)، وداعموهم من العرب والدول الغربية الفاعلة في المنطقة، أن تتمكن الأكثرية النيابية المعادية لحزب الله، والتي ستفرزها صناديق الاقتراع في أيار المقبل، من تحقيق أهدافها المعلنة والمذكورة آنفًا، لتتدفّق بعدها الأموال الخليجية والأوروبية على لبنان “المفلس” ( قروضًا واستثمارات مشروطة كالمعتاد)، فتتغيّر أوضاع الناس بشكل جذري (من هنا أتى تدخّل مصرف لبنان المفاجئ أخيرًا لفرض خفض قياسي على سعر صرف الدولار كإشارة لافتة من بعض أدوات المحور المعادي للمقاومة)، وبما يقلّص من حضور حزب الله الطاغي في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويهدّد حاضنة الحزب الشعبية الصلبة، حتى داخل بيئته الشيعية نفسها.

وفي قراءة أوليّة لمواقف وتحرّكات جعجع السياسية والميدانية الأخيرة ، والتي خرقت الخطوط الحمر التي توافقت حولها أغلب القوى السياسية اللبنانية في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف (1990)، وأخطرها كان كمين عين الرمّانة، والذي كاد يجرّ البلاد نحو حرب أهلية جديدة، يمكن الخروج بالأفكار أو الانطباعات الآتية:

أوّلًا: يبدو أن القراءات “المعمّقة والروحانيّة” التي ادّعى سمير جعجع أنه قام بها خلال سنوات سجنه الطويلة في اليرزة لم تُسعفه كثيرًا بعد خروجه من السجن بعفو “سياسي”، في التحرّر من عقد عديدة لا تزال تعيق أو حتى تُفشل ممارسته السياسية، في إطار التعاطي الواقعي مع التحوّلات أو مع الأطراف السياسية الفاعلة في لبنان؛ ومن أخطر هذه العقد عقدة الانتقام الشخصي ممّن تسبّبوا بالقبض عليه وسجنه، من “قوى سياسية لبنانية مرتبطة بالحلف السوري – الإيراني”، بالرغم من إثبات القضاء اللبناني، وبأدلّة قطعية، لكلّ الجرائم المنسوبة لجعجع، وإدانته بها.

ومن هذه العقد أيضًا عقدة فشل جعجع في الخروج من أسْر هزيمته (أو هزائمه) العسكرية والسياسية خلال الحرب الأهلية، والتي استكمل فصولها الدرامية بعد إطلاقه من السجن وتشجيعه (من قِبل أطراف محلية ودول إقليمية) على المشاركة في العملية السياسية مجدّدًا؛ وهو يعتقد أن حزب الله، من خلال مقاومته وتحالفاته، هو المسبّب الأول لهزائم حزبه في عدة ميادين، وأهمها بناء الدولة أو النظام اللبناني الجديد على النسق الذي يدعو له جعجع وفريقه منذ عقود.

واستطرادًا، يمكن القول إن جعجع الذي يكنّ عداء شخصيًا للرئيس ميشال عون، على خلفية “حرب التحرير” بين “القوات اللبنانية” والجيش قبيل انتهاء الحرب في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، والتناقض السياسي الكبير بين الرجلين، لا يمكن أن ينسى تأثير الدعم الهائل الذي قدّمه حزب الله لغريمه خلال الأعوام الأخيرة، بدءًا من عقد تفاهم مار مخايل معه (2006)، والغطاء السياسي القوي الذي قدّمه عون للحزب خلال حرب تموز على لبنان في ذلك العام، وحتى فرض إيصال عون إلى كرسي الرئاسة لاحقًا؛ وهو الكرسي الذي يحلم جعجع بالجلوس عليه قريبًا، في حال سارت الأمور كما يشتهي هو وأتباعه.

ثانيًا: في الإطار السياسي الأعم، تبدو قراءات جعجع وفريقه السياسي، ومن يغطّيه أو يدعمه، من داخل طائفته أو خارجها ( من البطريرك الراعي إلى أشرف ريفي)، قاصرة أو متعامية عن قصد عن إدراك طبيعة وأبعاد التحوّلات التي حصلت في لبنان (بعد تحرير 2000 ونصر 2006)، وكذلك التحوّلات على مستوى المنطقة (من فلسطين وسورية والعراق وصولًا إلى اليمن)، والتي يصبّ معظمها في مجرى تضاعف قدرات محور المقاومة؛ ناهيك عن محاولات الفريق السياسي المعادي للمقاومة (والذي ليس له رأس ولا جسم حتى الآن مع اختفاء ما سمّي فريق 14آذار)، تجاهل التوازنات التاريخية أو التقليدية بين مختلف الطوائف والقوى السياسية، وركائزها الشعبية المتينة، بهدف فرض تغيير جذري في الواقع اللبناني، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يتناقض أو يتصادم مع تطلعات أكثر من نصف اللبنانيين من كل الطوائف والفئات، وذلك عبر تحالفات مصطنعة وموقتة لتحقيق نصر انتخابي وسياسي “شاذ”، يمكن ترجمته سريعًا، وبدعم عربي وغربي واسع، إلى واقع سياسي راسخ، داخل بُنى ومؤسسات النظام اللبناني، وخارجها ربما.

