الحلف الإسلامي بين باكستان والسعودية وإيران: نحو محور إقليمي جديد؟
في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد الجيوسياسي العالمي، برزت مؤشرات على تقارب غير مسبوق بين ثلاث قوى إسلامية رئيسية: المملكة العربية السعودية، وباكستان، وإيران. هذا الحلف –إن تبلور فعليًا– قد يشكل تحوّلًا استراتيجيًا مهمًا في المنطقة الإسلامية والعالم. فهذه الدول الثلاث تمثل ثقلاً دينيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا، وتاريخيًا لا يمكن تجاهله.
أولًا: أسباب نشوء الحلف
- التغيرات الجيوسياسية العالمية
مع تراجع الحضور الأميركي النسبي في الشرق الأوسط وآسيا، وتزايد النفوذ الصيني والروسي، بدأت الدول الإسلامية الكبرى في البحث عن بدائل استراتيجية تضمن أمنها واستقلال قرارها. - رغبة في إنهاء الانقسامات الطائفية
يُمثّل هذا الحلف فرصة لطي صفحة الصراعات السنية الشيعية، خصوصًا بعد التوترات الطويلة بين السعودية وإيران، والتي انعكست على معظم النزاعات في المنطقة مثل اليمن وسوريا والعراق. - التقارب الاقتصادي
باكستان بحاجة إلى استثمارات خليجية، والسعودية تسعى لتنويع شركائها، وإيران بعد رفع بعض العقوبات تبحث عن أسواق جديدة. هذا يُمهّد لتقارب اقتصادي يخدم مصالح الجميع. - التحديات الأمنية المشتركة
الإرهاب، والتطرف، والمخدرات، وانتشار المليشيات، كلها قضايا تؤثر على أمن الدول الثلاث. التعاون في هذا الإطار يبدو ضرورة استراتيجية لا رفاهية.
ثانيًا: مؤشرات التقارب والتحالف
استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية:
برعاية صينية، شهد العالم في عام 2023 اتفاقًا تاريخيًا بين الرياض وطهران، مما فتح الباب أمام تعاون أوسع.
زيارات دبلوماسية رفيعة:
تبادلت الدول الثلاث زيارات لمسؤولين رفيعي المستوى، تمحورت حول قضايا الأمن، والطاقة، والاستثمار.
مناورات عسكرية مشتركة محتملة:
هناك تقارير غير مؤكدة عن نوايا لتنظيم تدريبات عسكرية ثلاثية، ما يُعد مؤشرًا قويًا على تحالف استراتيجي.
ثالثًا: الإيجابيات المحتملة لهذا الحلف
- تعزيز الوحدة الإسلامية
تجاوز الخلافات العقائدية والطائفية يعيد الأمل في مشروع “الأمة الإسلامية الواحدة”، الذي غاب لسنوات بسبب الصراعات السياسية والمذهبية. - التوازن في المنطقة
الحلف يمكن أن يكون قوة موازنة للنفوذ الغربي أو الإسرائيلي أو حتى التركي في بعض الأحيان، مما يمنح العالم الإسلامي صوتًا أقوى. - التكامل الاقتصادي
فتح الأسواق، وتطوير مشاريع طاقة مشتركة، وإنشاء مناطق تجارة حرة بين هذه الدول، سيكون له أثر كبير في دفع عجلة التنمية. - محاربة التطرف
التعاون الأمني والاستخباراتي يفتح الباب أمام مقاربة موحدة لمحاربة الإرهاب والتطرف الذي يضرب الجميع بلا استثناء.
رابعًا: الانعكاسات الإقليمية والدولية
تراجع الهيمنة الغربية في ملفات المنطقة.
تغيير خريطة التحالفات: قد يتأثر النفوذ الأميركي في باكستان والسعودية.
ضغوط إسرائيلية: أي تقارب بين السعودية وإيران سيُقابل بقلق شديد من تل أبيب، خاصة مع الحديث عن مشاريع نووية سلمية إيرانية وسعودية.
مواقف الدول الخليجية الأخرى: من المحتمل أن تُبدي دول مثل الإمارات، أو قطر، أو الكويت مواقف متباينة، إما بالانضمام أو بالتريث.
خامسًا: تطور الحلف ليشمل دولًا عربية وإسلامية أخرى
هناك احتمال واقعي أن يتوسع هذا الحلف ليشمل دولًا مثل:
مصر: بثقلها العربي والتاريخي.
تركيا: رغم تناقضاتها مع إيران، إلا أن مصالحها الاقتصادية والأمنية قد تدفعها للتعاون.
إندونيسيا وماليزيا: كقوى إسلامية آسيوية مؤثرة.
الجزائر: لما تملكه من موارد بشرية وطبيعية هائلة.
ويُمكن لهذا الحلف أن يتطور إلى:
اتحاد إسلامي اقتصادي مشترك.
تحالف دفاعي يشبه الناتو الإسلامي.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.