وصلت المفاوضات بين مصر وأثيوبيا إلى طريق مسدود فيما يتعلق بملء “سد النهضة”، ما اعتبرته مصر مسًّا بأمنها القومي، بل ذهبت بعيدًا لتعلن أنّه “مسّ بالأمن القومي العربي”. كل هذه الأحداث المتسارعة تنذر بتدخل عسكري مصري – سوداني لمنع التنفيذ عبر ضربات جوية –الأقرب إلى الواقع– تشل عمل السد حتى إشعارٍ آخر. وأمام الترسانة العسكرية المصرية الكبيرة (جويًا، وبحريًا، وبريًا) تقف أثيوبيا بدفاع جوي متوسط التسليح والخبرة القتالية.
قام رئيس وزراء إثيوبيا خلال السنوات الماضية بتعزيز قدرات بلاده الدفاعية عبر شراء منظومات ودمجها جميعًا لتعمل بشكل متكامل عبر فرق مدربة ونشرها حول السد وأطلق عليها “منظومة النيل الأزرق” لتكون خط الدفاع بوجه قوة مصر العظمى.
المنظومة الإسرائيلية
تتألف المنظومة الدفاعية الأثيوبية من مزيج من المنظومات الروسية التي تعمل معًا ومنظومة إسرائيلية تعمل على حِدة.
قامت إثيوبيا في تموز/يوليو 2019 وبالتعاون مع إسرائيل بتركيب “منظومة سبايدر – SPYDER Mr” عبر شركتي ” أنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة” و”شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية – IAI” حول سد النهضة مع نظام توجيه عبر “رادار إلتا – ELTA Radar” الإسرائيلي ما يجعله قادرًا على رصد الطائرات التي تحلق على مستويات منخفضة ومتوسطة والطائرات من دون طيار والصواريخ الجوالة كروز. يعمل مع المنظومة “رادار ثلاثي الأبعاد” قادر على تعقب حتى 500 هدف في آنٍ واحد، ومدعّم بمنظومات لمقاومة التشويش الإلكتروني بالإضافة لنظام التعرف على الصديق والعدو ” IFF”. ويمكن للمنظومة الإسرائيلية استخدام نوعين من الصواريخ وهما، “بايثون 5 Python” مزود بنظام توجية بالأشعة تحت الحمراء ومدى يصل حتى 20 كلم، وصاروخ “ديربي Derby” موجه بالرادار النشط ويصل مداه حتى 50 كلم. تعمل هذه المنظومة بشكل منفصل بسبب اعتماد تلك المنظومات على تكنولوجيا سوفييتية قديمة.
المنظومات الروسية
تمتلك أثيوبيا منظومتين كانتا العمود الفقري قبل استقدام المنظومة الإسرائيلية وهما “بانتسير Pantsir-S1″ و” منظومة S-300 PMU”. سعت أثيوبيا لتطوير هذه المنظومة “بانتسير” في السنوات الماضية لتلبي حاجتها بحماية السد من أخطار الصواريخ والقنابل الموجهة بالإضافة للصواريخ الجوالة. تصل القدرة الدفاعية للمنظومة حتى 20 كلم وهي مزودة بـ 12 صاروخ طراز “57E6″ بمدى 18 كلم وسقف ارتفاع 15كلم ومدفعين ذاتيي الحركة طراز ” 2A38M” عيار 30 ملم. يبلغ مدى الفعلي للرادار 80 كلم، مع قدرة اشتباك مع 6 أهداف في الوقت عينه. أما “منظومة S-300” التي اشترتها أثيوبيا في الأعوام الماضية بقدراتها العالية فيمكنها حماية السد من الصواريخ الباليستية والمقاتلات.
ولا تتوقف الترسانة الإثيوبية على هذه المنظومات فهي تمتلك أيضًا منظومات قديمة أرض – جو بعيدة المدى طراز S-75 وقصيرة المدى طراز “بيتشورا S-125” ومنظومات أخرى روسية متعددة اشترتها سابقًا في عهد الاتحاد السوفييتي كـ “SA-2، SA-3” التي تعمل على حماية القواعد العسكرية والمطارات والمناطق الحيوية، وصورايخ “أرض – جو” محمولة على الكتف “MANPADs” للدعم القريب والحماية من المروحيات.
تفتقر إثيوبيا إلى قوة جوية فعّالة تمكّنها من تكملة شبكة الدفاع الخاصة بها، بحيث يتكون تسليحها الجوي من 7 أسراب قتالية من مقاتلات قديمة من طراز MIG-23 وSu-27 بالإضافة لطائرات الدعم الأرضي Su-25 وأعداد مختلفة من المروحيات بتجهيزات لا يمكن الاعتماد عليها نتيجة الشكوك بأوضاعها التشغيلية وإمكانية النجاح والتكامل مع المنظومة الدفاعية.
أمام هذه المنظومات، تبقى مصر قادرة على القيام بخطوات كبيرة في الجانب العكسري إذا وصلت الأمور إلى طرق مسدودة. فهي لديها أنظمة ومعدات قادرة على التعامل مع المنظومات الدفاعية عبر أسلحة وذخائر متطورة ومزيج من مقاتلات روسية وفرنسية وأميركية الصنع من طرازات مختلفة “F-16A/C – Rafale – MIG-29 – SU-35SE” المزودة بصواريخ كروز “ستورم شادو Storm Shadow” بريطاني الصنع ومنصات حرب الكترونية “Beech 1900″ وطائرات قيادة وإنذار مبكر ” أواكس E-2C”.
يبقى الخيار العسكري لدى مصر والسودان الخيار الوحيد إذا فشلت المفاوضات مع أثيوبيا، لتكون المنطقة مقبلة على نزاع عسكري جديد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.