ثالثًا: أثبتت التجارب السياسية التاريخية والمعاصرة للطوائف والمذاهب والقوى الفاعلة في لبنان، عقم المراهنات على فرض توجهات أحاديّة على أي طرف، مهما كان ترتيبه في سلّم القدرة والنفوذ والعلاقات الخارجية. وهذه الحقيقة السياسية واجهتها مختلف الأطراف التي انخرطت في الحكومات المتعاقبة أو في المعارضات المتنوعة، طيلة العقود الماضية.

من هنا، وعلى فرض تمكّن “الناسك” سمير جعجع (كما سمّاه صديقه اللدود البطريرك الراعي)، من الفوز بأكبر كتلة نيابية (مسيحية – سنيّة) في الانتخابات التشريعية المقبلة، وتشكيل حكومة أكثرية تمثّل الفريق الفائز، فإن فرص نجاح هذه الحكومة تبدو ضئيلة أو معدومة، استنادًا إلى ما قدّمناه آنفًا، مع العلم بأن جعجع وكل القوى السياسية، الحليفة أو الخصمة له، تؤكد دومًا على أهمية التوافق بين المكوّنات الرئيسة في البلاد لحلّ الخلافات أو الأزمات المتناسلة، بعيدًا عن سياسات الفرض والإكراه والهيمنة؛ وهو ما واجهته حكومات الأكثرية من الفريقين الأساسيين المتصارعين، على الأقل منذ مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان، في العام 2005، وحتى مرحلة حكومة نجيب ميقاتي الحالية، التي أتت بها (مُكرهة) الأكثرية النيابية التي يُزعم أنها ممسوكة بالكامل من قِبل حزب الله، وهي بالتأكيد ليست كذلك.

وعلى هامش هذه الانطباعات المحلية، ينبغي التوقف مليًا عند التحالف غير الطبيعي أو الهجين بين القيادة السعودية “الوهّابية، وبين سمير جعجع، الماروني”الملتزم والمتنسك”، والذي لم يكن يرى في العرب سوى صحراء قاحلة؛ اللهم إلاّ بعد أن جمعت” مصيبة” حزب الله محمد بن سلمان وسمير جعجع على طاولة الحرب المفتوحة مع الشيعة على مستوى لبنان والإقليم، وبما يفوق طاقات اللبنانيين على تحمّل تبعات هكذا حلف “حربجي”، ويتناقض مع الثوابت أو التوافقات اللبنانية المعروفة. والأنكى من ذلك أن جعجع اختار حزب الله كعدو أوّل له، بعد كلّ الإنجازات التي حقّقها الحزب من أجل لبنان، والتي لا ينكرها أي عاقل، وأبرزها دحر الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب وكبح جماحه العدواني منذ العام 2006، وكذلك دحر جماعات “داعش” التكفيرية والتدميرية عن حدود البلاد قبل أعوام قليلة، بالتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني الوطني.

إن الحوار الموضوعي والمفتوح حول القضايا الاستراتيجية والأساسية بين اللبنانيين، مثل طبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي البديل عن النظام الطائفي الحالي، والفاشل بكل المقاييس، وكيفية حماية لبنان من خطر الكيان الإسرائيلي الدائم، ومن أطماعه في غاز ونفط ومياه لبنان (ضمن استراتيجية دفاعية محكمة)، وتحديد علاقات الدولة اللبنانية الإقليمية والدولية بما يتناسب مع مصالح اللبنانيين وتطلعاتهم، هو السبيل أو الخيار الوحيد أمام القوى والفعاليات اللبنانية للخروج من النفق المظلم؛ ولن تتمكن أي أكثرية منبثقة عن الانتخابات المقبلة من فرض أي خيارات بديلة، سواء بالسياسة أو بالذراع العسكرية للدولة، بذريعة ضرورة الاستجابة الفورية لشروط المجتمع الدولي (والعربي)، بنزع سلاح المقاومة، تمهيدًا لفك الحصار الخانق عن لبنان.

وفي الختام، فإنّ اللبنانيين المحبطين والمسحوقين مدعوّون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ومن أجل تجاوز أهوال سنين أو ربما عقود سوداء جديدة عليهم، وعلى أجيالهم الآتية، إلى أن يُحكّموا عقولهم وضمائرهم، قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع في أيار 2022 (إذا ما جرت الانتخابات)، لاختيار أشخاص ورجالات دولة أحرار وأنقياء -من خارج المنظومة السياسية التقليدية التوريثية أو الفاسدة والخاضعة لمغريات المال والسلطة- وممّن يؤمنون بلبنان كوطن نهائي لكلّ أبنائه، وبالدولة السيّدة والعادلة والقوية (بشعبها وبمقاومتها)، والملتزمة بالثوابت العربية والقومية والإنسانية، في مواجهة الأعداء الحقيقيين للبنان، الذين عاثوا فيه فتكًا وتدميرًا منذ عقود ولا يزالون. واللبيب من الإشارة يفهم.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد