قبل قرن من الزمن ونيف ابتلي العراق بالمسز بيل التي كانت سكرتيرة المندوب السامي “الحاكم الفعلي” البريطاني في العراق البرسي كوكس.، هذه المرأة الشمطاء كان لها دور كبير في تأسيس ورسم سياسة الدولة العراقية التي تشكلت في العام (١٩٢١)، ونصبت ملوكًا وأبعدت آخرين وعينت رؤساء وزراء ووزراء في الدولة العراقية، وأُوكلت لها مهمة اللقاء بكافة الزعماء العراقيين الدينيين والسياسيين والعشائريين ونخب المجتمع الأخرى من مختلف الأديان والمذاهب والقوميات لتأخذ منهم المعلومات بسخاء عراقي غريب، وتقدم لهم الاستشارات الملزمة في أغلب الأحيان بنفس المستوى الأول من السخاء، وكان بعض هؤلاء الزعماء يتعامل معها بحميمية شرقية حارة جدًا لم تستغربها بيل السيدة البريطانية المتغربة من أجل إدارة مستعمرات بلادها المترامية الأطراف.
قدر هذه البلاد غريب جدًا!
بعد قرن من الزمن من عمر دولة العراق الأولى، تأتي سيدة أخرى لتمارس نفس الدور وبنفس الطريقة على العراقيين أنفسهم وهم عاجزون نوعًا ما عن لجم هذا الدور التخريبي الفتاك الذي يعطل دولتهم الجديدة ويدق فيها إسفين الفرقة والخراب والتراجع والوقوع بين فكي المستعمر من جديد.
بلاسخارت السياسية الأوروبية المخضرمة التي تحولت إلى سياسية أُممية تتحرك في العراق -بحكم طبيعة عملها- بحرية تامة، تلتقي وتزور وتُفتح لها الأبواب الموصدة لكي تطلع على ما لا يطلع عليه أي عراقي معني بشؤون بلاده. هذه المرأة الشمطاء هي الأخرى تراقب وتطلع وتجمع المعلومات لتقدم بعد ذلك استشارات يبدو أنها ملزمة للجميع عراقيين وغير عراقيين بالتنفيذ دون أي تردد.
هذه المرأة تبدي رأيها بجميع القضايا العراقية وتقرر وعلى العراقيين جميعًا تنفيذ قراراتها على طريقة نفذ ولا تناقش!
أنا أسمع عن دور بلاسخارت أنه استشاري فمَن الذي منحها هذا الحجم غير المحدود من الصلاحيات؟
مَن الذي خولها أن تكون مندوبًا ساميًا “حاكمًا فعليًا” على العراقيين، وتتدخل في تظاهرات العراق على طريقتها بعيدًا عن أحقية هذه التظاهرات من عدمها، وتتدخل في انتخابات العراق على طريقتها بعيدًا عن نزاهة هذه الانتخابات من عدمها؟ ولعلها تتدخل في بعض التعيينات المهمة في الدولة العراقية على طريقتها بعيدًا عن وطنية هذه التعيينات العراقية من عدمها.
لقد دفعنا ثمن تدخلات المسز بيل ثمنًا باهظًا قبل قرن من الزمن فهل سندفع الثمن باهظًا هذه المرة أيضًا من تدخلات المسخ بلاسخارت؟
هذا ما يحتاج إلى جواب وطني عراقي.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.