إحياء ذكر الشهداء في إيران: تجارب ثورية رائدة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

“شوق التحليق”
سألتْني هل ستذهب الى ضريحه؟ قلت لها كلا، لماذا؟ قالت أريد أن تضع وردة هناك. قلت لها قبره بعيد جدًا في قزوين وهي تبعد عن طهران مسافة طويلة. ألحت عليّ لكن لم أعدها. خلال سفري بقي الأمر في ذهني إلى أن قررت أن أحقق لها أمنيتها، فابنة عمي التي كان عمرها عشر سنين حينها تابعت مسلسل “شوق التحليق” الذي يروي سيرة الطيار عباس بابائي على قناة المنار. وكان هذا العمل كفيلًا بأن يترك فيها أثرًا وترغب في وضع وردة على ضريحه. هذا الشهيد الذي تعرفت عليه لأول مرة عن طريق الأخ حسين أحد شباب التعبئة الإيرانيين عام ١٩٩٩ عندما أهداني كتاب قصص من حياته “پرواز تا بى نهايت” (سفر إلى ما لا نهاية) وكان أول كتاب أقرؤه عن قائد شهيد إيراني.

بوستر فيلم شوق التحليق

“منصور”
بالأمس، تحقق حلم آخر وهو “منصور” في فيلم سينمائي من انتاج منظمة “أوج” الإيرانية التي لا تزال كل عام تفاجئ الجمهور بمجموعة من الانتاجات الجريئة في مجال السينما والمسلسلات وغيرها. “منصور” الذي يعرض الآن في الصالات في طهران، كنت قد قرأت كتاب قصصه منذ عشرين سنة وترجمت بعضها ووزعته بين رفاقي وتناولنا ذكره في كثير من الجلسات في الكشاف والتعبئة.

إنه قصة الجنرال منصور ستاري الذي تسلم قيادة القوة الجوية في الجيش الإيراني لثماني سنوات حتى استشهاده عام ١٩٩٥. ستاري كان أحد رجالات إيران الذي صنع تحولًا في الصناعات العسكرية وأنتج أول طائرة حربية بمهندسين إيرانيين بعد سنوات من الحصار وفقدان القطع وفشل المؤسسات الوطنية في تأمين البدائل. في الفيلم يظهر أسلوبه في كسر القواعد ومحاربة الفساد الداخلي والالتفاف على العقوبات وجذب المهندسين المحترفين من القطاع الخاص ومحاربة البيروقراطية. وكان لقائد الجيش الإيراني الجنرال أمير موسوي بعد مشاهدته للفيلم تصريح هام ذكر فيه عدة نقاط:

مشاهدة هذا الفيلم تشعرنا بتحسن، وتفجر مرة أخرى بداخلنا كل تلك الأشياء التي تراكمت فينا ضمن سنوات الدفاع المقدس، لكي نستطيع مواصلة ذاك الطريق بشكلٍ أفضل وأقوى وأسرع وأكثر صلابة. بمشاهدة فيلم “منصور” نستطيع أن نخبر جيل اليوم والأجيال القادمة عن العقبات التي واجهها هذا البلد وما الصعوبات التي تجاوزها وكيف يمكن بالإخلاص والمكافحة دون ملل أو كلل محاربة الأشخاص الذين كثيرًا ما نظنهم على ظاهرهم أنهم في جبهتنا لكن بوعي أو دون وعي يخدمون جبهة الغرباء، واجتياز الصعوبات الحالية والصعوبات التي ستواجهنا في المستقبل، لكي نستطيع مواصلة الكفاح في سبيل تحقيق أهداف وتطلعات وفكر الثورة الإسلامية. ولو كان قرار اختيار الاسم بيدي لكنت اطلقت اسم “نكبات القائد” على الفيلم لأن معظم القادة تقريبًا، سواءٌ في الماضي أو الحاضر، يواجهون كوارث من هذا النوع.

إن انتاج “أوج” لفيلم حول قائد من الجيش نقطة جيدة جدًا وباعثة للأمل، وواعدة بأن هذه الانطلاقة بعد الآن ستواصل دربها بصلابة وبركة وتنسيق أكثر، ليتوضح لشعبنا أنه فعلًا من اليوم الأول لانتصار الثورة الإسلامية وإلى يومنا هذا كان الجيش والحرس كالأخوين جنبًا إلى جنب، وعرض منظمة “أوج” لهذه العلاقة والأخوة يعتبر مسارًا جديدًا وخطوة مباركة جداً.

“ابكي وحدكِ”
قبل عدة أيام صدر عن موقع الامام الخامنئي تقريظ كتاب “ابكي وحدكِ” وهو مذكرات السيدة أشرف السادات منتظري والدة الشهيد محمد معماريان. يقول القائد: “بشوق وعطش، قرأت هذا الكتاب المذهل وغسلتُ عينيّ وفؤادي. كل شيء في هذا الكتاب رائع: الرواية رائعة، الراوِية رائعة، الكتابة رائعة، ذوق التحرير رائع، الصياغة رائعة، الشهيد ونظرة الشهداء الرحيمة إليه وإلى والدته في منتهى السموّ والرفعة… ليس هناك ذخر روحي للبلاد والشعب والثورة الإسلامية أسمى من هؤلاء (الشهداء). الذخيرة القيّمة الأخرى هي قدرة السرد والكتابة اللطيفة التي كانت تستلزمها قصة الحب الأمومية هذه”. [2021/2/28]

بوستر فيلم ابكي وحدكِ

البحث عن الشهداء
حدثني اللواء باقرزاده عن التفحص فقال: زرت كل دول العالم في إطار علاقاتنا مع المؤسسات الشبيهة لنا للتفاوض والاستفادة من خبراتهم، فتفاجأت أنه في أغلب هذه الدول تترك جثث القتلى التي فقدت في أرض المعركة ولا يتولى أحد البحث عنها وإعادتها إلى أهلها. أما نحن في إيران فقد باشرنا هذا العمل من أول يوم بعد الحرب عام ١٩٨٨ وما زلنا حتى اليوم، وقد انتشلنا أكثر من ثلاثين ألف جثمان شهيد وبقي القليل، ومستمرون حتى نفرح قلب كل أم وعائلة فقدت عزيزها في الحرب.

يوم الشهيد
وفي يوم الشهيد [2021/11/11] قال السيد نصر الله: “ببركة هؤلاء الشهداء في بيوتنا، في مدننا، في قرانا، في أحيائنا، في عائلاتنا وعشائرنا، في كل مناطقنا، ببركة هؤلاء الشهداء هناك عاطفة، هناك حب، هناك عشق، هناك آثار نفسية، هناك روح لا تموت وعيون تذرف الدموع وقلوب تخفق بالحب وبالشوق لهؤلاء الأحبة الذين غادرونا. هؤلاء أيضاً ثروة ثقافية وفكرية لنا، اقرأوا وصاياهم، لا تستصغروا أعمارهم وتقولوا هذا ابن 16 وهذا 18 وهذا 19 ماذا سيكتب؟ اقرأوا وصاياهم، كان الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) يُوصي بقراءة وصايا هؤلاء الشهداء ويقول إنّ قلب الإنسان وعقل الإنسان يهتزان عندما يقرأ هذه النصوص”.

يقول الإمام الخامنئي إن فضل الحفاظ على ذكر الشهداء والعذاب والجهد في هذا المجال ليس أقل من فضل الشهادة نفسها، وإن عذابات الإمام السجاد والسيدة زينب عليهما السلام لسنوات هي من هذا القبيل.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد