ما أبشع صباح الخبر الموجع.. رحيل سماح إدريس

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مات الحارس الوفي سماح إدريس. صباحك اليوم من وجع، ومن سواد النور، ومن دموع جامدة حركتها وذوبتها وذبحتها على شبابك النضال، وعلى شبابنا المنهار. كنا ننتظر منك الدفاع عن حقوق الشرفاء ضد إسرائيل وضد المطبعين المطبلين، وضد المتسكعين في الثقافة الباهتة.

سماح إدريس الصديق هكذا تغادرنا ونحن لم نعد نحن، وترحل وتتركنا في وحول التآمر، ومن حولنا فلسطين ترتشف الانتظار، كانت وما زالت تنتظرك يا عاشقها، ومدرّس قيمتها ومعانيها وكل أنفاسها.

يا صديقي المحترم! لماذا بكرت الرحيل وفلسطين لم تحرَّر، والمقاومة يطعن بشمسها تحت حجة ثقافة المرحلة أغنياء التطبيع. لقد كسرت العمر برحيلك، وجوّفت أعمارنا، وترجلت دار الآداب تحت شجرة اعتقدنا أنك حارسها وزارع حروفها وراعي كلماتها وراوي الماء فيها.

قل لي يا سماح إن الخبر هو الكذبة، قل لي إن الصهاينة لن يصاب حقدهم بفرح بشتيمة غيابك، قل لي إننا لن نتمكن منهم إلا إذا سرنا على نهجك، قل لي إنك تنتظر خلف نافذة الوجع بفرح الانتصار.

للأسف، الموت هو حقيقة لا سراب فيها، ولا أمنيات ولا تمنيات، بل صفعة في وجه الحياة، وكونك يا سماح لكمة في صفحة من التاريخ نحن الأكثر حزنًا.

في رحيلك انكسر الفضاء الثقافي، وتراكمت هزيمة جديدة، وانتصر الموت كعادته رغم أنك تحديته بالصبر والأمل والانتظار.

ربما لم تعد الكلمة ذات قيمة من دون حوافز الحرية التي زرعتها فينا. يا فارسًا ضد مشاريع التطبيع، وغيرك نيام في هزيمة الأوهام. يا غارقًا في حب فلسطين وبعض أصحاب فلسطين يخونون فلسطين وما أكثرهم. يا راية فيك انطوت الرايات بين الكلمة والنضال.

زاويتك الإنسان، ومنزلك البيروتي أصبح الكيان، وملفاتك هي إنسان لا يجامل، وبكرامته ثقافة حقيقية وليس ثرثرات لغة عربية باهتة.

نجلس معًا وبيروت حاضرة، نتحاور والكلمة في ضيافة الروح، والابتسامة سلام النفس، والنظرات أكثر حيرة، وأكثر من انتظار.

الغالي سهيل إدريس، ذاك الوالد الحر ينتظرك بفارغ الصبر، لكنه يعيش الخوف على ما تبقى من عرب ودين وحكاية دار الآداب، حيث الموت في بلاد قيل فيها الشرق، وأرض رفعت الحرف حتى أصبح الموت فيها هو التمني، يا مناضل المثقفين، يا سماح إدريس.

صديقي! لم يعد للكلام أزميله الذي عودتنا أن نحفر به. باختصار صباحك صفعنا، ورحيلك اللحظة الحرجة أربكنا.

صديقي! رحيلك هو إحباطي، والآن الوجع يهزني، يغمر كياني، ولا أعرف ماذا سأفعل. كنت أنام والراحة نوعًا ما حاضرة لكونك أمينًا وساهرًا تراقب وتحارب وتقاوم أعداء الحرف والأرض والوجود. لن نفيك حقك، ولم تسقط، لكنك رحلت، وأخذت منا قطعة غالية لا أعرف وصفها.

سماح إدريس وداعًا، وحتى نلتقي هناك، والمساحة التي تركتها كبيرة، وما أبشع صباح الخبر الموجع، سماح إدريس قد رحل، ماذا؟!

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد