من حق المواطن اللبناني اليوم السؤال عن الأسباب الحقيقية لارتفاع سعر تنكة المازوت بهذا الشكل الكبير مقارنة بالسعر العالمي علمًا أن مادة المازوت في لبنان معفاة من الرسوم الجمركية، ومن رسم الاستهلاك، ومن الضريبة على القيمة المضافة، فلماذا هذا الارتفاع؟ وما هي الأسعار في الدول المحيطة، التي تدعم هذه المادة وتلك التي لا تدعمها، أو تفرض رسومًا عالية على استهلاكها؟
نستعرض هنا أسعار هذه المادة في الدول القريبة منا جغرافيًا، وتلك الشبيهة بنا من ناحية الاقتصاد وافتقارها الى هذه المادة:
وللمقارنة مع تركيا، والتي هي الأقرب، تبلغ رسوم الاستهلاك والضرائب في تركيا على تنكة الديزل حوالي 2.15 دولار أميركي، مما يعني أن سعرها دون هذه الرسوم يبلغ حوالي 13.29 دولار أميركي بينما يبلغ في لبنان اليوم 14.20 دولار أميريكي تقريبًا.
الملفت هو الفارق الكبير بين سعر تنكة الديزل في لبنان وبين سعرها في سوريا، مما يعني أن هذه المرة يمكن أن تنعكس عملية التهريب الى الداخل اللبناني.
للوقوف عند الأرباح التي تحققها الشركات التي تتعاطى هذا النشاط سنعرض أسعار هذه المادة من المصدر، أي من المصافي، ومن ثم نضيف إليها أسعار الشحن والتأمين لإيصالها الى البلد المستورد.
يبلغ سعر الطن تسليم المصافي حوالي 400 دولار أميركي تضاف إليه كلفة الشحن البالغة حوالي 8 دولارات للطن و3 دولارات كلفة تأمين، هذا يعني أن كلفة الطن واصلًا الى دولة الاستيراد هي في حدود 411 دولارًا أميركيًّا، مما يعني أن كلفة التنكة هي في حدود 8.22 دولار أميركي بينما تباع اليوم في لبنان للمستهلك بسعر حوالي 14.20 دولار أميركي، أي بفارق ربح 5.98 دولار أميركي. هذه الأرباح موزعة بشكل أساسي على المستوردين أصحاب حصة الأسد، الموزعين المحددة جعالتهم من قبل الوزارة، والتي لا تتجاوز أيضا 0.20 دولار أميريكي ، وأصحاب المحطات والمحددة أيضًا جعالتهم من قبل الوزارة وتبلغ اليوم حوالي 0.25 دولار، وهذا يعني أن أرباح المستورد تبلغ:
صافي ربح المستورد في التنكة الواحدة 5.53 دولار.
في الواقع هناك عدة أسئلة مطروحة وفقًا لهذا الواقع والأرقام:
السؤال الأول: أين دور الوزارة؟ ولماذا لا تتدخل في هذه الحالة وتخفض من سعر البيع عبر الاستيراد المباشر من دولة الى دولة، وبالتالي إعادة التوازن للسوق ومنع الاحتكار، لكن طبعًا وفقًا لآلية شفافة يتم معها تكليف مكتب تدقيق خاص بالرقابة على هذه العمليات وإصدار تقارير مالية خاصة بهذه العمليات لمنع السرقات والهدر، وبالتالي إصدار بيانات مالية واضحة لتبيان حجم أرباح هذه العمليات؟
السؤال الثاني: أين دور وزارة الاقتصاد في مراقبة الأسعار، وتحديد حجم الأسعار للشركات، وبالتالي منع الاحتكار وتجاوز الأرباح المشروعة قانونًا؟
السؤال الثالث: عملية الاستيراد التي يقوم بها بعض الأطراف، على أساس كسر الاحتكار وإيصال هذه السلعة لمستحقيها بسعر معقول قريب من سعر الكلفة، لماذا رأينا في الواقع أن السعر المعروض من قبلها تجاوز بأكثر من 70 بالمئة سعر الكلفة؟
بانتظار الإجابة عن هذه الأسئلة يبقى المواطن وحده من يدفع الثمن.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.